منذ الأستقلال و إلى الآن لا يوجد جديد في الأسواق العمومية الخاصة بالتسوق و التبضع اليومي كل ما هناك أسواقا عشوائية عمومية و ينضاف إليها احتلال بالعنف و القوة للساحات العمومية و الشوارع و الأزقة من طرف الباعة المتجولين ، نحن لا نتحدث عن الأسواق التجارية الكبرى التي هي في ملك الخواص، بل فقط الأسواق التي تشرف عليها الجماعة الحضرية و المقاطعات التابعة لها ، فهل يمكن اعتبار سوق كسبراطا سوق بالمعنى الصحيح رغم إعادة هيكلته؟ إنه عبارة عن براريك و متاجر تتنوع و تتعدد أشكالها و النتيجة سوق بدون مواصفات الحد الأدنى، فلا توجد لا مرافق صحية و لا مقاهي أو مطاعم أنيقة و نظيفة في عين المكان و لا تقسيم منظم لنوع المنتوجات بحيث تتداخل الخضر مع الأثواب و مع الخشب لتعطي تركيبة غير مألوفة من المشاهد الملونة و المزركشة، و هذا لا ينسينا احتلال الباعة المتجولين بالقوة للشوارع المجاوة لسوق كسباراطا و رمي الأزبال في أبواب المؤسسات التعليمية و تهديد سلامة التلاميذ وصحتهم. أما إذا تجولنا و تتبعنا مدى تقريب الأسواق من المواطنين في إطار سياسة القرب فحدث و لا حرج عشوائية الأسواق و احتلال بالقوة للملك العمومي و الخصوصي و عرقلة السير و الجولان و قطع الطرق و الأزقة و انتشار الجرائم و تعنيف الساكنة التي يتم الهجوم على مداخل بيوتها و تعلق بطانيات و وقطع من الثوب المتسخ و البلاستيك في شبابيك أبوابها و نوافذها بالقوة و الإرغام، بحيث يمكن أن نصف الوضع بالسيبة على عهد سيبة الاستعمار البائد ، و أما الصراخ و استعمال الألفاظ النابية من طرف بعض الباعة فهذا أمر ساري المفعول و معتاد حتى أصبح واقعا عاديا يفرض بالقوة على المواطنين و أسرهم الذين يسكنون في وسط هذا العبث الأخلاقي و الفوضى و العنف و التسوق في غياب أدنى الشروط الأخلاقية و الصحية و السلامة الأمنية، و غياب تام للسكينة العامة و الاطمئنان ،ناهيك عن الأزبال المتعفنة التي تتراكم و التي تسبب أمراضا و تنتج أوبئة لحد الآن خفيفة. فكيف يمكن للأطفال الصغار أن تتم نجاتهم من أمراض محققة جلدية و تنفسية و الربو في وجود شوارع و أزقة محتلة من طرف الباعة و المتسوقين يتركون ورائهم مخلفات الأزبال تتراكم و تكون قشرة أرضية جديدة يجب أن يدرسها علماء الجيولوجيا و البيولوجيا ،في حين كان من اللازم أن تمر الشاحنات المحملة بالمياه لغسل و تنظيف هذه الطرقات و الأزقة و الشوارع مساء كل يوم سوق في غياب حل رادع لحماية أمن و سلامة و استقرار و طمأنينة المواطنين من خلال إبعاد هؤلاء الباعة من الأزقة و الشوارع لأماكن و مساحات فارغة، في انتظار إيجاد حل ناجع من خلال بناء أسواق نموذجية. فعلى الأقل واجب الحفاظ على سلامتهم الصحية و يمكن أن الوقوف على واقع الحال عند زيارة سوق طنجة البالية الأسبوعي العشوائي يومي الخميس و الأحد مساء و خاصة عند انفجار قنوات الصرف الصحي أو أثناء سقوط الأمطار لتكون الفرجة على واقع فظيع ،و كذلك ينطبق الأمر على الأسواق العشوائية في حومة الشوك و بئر الشفا و بنديبان و مسنانة و ادرادب، فهذه الأسواق دليل واضح و جلي لسوء تدبير قطاع التسويق و التجارة في مدينة كان يلزم أن تكون نموذجا للنظافة، و يتم تخصيص ميزانية ملايير من السنتيمات معدودة بإمكانها بناء أسواقا نموذجية في حي طنجة البالية و حومة الشوك و بئر الشفا و مسنانة و لا يتطلب الأمر إلا خمسة ملايير سنتيم على الأكثر كافية لبناء خمسة أسواق تستجيب لمعايير الأسواق الوطنية و الدولية كما حال الأسواق التي هي في ملك الخواص ، فالمواطن لا يهتم بشق طريق دائرية بقدر ما يهتم بقوت يومه و بالتسوق و بسلامته الصحية حتى لا تزداد أعبائه المادية الشهرية ، فهل يمكن لمجلس المدينة و مجلس العمالة أن يتحركا لأجل مبادرة سريعة تضع حدا للتسيب الذي يتمثل في الفوضى و المخاطر الصحية و تهديد سلامة و أمن المواطنين و أخلاقهم جراء انتشار أسواق عشوائية تحيلنا على زمن القرون الوسطى ؟ أم أن المنتخبين منشغلون برخص البناء التي هي الحافز الأول على ولوج المجالس الجماعية أم الأمر يتطلب تدخل الوزارة الوصية على الجماعات المحلية لتعطي أوامرها بتصحيح أوضاع متسمة بالفوضى و التسيب تهدد المواطنين و أسرهم في عقر دارهم و التلاميذ في مدارسهم ...؟