لم يكن ببال ابنة الثلاثين عاما، أنها ستطلب الطلاق بعد مرور أقل من عام على زواجها، لكنها قررت الانفصال خشية حدوث كارثة، حسب وصفها. "بشرى ع" إحدى الفتيات التي لم تكمل عامها الأول في الزواج خلال أزمة كورونا 2021، والتي قررت الانفصال عن زوجها بعد تعدد الخلافات، إثر جلوسه في المنزل لفترات طويلة بعدما فقد عمله الحر كما الآلاف الذين فقدوا أعمالهم. تقول بشرى ل"سبوتنيك"، إن ضيق الوضع الاقتصادي وجلوسه لفترات طويلة في المنزل غير سلوكه، وأصبح يتعامل مع كل التفاصيل بعنف غير معتاد منه، الأمر الذي دفعها للطلاق خشية تطور الأمر لجريمة يمكن أن تفقد حياتها على إثرها ذات مرة. بشرى ليست الوحيدة، فبحسب وزارة العدل المغربية فإن عدد حالات الطلاق انتقل من 26914 حالة سنة 2004 إلى 20372 حالة سنة 2020، ليعاود الارتفاع سنة 2021، إذ بلغ ما مجموعه 26957 حالة طلاق. وبحسب بيان الوزارة فإن الطلاق الاتفاقي يشكل النسبة الأكبر من حالات الطلاق، إذ انتقل من 1860 حالة سنة 2004 إلى 20655 حالة سنة 2021. وذكرت الوزارة أن الأسباب تعود إلى تنامي الوعي لدى الأزواج بأهمية إنهاء العلاقة الزوجية بشكل ودي، وحل النزاعات الأسرية بالحوار للوصول إلى الاتفاق، بحسب "هسبريس". وعرف الطلاق الرجعي تراجعا ملحوظا، إذ استقر عدد حالاته سنة 2021 في 526 حالة طلاق، مقابل 7146 حالة سنة 2004. في هذا السياق قالت المستشارة الحقوقية المغربية فاطمة بوغنبور، إن الوضع الذي فرضته جائحة كورونا مؤخرا، والحجر الصحي جعل أفراد الأسرة في موقف مواجهة، لا مناص من الهروب منها، حيت انهارت أغلب العلاقات الضعيفة التي كانت مبنية على أسس غير متينة. وأضافت في حديثها ل"سبوتنيك"، أن فترة الحجر الصحي أصبحت فترة اكتشاف العيوب والمقارنة، وفترة التعرف على الطرف الآخر. وأوضحت أن أسباب الطلاق يأتي في مقدمتها الأسباب النفسية والأخلاقية قبل أن تكون اقتصادية واجتماعية. وفيما شددت على أن الوازع الاقتصادي كان له أثره، وأن عملية توزيع الموارد داخل الأسرة تلعب دورا مباشرا في الحفاظ على الزواج أو إنهاء العلاقة، أكدت أن العنف الذي تتعرض له الزوجة هو أحد الأسباب، سواء كان نفسيا أو جسديا. وشددت على ضرورة تأطير وتكوين كل المقبلين على الزواج، خاصة أن عملية الزواج تتم بين طرفين، بينما يتأثر بالطلاق ثلاثة أطراف (الأطفال) حيت يتعرض الطرف الثالث إلى أضرار تلازمهم طيلة حياتهم، فضلا عن الآثار النفسية والاجتماعية والاضطراريات التي يتعرض لها الأبناء في مستقبلهم. فيما تقول ملاك التمار، جامعية مغربية، إن أحد أهم الأسباب تتمثل في بقاء الزوج والزوجة في المنزل لفترات طويلة خلال أزمة كورونا. وأضافت في حديثها ل"سبوتنيك"، أن الآثار الاقتصادية التي ترتبت على أزمة كورونا فاقمت الوضع، إضافة إلى نسب البطالة التي خلفتها الأزمة، والتي نجم عنها مشكلات عائلية عدة. ولفتت إلى أن أصحاب المهن الحرة في السياحة والحمامات والصالونات هم أكثر من تضرروا من آثار الأزمة. وشكلت مدونة الأسرة (مجموع القوانين المتعلقة بالأسرة وأحكام الزواج والطلاق وغيرها) حين صدورها في عام 2004، قفزة نوعية فيما يتعلق بالعديد من الملفات المرتبطة بالمرأة، لكن الكثير من الإشكاليات تمثل معضلة حقيقية في ظل المؤشرات الحالية. وبحسب تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط في 2021، ارتفعت مؤشرات الطلاق في صفوف النساء البالغات ما بين 45 و49 سنة في المغرب، مقارنة مع الرجال، سواء في العالم القروي أو الحضري. ووفقا للمعطيات الواردة في التقرير فإن عدد المطلقات مثّل 77.0 في المئة من إجمالي المطلقين سنة 2014، منخفضا بذلك من 79.1 في المئة المسجلة سنة 2004؛ بينما نسبة الرجال من المطلقين بلغت 23.0%، بعدما كانت 20.9% سنة 2004.