لا حديث اليوم في المدينة إلا عن طنجة الكبرى، و المشاريع التي تحبل بها حقيبة الوالي، و التي لا يعلم جنس ما في أحشائها إلا هُوَ، و بعض من الذين قضوا زمانهم بين جدران مكاتب الولاية، في راحة واستجمام، قبل أن تخرجهم قرارات اليعقوبي إلى ساحات العمل وتتبع الأوراش، و كل حسب تخصصه. الكل يحلم بطنجة مدينة المشاريع، وعاصمة التجارة والصناعة والسياحة والملاحة...، المهم، كل يحلم حسب مزاجه، وحسب محله من الإعراب في جملة الأوراش المزمع فتحها بالمدينة. ولا شك أن الوسائط، ووسائل الاتصال تشتغل الآن بوتيرة سريعة، لمعرفة مخططات التهيئة، ومحاولة التأثير فيها، للاستحواذ على الأراضي التي ستصبح في القريب ذات أهمية بالغة، و قيمة عالية. وهذا ما عهدناه بالمدينة منذ أن ابتلاها الله بأناس حصدوا أراضيها وغاباتها حصدا، وقدموها في أطباق شهية لبطون لا أضلع تحصرها، فحولوها إلى اسطبلات بطوابق، في تناقض كبير بين ما يُسَوَّقُ لها إفتراضيا وما يُفْعَلُ فيها واقعيا. و عندما نقول إسطبلات، فإننا نقصد في القول كل البنايات التي أقيمت على أساس أنها ستعالج مشكل السكن، بيد أنها زادت من تفاقمه، وصرنا بسبب ثاني قطب اقتصادي، وفي زمن السكن الاقتصادي الذي انتشر بيننا كالبرص، نجد أكثر من أسرة في شقة واحدة، يقتسمون الغرف، ويتناوبون على استعمال المراحيض والمطابخ ، بل وصار كل من يمتلك منزلا إلا وأعاد تقسيم شققه، وأخرج من كل شقة إثنتين أو أكثر، واكتراهما بالشيء الفلاني، وهكذا، صارت الكثافة السكانة غير متوازنة في الكثير من مناطق المدينة، و صار الاستيطان هو الإسم الحقيقي لما يحدث ب "العوامة" و" مغوغة " و"مسنانة" و" الزياتن" وعلى امتداد الساحل الأطلسي من " اكزناية " إلى " الهوارة "، وبكثير من مناطق طنجة الجميلة، التي تحولت إلى مستوطنات مهجورة، احتلها المشردون، وكثير من المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين. و لكم في الزياتن خير دليل، فبعض المجمعات هناك تحولت إلى شبه مقاطعات إفريقية، لا أثر للمغاربة بين المقيمين بها. و كل هذا بسبب ثاني قطب اقتصادي، و في زمن السكن القتصادي. برنامج طنجة الكبرى جعل الناس يعيشون المستقبل في زمن الحاضر، دون الحاجة إلى آلة السفر عبر الزمن - الخيالية -، و هذا طبعا من عبقرية المغاربة، فتقلصت بشكل ملحوظ عمليات بيع و شراء العقارات، و بالتأكيد لا شأن لأية أزمة اقتصادية بالموضوع، فالأمر مرده إلى الطمع في زيادة الخير خيرين، و ذلك يتطلب طبعا انتظار سنة 2017، الموعد المحدد لاكتمال البرنامج، و مولد طنجةالجديدة، بمواصفات المدن العالمية، لكن بمجتمع أغلبه لا يفرق بين الحضارة و الحضيرة. مجتمع يتبول في أي مكان، و يتغوط أين ما كان، و يتقيأي حيث كان، و يرمي نفاياته في كل مكان !، مجتمع ابتُلِيَت به طنجة، بسبب ثاني قطب اقتصادي، و في زمن السكن الاقتصادي . في عهد طنجة الكبرى، بات الكل يُقَيِّم ما يملك بقيمة2017. و حتى الذين ببيعون عقاراتهم اليوم، فإنهم يبيعونها في2017، و بثمن 2017، و هذا ما يُنذر بارتفاع مهول في أثمان البقع الأرضية و الشقق، أكثر مما هو عليه الآن. بالمقابل أصبحت 2017 المخلِّصة للمسؤولين من انتقادات و تساؤلات و مطالب ساكنة المدينة. فصارت العيوب تُعلق على برنامج طنجة الكبرى، و كذلك الحلول لكل المشاكل. فما على المواطنين اليوم إلا أن يعذروا المسؤولين بسيب انشغالاتهم و اهتماماتهم بالبرنامج. و ما عليهم إلا أن يصبروا، فحلول كل مشاكلهم و مدينتهم موجود في البرنامج. العاطلون سيتشتغلون بعد اكتمال البرنامج، و سينتهي مشكل السير و الجولان بانتهاء أشغال البرنامج، و ستبنى المدارس، و الثانويات، و الحدائق، و الملاعب و المسابح، في إطار البرنامج. و سينتشل أطفال الشوارع و المشردون، و يؤهل المنحرفون، و يعالج المدمنون، و يستتب الأمن بفضل البرنامج. مرائب السيارات تحت و فوق الأرضية، و المراحيض العمومية هي أيضا من ضمن مخططات البرنامج البرنامج. باختصار شديد، ، لا تحاسبوا رئيس مقاطعة و لا عمدة، ولا تلوموا مسؤولا أمنيا ولا مدنيا، و لا تعاتبوا منتخبا ولا برلمانيا، و لا تجادلوا واليا و لا قائداً، إلا بعد الانتهاء من تنفيذ البرنامج، ففيه ما لذ و طاب، و فيه ما تشتهي الأنفس، و بعده نصير في طنجة الكبرى أو " الكوبرا ". و يا خوفي من لسعة الكوبرا. موعدنا في 2017، في ثاني قطب اقتصادي، و في زمن السكن الاقتصادي.