في الوقت الذي كنا ننتظر زيادة في الأجر، الذي لا يرتبط بالآخرة وعمل البر والإحسان، لكنه “الفتات” الذي نستعين به لقضاء أغراض الدنيا.. قلت، ونحن على أعتاب الانتظار في قاعة انتظار كبيرة مملوءة عن آخرها، نترقب موعد 28 أكتوبر 2018 حتى تعود الساعة القديمة إلى عادتها، ونحن نتطلع للزيادة في شيء يسعد النفس، التي دخلت خانة البؤس مكرهة، نتفاجأ، ونحن على مقربة من الموعد إياه ب48 ساعة، أي يوم 26 أكتوبر، بانعقاد اجتماع حكومي استثنائي للحكومة، اجتماع خارق تقرر فيه الإبقاء على التوقيت الصيفي في عمق الخريف الرمادي، ليواصل الرحلة نفسها مع قر الشتاء، ببرده ورياحه، حتى اخضرار الأرض في الربيع، وصولا إلى مستقره الدائم صيفا.. إبقاء على التوقيت الصيفي، رغم أنف المعترضين من المواطنين، الذين هم غالبية شعبية، مقابل أغلبية حكومية تقرر بكيفية انفرادية دون الرجوع إلى من انتخبوها يوما لتسألهم وتناقشهم وتأخذ رأيهم. لكنها ارتأت أن تضع المواطنين أمام أمر واقع لتقول لهم بصريح العبارة: قُضي الأمر الذي أنتم فيه تستفتون.. إبقاء رغم كل الدعوات التي تكررت في مواقف ومحطات وعلى منابر إعلامية ووسائط التواصل الاجتماعي، لما لهذا “العبث” من أضرار على الصحة النفسية والجسدية للمواطنين، لأنه يعاكس جليا الزمن الطبيعي في نسخته السليمة. الحكومة التي أغرقت البلاد والعباد في مديونية 970 مليار درهم، وتعجز اليوم عن حل أبسط المشاكل التي يطرحها المواطن المغربي، اجتماعيا، اقتصاديا وصحيا، مع ما يرافق ذلك من تصاعد لمنسوب الاحتقان والتذمر المجتمعيين في كل الأوساط (الحكومة) التي منح لها أجل ثلاثة أسابيع لتواجه وتتعامل مع واقع التكوين المهني في بلادنا وتساهم في تطويره والارتقاء به.. وجدت وقتا كافيا وتوصلت ب”دراسة” في الليل واتخذت القرار في الصباح، بهذه البساطة الموجودة حصريا و”استثنائيا” في المغرب، حيث لا مكان للاستغراب. الحكومة لم تأبه بكل ذلك، واتخذت على “عجل” (والعجول أشكال وأصناف) القرار، ووجدت أن الوقت مناسب لتمارس مزيدا من الضغط على المواطن، المضغوط المثقل بالديون وتبعات الحياة المختلفة، المواطن الذي يكد ليل/ نهار في سبيل لقمة العيش، لتضيف مزيدا من جرعات الضغط إليه بمنطق “بْغييتي أو كرهتي” عبر الإبقاء على التوقيت الصيفي في كل الفصول، رغم أن الواقع أثبت أن أضرار هذا الإبقاء لا تعد ولا تحصى. والنتيجة السخط متبد على أولياء أمور التلاميذ على وجه الخصوص، في العالم القروي وحتى الحضري، رغم الحديث عن إجراءات شكلية سترافق عملية الاحتفاظ بالتوقيت الصيفي في ما يتعلق بانطلاق الفترة الصباحية للتمدرس. التلاميذ أنفسهم متذمرون لاستمرار شعورهم بالتعب والحاجة إلى النوم، ما سينعكس أكثر فأكثر على تحصيلهم الدراسي وصحتهم مستقبلا، ما دام الأمر الواقع يقلب عاداتهم اليومية كليا. “اللخبطة” التي يعيشها التلميذ في المدرسة يتقاسم معاناتها مع الأستاذ والإطار الإداري، ساعة واحدة لا تكفي كفاصل بين الفترة الصباحية والمسائية حتى يرتاح التلميذ ويحصل على وجبة غذائية… إلخ. “اللخبطة” تنتقل عدواها إلى باقي المؤسسات، سواء تعلق الأمر بالقطاع العام أم القطاع الخاص.. “تخربيق” حكومي بامتياز، بتعبير البعض، لأنه نموذج لعدم الاكتراث بمصالح المواطن المغربي. قرار انفرادي صرف ضمن سلسلة من القرارات المماثلة التي اتخذت في وقت سابق، وحالة “التذمر” التي قد لا يتم الإفصاح عنها إلا مع النفس أحيانا أصابت الجميع، ولا حقّ لأحد أن ينكر أو يستنكر… اللهم إنا هذا منكر. ملحوظة فشي شكلايْن: الفاعلون الأساسيون في مجال الاتصالات في بلادنا أعادوا اليوم الساعة إلى طبيعتها، أي غرينيتش GMT، ربما “ما مفاهمينشّ مع الحكومة، وربما العكس”.. وبه وجب الاستفهام والسلام.