تنتاب سكان مدينة الفنيدق، غصة كبيرة حيال تعثر مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية والصناعية "حيضرة"، التي كانت عنوانا لأحد البدائل التنموية لهذه المدينة التي تعتبر أكثر المناطق المتضررة من إغلاق معبر باب سبتة أمام أنشطة "التهريب المعيشي". ويجد هذا الإحباط مبرره في مشهد مجموعة من المشاريع الصناعية التي لم تدخل حيز التشغيل بعد، حيث بقيت العديد من المنشآت غير مكتملة أو معطلة بسبب عقبات إدارية وتقنية، باستثناء ثلاثة مصانع فقط التي تكافح للاستمرار في ظل تحديات. تم إطلاق هذا المشروع في عام 2020 بشكل مستعجل، استجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي نتجت عن إغلاق معبر باب سبتة أمام أنشطة "التهريب المعيشي"، خصوصًا في ظل تداعيات أزمة "كوفيد-19" التي فاقمت الوضع. وكان هذا المشروع الذي خصصت له مساحة إجمالية تقدر ب 15 هكتارًا، يُفترض أن يضم 24 منشأة صناعية، مع وعود بإحداث آلاف فرص الشغل. لكن بدلاً من أن يشهد الازدهار المنتظر، تحولت المنطقة إلى رمز للفشل. وتؤكد العديد من الأصوات بالمدينة، أن هذا المشروع أصبح "عالة" على المنطقة برمتها، بعدما تبخرت كل الآمال التي رافقت إطلاقه موزاة مع إنجاز مشروع تنموي ضخم وهو المشروع المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعمالة المضيقالفنيدق بإقليم تطوان. "سكان الفنيدق كانوا ينتظرون تحولاً حقيقيًا في المدينة، لكن الأمور تسير على عكس ما توقعاتهم."، يقول الفاعل الجمعوي حمزة بلحداد. وبحسب بلحداد الذي رافق طاقم جريدة طنجة 24 الالكترونية في جولة بمنطقة الأنشطة الاقتصادية والصناعية "حيضرة"، فات الآمال التي كانت معلقة على هذا المشروع سرعان ما تحولت إلى خيبة أمل كبيرة. ويرى بلحداد أن "فشل المشروع يعكس سوء التخطيط وغياب الرؤية"، مشيرًا إلى أن الإدارة غير المتناسقة والتخبط الإداري أديا إلى عرقلة المشاريع التنموية في المدينة، مما أثر بشكل مباشر على حياة الناس. ويضيف أن غياب التنسيق بين مختلف الجهات المسؤولة عن تنفيذ المشروع أدى إلى إبطاء تحقيق الأهداف المرجوة. ويشير ذات الفاعل الجمعوي، بأن مقارنة نتائج دراسة جدوى مختلف المشاريع المقترحة، تؤكد أن المناطق الصناعية كانت تعد بخلق أكثر من 4000 منصب شغل، في حين أن الوقع التنموي للمناطق التجارية لا يتعدى احداث ما بين 150 و200 فرصة عمل. ورغم ذلك، يوضح نفس المتحدث، فقد تفاجأ سكان الفنيدق بتحول جميع المشاريع المسطرة إلى مناطق تجارية، مما يشير إلى وجود "لوبي" يتحكم في تصنيف المناطق. أصداء هذه "النكسة التنموية"، كما تصفها فعاليات المنطقة، وصلت إلى قبة البرلمان، حيث وجه النائب عبد النور الحسناوي، عن عمالة المضيقالفنيدق، سؤالاً للحكومة حول العراقيل التي تعترض المستثمرين في المنطقة. وجاء رد وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، "صادما" و"واضحا"، حسب تعبير العديد من الفعاليات. تقول الوزيرة المتصوري، في جوابها أن العديد من المعامل والمصانع التي أُنشئت في المنطقة لم تحصل على التراخيص الضرورية، مما أدى إلى توقف العمل في بعضها بسبب عدم احترام الإجراءات القانونية. الوزيرة أشارت إلى أن "غياب التنسيق بين الجهات المسؤولة عن تنفيذ المشروع أدى إلى عرقلته"، وهو ما أعاد إلى الأذهان التساؤلات حول مدى جدوى السياسات الحكومية المتبعة. بالنسبة لبلحداد، فإن تصريحات الوزيرة تعكس غياب التخطيط السليم وعدم وجود رؤية واضحة للنهوض بالفنيدق. ويؤكد أن "السكان في حاجة إلى استراتيجية تنموية متكاملة تعيد لهم الأمل وتحسن من أوضاعهم المعيشية". كما شدد على أن الحكومة إذا كانت جادة في تحسين الوضع الاقتصادي، فعليها تسريع تنفيذ المشروع الصناعي وفق الإجراءات القانونية المعمول بها، وعدم الاكتفاء بالتصريحات. وترى العديد من الاصوات في المنطقة، أن فشل مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية والصناعية "حيضرة"، يمثل احد الاجابات التي تثار حول الأسباب التي جعلت مدينة الفنيدق خلال الفترة الاخيرة، منصة للهجرة غير النظامية، بعد أن كانت إلى وقت قريب عنوانا للإدارة الاقتصادي والتجاري الذي قطفت ثمارها أجيال عديدة.