تكررت خلال السنوات الأخيرة، قررات وزارة الداخلية برفض التأشير على مشاريع الميزانية التي تصادق عليها جماعة طنجة خلال دوراتها العادية لشهر أكتوبر، مثلما حصل بالنسبة لمشروع ميزانية سنة 2019، الذي من المنتظر أن يشكل محور نقاش ساخن خلال أشغال الدورة الاستثنائية المقررة اليوم الخميس، قصد القيام بقراءة ثانية للمشروع. تأتي قرارات وزارة الداخلية المذكورة، في وقت يسجل فيه متتبعون، روتينية دورات المجلس الجماعي، في عهد تجربة حزب العدالة والتنمية، الذي استأثر بانفرادية القرار دون الأخذ بوجهة نظر ومواقف فرق المعارضة، كما يرى ذلك عضو الفريق الجماعي لحزب الأصالة والمعاصرة، حسن بلخيضر. ويعتبر بلخيضر، في حديث لطنجة 24، أن محاولات تقويض دور المعارضة داخل المجلس، ليس هو فقط ديدن الأغلبية المسيرة، بل إن هذه الأخيرة تجاوزت الأمر إلى حد "عدم اعتبار الوالي محمد اليعقوبي شريكا في تسيير المدينة"، وهو ما يؤكده انسياق العمدة مع صقور حزبه في مواجهة ملاحظات وزارة الداخلية والتصعيد عِوَض التنسيق لمعالجة مشاكل تدبير وتسيير جماعة طنجة لما فيه الخير للساكنة، حسب تعبير المتحدث. ويلاحظ ذات المتحدث، أنه بالرغم من هذا الأغلبية المريحة والانفراد بالقرارات، عكس المكاتب المسيرة السابقة إلا أن ذلك لم ينعكس إيجابا على مدينة طنجة خصوصا تأخر عدد كبير من الاوراش الكبرى التي لم تستطيع جماعة طنجة الوفاء بالتزاماتها، إضافة إلى تراكم ديون شركات التدبير المفوض، مما ينذر بتوقف خدمات هذه الشركات مستقبلا في ظل عدم اكتراث الأغلبية المسيرة بهذه المرافق الحيوية لساكنة طنجة وتعليقا على هذا الموضوع، يرى الباحث في الشأن المحلي، هشام بن السالك، أن القرارات المتتالية لوالي جهة طنجة- تطوان-الحسيمة المتعلقة برفض ميزانية جماعة طنجة، تستمد مشروعيتها أساسا من الدستور الذي يعتبر الوالي ممثلا للسلطات المركزية في الجماعة، ويعمل باسم الحكومة على تطبيق القانون ويمارس المراقبة الإدارية. ويضيف بن السالك، في تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن تحويلات الدولة المالية للجماعة هي الأخرى، تشكل عنصرا يكرس التبعية المالية لجماعة طنجة لوزارة الداخلية مما يزيد من تشديد وصاية وتدخل الوالي في ميزانية الجماعة. وفي ظل هذه المؤشرات، فإن "الاحتجاجات المستمرة للسيد العمدة وحزبه في طنجة غير مبررة لأنهم ساهموا في صياغة الدستور ودعوا المواطنين للتصويت عليه، على اعتبار أنه دستور يؤسس للديمقراطية بالمغرب، بل أكثر من هذا فقد ساهموا في تكريس أعرافا سياسية تمجد السلطة وتنزه قراراتها". بحسب المتحدث الأكاديمي الذي استحضر تصريحا سابقا لعمدة محمد البشير العبدلاوي، وصف من خلاله الوالي ب"ولي الله". أما فيما يخص المبررات المباشرة للوالي في رفض ميزانية جماعة طنجة، وهي ضرورة التزام الجماعة بديونها تجاه المواطنين والمقررة بأحكام قضائية، فيرى الباحث هشام بن سالك، بأنها "معقولة ومنطقية، فحق الجماعة في انتزاع ملكية المواطنين من أجل المنفعة العامة مقرون بحق المواطنين المنزوعة ملكيتهم في التعويض المناسب والمعجل.". ويختم المتحدث، بوضع ثلاثة سيناريوهات من شانها أن تنهي الوضع الراهن، "أولهاالاستجابة لملاحظات الوالي وهذا هو المرجح ، ثانيا اللجوء إلى القضاء ، ثالثا استقالة العمدة ومكتبه لعجزهم عن تدبير الأزمة المالية للجماعة وحلحلتها.".