يفتح "محمد بلعباس" مطعمه في ساعة مبكرة من كل يوم امام زبنائه من عشاق "البيصارة"، الذين يفضلون جعل هذه الاكلة وجبة افطارهم اليومي. اكتسب هذا المطعم الذي يقع في قلب سوق "كسبراطا" بمدينة طنجة، شهرة كبيرة، الى درجة اصبح الكثيرون يربطون وجبات "البيصارة" المثالية ب"مطعم موتشو"، وهي الكنية التي يعرف بها صاحب هذا الفضاء "محمد بلعباس" في اوساط زبنائه. بدأ "محمد بلعباس" امتهان مهنة "البيصاري" (نسبة إلى بائع الوجبة)، منذ اكثر من 40 سنة، عندما افتتح مطعمه الصغير سنة 1975، الذي ما زال يحتفظ فيه بطاولاته وكراسيه البسيطة. ويفصح "بلعباس"، أن الجو البسيط للمطعم، وما يتم تداوله من مهارة صاحبه في إعداد "البيصارة"، فضلا عن التكلفة الرخيصة للوجبة التي لا تتعدى 5 دراهم، هي العوامل التي تشجع الناس خصوصا من الفئات الشعبية على استهلاك هذه الوجبة. يرتبط قدوم فصل الشتاء عند كثير من سكان مدينة طنجة، بالاقبال المتزايد على تناول وجبة "البيصارة"، اعتبارا لدورها في اضفاء الدفئ على الأجساد ومنافعها الغذائية التي لا تعد ولا تحصى. وتحتل هذه الوجبة، مكانة مرموقة في قائمة الأجندة الغذائية لدى معظم الطنجاويين، فبعضهم يحب تناولها كوجبة افطار، بينما يختار غالبيتهم جعلها مكونا رئيسيا لمائدة الغذاء. وهذا ما يؤكده "محمد بلعباس"، بالقول أن تجارته تلقى رواجا متزايدا مع برودة الطقس، لكنها مع ذلك فإن الإقبال على هذه الوجبة لا ينقطع سواء في الصيف أو في الشتاء. و"البيصارة"، هي عبارة عن عصيدة مكونة إما من فول مجفف يتم إزالة قشرته السطحية أو بازلاء مجروشة، بالإضافة إلى بعض الخضروات والتوابل مع قليل من زيت الزيتون. وتختلف مقادير "البيصارة" من منطقة لأخرى، لكنها عموما تتكون من نصف كيلو فول مجفف من دون قشرة، أو بازلاء، ولتر ماء أو أكثر، وبضع فصوص من الثوم، وملعقة صغيرة ملح، وملعقة صغيرة من الكمون، ومادة الخرقوم البلدي، وفنجان زيت الزيتون. ليس سعر "البيصارة" الرخيص، فقط ما يدفع الناس إلى الإقبال على هذه الوجبة، وإنما هناك فوائد صحية يعتقد "محمد بلعباس"، أنها تجعل الكثير من الأشخاص وجبتهم الأساسية يوميا ويقول"بلعباس": كثير من الناس مصابون بأمراض رئوية يفضلون استهلاك هذه الوجبة شرط أن تكون كمية زيت الزيتون ناقصة بها. ثم يضيف "حتى الأطباء ينصحون الناس باستهلاكها خاصة خلال فصل البرودة من السنة".