انتظرت طنجة انتهاء أشغال مشروع كورنيش المدينة على أمل أن يتحول هذا الفضاء إلى واجهة سياحية تنضاف إلى ما تتميز به مدينة البوغاز من فضاءات تستحق الزيارة، وخاصة في فترات العطل. وبعد طول انتظار يبدو أن المشروع لم يستكمل كما يجب لأسباب يعلمها القائمون على الشأن المحلي بعروس الشمال. والنتيجة هي أن هذا الكورنيش لا يزال بحاجة إلا اللمسات الأخيرة بخصوص أرضيته ومحيطه والاستفادة منه. وهي أمور بادية للعيان لعل أهمها اتساخ الأرضية وعدم تشغيل المصاعد المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة المرتبطة بمواقف السيارات تحت أرضية، وعدم اكتمال الشريط الأخضرالذي يفصله عن رمال الشاطئ. هذا الأخير لا يزال يعاني من غياب المرافق الصحية وخاصة الرشاشات العمومية التي بقيت مجرد أعمدة اسمنتية لا ماء يمر فيها، كما أن جزءا كبيرا منه لا يزال يحاجة إلى تنقيته من متلاشيات إسمنتية وخاصة في منطقة مالاباطا. وتبقى "منارات" الكورنيش الزجاجية عارية من أي ديكور أو أضواء تسر الناظرين.. وفي انتظار أن يلتفت المسؤولون إلى أهمية استكمال جمالية ونظافة الكورنيش و تشغيل تجهيزاته ، فلا بد من التنبيه إلى أنه أصبح فضاء لممارسة رياضة المشي للعديد من سكان المدينة وزوارها، وهي مزية لا ينكر أهميتها أحد بالنسبة للصحة، فضلا عن استغلاله للترفيه من طرف الأطفال أصحاب الدراجات الهوائية، وفي بعض الأحيان من طرف البعض من الكبار أصحاب الدرجات النارية للتجول ضدا على أمن الراجلين.. أما عدا ذالك فهو لا يتعدى كونه معلما اسمنتيا تتغير درجة حرارته مع تغير الفصول، و يستغل عشوائيا وعفويا من طرف بعض من يحاولون خلق فرجة ما أو تقديم عروض النقش بالحناء وبيع بعض الحلويات والمشروبات الرخيصة... فيما يبقى الخواص يعملون ليل نهار لتهيئة محلاتهم و تجهيزها، وهي المخصصة ل "نشاط" رواد النوادي الليلية الموجودة أسفل الكورنيش. وفي مقابل هكذا وضعية يمكن أم يتحول كورنيش المدينة إلى واحد من معالم طنجة الثقافية عن طريق البحث عن صيغ وطرق عديدة لتوظيفه في مختلف الأنشطة الفنية والترفيهية والرياضات الاستعراضية. وذلك لفسح المجال امام مختلف الفعاليات والتعبيرات الثقافية الشعبية (المحلية والوطنية والأجنبية ) من أجل أن تجعل منه فضاء يتوافد عليه الزوار للتمتع بمختلف العروض الثقافية في شكل أعمال موسيقىة شعبية ومسرح الهواء الطلق والفنون التشكيلية والرسم والألعاب الاستعراضية، وغيرها من الابداعات التي يقدمها المبدعون فرادى وجماعات ،على غرار ما يقدم في عدة مدن في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط. وتبقى الكرة في ملاعب الأقسام والمصالح المكلفة بالثقافة والتنشيط الثقافي والفني والرياضي، ابتداء من مندوبية وزارة الثقافة، مرورا بالجهات المختصة بالعمالة، وانتهاء بالمجلس الجماعي ومقاطعاته الأربعة التي تخصص ميزانيات مهمة للتنشيط الثقافي والرياضي، وخاصة مقاطعة المدينة التي يوجد الكورنيش ضمن نفوذه الترابي. فعلى الجميع أن يفكر ويعمل على توفير الشروط المادية واللوجستيكية والمالية لتشجيع الطاقات الابداعية والانفتاح عليها لإخراج كورنيش طنجة من برودة الاسمنت المسلح إلى دفء التنشيط الثقافي. و كل العام و كورنيش طنجة في أحسن حال.