رحيل الحقوقي البارز محمد السكتاوي    جلالة الملك يبعث برقية تعزية ومواساة إلى السيد بايدن إثر وفاة الرئيس الأسبق جيمي كارتر    بطولة انجلترا لكرة القدم.. تأكيد إقامة مباراة ليفربول ويونايتد في موعدها رغم كثافة الثلوج    هذه تطورات الوضع الصحي لزريدة وبلعماري    المغرب: توقعات أحوال الطقس ليوم الاثنين    مجلس الدولة الفرنسي يحسم جدل تدريس اللغة العربية بالبعثة الفرنسية في الرباط    بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جماعة أكادير تحتفي ب"إيض ن يناير 2975" ببرنامج متنوع    وزير الخارجية السوري يدعو من قطر إلى رفع العقوبات الأمريكية عن بلاده    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية إلى 45 ألفا و805    غزة تٌباد.. استشهاد 136 شخصًا خلال ال48 ساعة الماضية    اضطرابات في حركة النقل بسبب تساقط الثلوج بكثافة في إنجلترا وألمانيا    "وسيط المملكة" يسجل ضعف تفاعل الإدارة مع مراسلاته وتوصياته ويدعو لتحسين زمن رد الحقوق لأصحابها    و"هبيولوجيا" الخطاب.. أو حين يصبح العبث منهجا سياسيا    نسيم الشاذلي يثير الجدل بخطوة مفاجئة بعد استبعاده من قائمة الوداد    حقوقيون يسجلون استمرار قمع حرية التعبير وينبهون إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية    كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة تحتضن الدرس الافتتاحي لماستر المنازعات المدنية والتجارية    المؤشرات الأسبوعية لبنك المغرب في خمس نقاط رئيسية    مسرحية "هم" تمثل المغرب في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي    هكذا كنت (أحتفل) بنهاية السنة في السجن    انتحار اللاعب الأوروغوياني أكونيا    برنامج الجولة 18 من البطولة الاحترافية ومواعيد المباريات المؤجلة    رسمياً.. بلدان إفريقيان يشرعان في إنتاج الغاز الطبيعي    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    انطلاق أشغال مؤتمر الألكسو ال14 لوزراء التربية والتعليم العرب بمشاركة المغرب    الإعلان في المغرب عن تأسيس المنظمة الإفريقية لحقوق الإنسان    وقفة احتجاجية تضامنا مع سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    عصابة للتنويم المغناطيسي تسرق ملايين الدينارات بلمسة كتف في بغداد    "ميتا" تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتطوير تجربة التواصل الاجتماعي    انخفاض المبيعات السنوية لهيونداي موتور بنسبة 1,8 بالمائة    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    برشلونة يعلن جاهزية لامين يامال    خبراء مغاربة يؤكدون عدم وجود تهديد استثنائي من "فيروس HMPV"    المغرب يفرض "رسما مضادا للإغراق" ضد الأفران الكهربائية التركية    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة قبالة الساحل الشرقي لأستراليا    تفاصيل متابعة جزائري بالإرهاب بفرنسا    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    فيروس رئوي جديد يثير قلقا عالميا    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    آخر الأخبار المثيرة عن حكيم زياش … !    المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد    بايدن يمنح وسام الحرية لشخصيات    حادث سير بشارع الإمام نافع في طنجة يعيد مطالب الساكنة بوضع حد للسرعة المفرطة    أمن مراكش يحجز 30 ألف قرص طبي    5.5 مليار بيضة و735 ألف طن من لحوم الدواجن لتلبية احتياجات المغاربة    المشاركون في النسخة ال16 من لحاق أفريقيا ايكو رايس يحطون الرحال بالداخلة    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاجئات سوريات بالمغرب .. قوى ناعمة تزرع الأمل بين ثنايا الألم
نشر في طنجة 24 يوم 09 - 03 - 2017

من منا لم يعاين قصص اللاجئين السوريين في شتى بقاع العالم، بالمدن العربية والغربية، في الشوارع، وفي مخيمات اللجوء، مهجرين بلا وطن ولا مأوى، فلم يكن معظمهم يعلم ما يخبئه الربيع العربي من أهوال ومحن امتدت لستة أعوام.
وإذا كانت المعاناة واحدة تكاد لا تميز بين شاب وشيخ، رجل أو امرأة، فإنها تصير أشد وطأة عندما يتعلق الأمر بالنساء، تلك القوى الناعمة التي لا تلبث أن تكابد قساوة الغربة وحرقة الفقد بدموع وعزائم شامخة.
في المغرب كسائر الأقطار التي أضحت وجهات رئيسية للجوء، تتأرجح اللاجئات بخفة وصمود بين دورهن كأمهات وزوجات وشابات في ربيع العمر، يفاجئننا باسمات، وإن تململن من الشفقة والقبوع أحيانا، وهن يعملن ويطهين ويبعن ويكدحن ويرجين شفقة المارة لإعالة أسرهن، غير آبهات بالصعاب، ودون كلل ولا تأوه.
فاديا، شابة في ربيعها الرابع والعشرين، إحدى اللاجئات اللائي رمت بهن رياح اللجوء إلى المغرب، ترددت قبل أن تخبرنا قصتها لكنها أرادت أن توصل صوت الفتاة اللاجئة إلى العالم كله، فبعد رحلة ألف ميل تقول إنها "انطلقت من مدينة إدلب السورية إلى لبنان عبر الحدود البرية، ثم مصر والجزائر قبل الوصول إلى المغرب".
طوال رحلة الهروب من الموت إلى المجهول، تضيف فاديا التي بدت عاجزة عن مغالبة دموعها، "واجهنا السحل والتنكيل وقاومنا الجوع أياما طوال، وبالرغم من أن مصير معظمنا كان مجهولا، إلا أن همنا الوحيد آنذاك تمثل في الهروب من الموت والاختطاف والاغتصاب وبطش العاصابات وقوات النظام، رحلة الهروب وإن كانت قاسية فقد تكلفتنا مبالغا ضخمة استنفذت كل مدخراتنا".
الأفق مبهم تؤكد اللاجئة السورية، وواقع الحال يتراوح بين القسوة وضنك العيش، "أما الماضي فيجعل في القلب غصة أكابدها باستمرار، فبعد حصولي على شهادة الثانوية العامة سنة 2010 عجزت عن الالتحاق بالجامعة بعد تأزم الأوضاع الأمنية هناك، والصعوبة ذاتها في الجامعات المغربية بسبب إقامتنا بطريقة غير مشروعة"، وتابعت "أعيش رفقة والدتي وأخي الأصغر بعدما تركنا والدتي رفقة، نعاني الأمرين لكسب قوتنا اليومي، لكن لن نفقد الأمل يوما في استعادة ولو جزء يسير من تفاصيل حياتنا الكريمة"، وتضيف وهي عازمة على إخراج حلمها للواقع "سأظل في المغرب لأتم دراستي وسأنجح نعم سأنجح..".
أم عبد الله" لاجئة سورية أخرى، بمجرد سؤالنا عن "عبد الله" حتى انهمرت عبرات بدت كجمرات تحرق خديها، هو فلذة كبدها الذي فارق الحياة إثر نزيف معوي حاد وضع حدا لحياته في غياب أدنى مستلزمات الرعاية الطبية بمستشفيات سوريا، "فلم يبق من ضناي الذي كان بدو يصير دكتور صيدلاني"، تقول السيدة أم عبد الله بحرقة "سوى اسم أحمله معي زادا وذكرى تلطف لمما من لوعة الحنين".
وتعيش أم عبد الله رفقة طفليها ،شام وياسر ، في منزل ضواحي الرباط، تكلفها أجرته مع أسرتين أخريين، حوالي 2500 درهم في الشهر، تكلفة باهظة تؤكد السيدة في حديثها للوكالة، "بحكم عدم توفرنا عل دخل قار وصعوبة العثور على عمل بسبب إقامتنا غير المشروعة"، وتضيف "أضطر في الكثير من الأحيان إلى التسول لألبي حاجات طفلي ولأداء واجبات الإيجار وفواتير الماء والكهرباء، بعد أن فشلت كافة مساعي لإيجاد عمل بالمنازل والمحلات التجارية".
وبألم يمتزج بفيض من الأمل، لم تخف أم عبد الله ذهولها مما آلت إليه "الشام الحبيبة" بتعبيرها، "فلم يخطر ببالي يوما، أن أهجر وطني الذي لطالما كان ملاذا آمنا للسوريين والأجانب، وأسلك دربا مضنيا وطويلا نحو المجهول"، وتضيف "كنا ميسوري الحال بسوريا كنت أقتات من معاش زوجي المتوفى ومن مشغل صغير للخياطة كنت أقيمه بمنزلي المؤلف من ثلاثة طوابق بحمص بالخالدية، لم أتصور يوما أني سأضطر إلى التسول، لكن الواقع بات على هذا الحال ولا أرغب في شيء اليوم سوى سد رمق صغيري وتأمين عودتهم إلى مقاعد الدراسة مهما كلفني ذلك".
على ذات نهج المعاناة المحفوف بالأمل، تسير نهال التي هجرت سوريا ولم تتجاوز سن السابعة، نهال التي تتردد رفقة والديها على إحدى الجمعيات التي تأوي اللاجئين وطالبي اللجوء بالرباط، تقول في حديثها للوكالة، إن ذوي الغارات وصور الحرب والدمار الذي لحق بسوريا لا يزال حيا بذاكرتها، ولم تستطع بعد تكسير الحواجز النفسية التي خلقتها مشاهد الرعب والتنكيل والتهجير بذويها سواء بعد اندلاع الحرب السورية أو خلال مغامرة اللجوء من لبنان إلى المغرب"، في غسق من الليل أنهض مذعورة وأدخل في نوبة بكاء إلى أن أفقد صوابي".
تسترسل الحديث ، وقد بدت كلماتها أكبر بكثير من سنواتها الإحدى عشر، "على الرغم من معاناتنا اليومية للظفر بلقمة العيش وتوفير أدنى شروط الحياة الكريمة، يحذوني أمل في أن أجعل من معاناتي وأسرتي شعلة أهتدي بها في قادم الأيام، كل ما نحتاجه هو مورد رزق قار نؤمن به حاجياتنا بالمغرب، أنا مستعدة للعمل رغم سني الصغير، ورغم خلمي بالعودة سريعا إلى مقاعد الدراسة، لا نملك خيارا سوى التشبث بخيط الأمل"، جازمة بأن "الواقع أفضل بكثير من ماض طفولة منكسرة ملطخة بصور الحرب والدمار".
هؤلاء اللاجئات وإن ضاقت ببعضهن السبل وصدت في أوجههن الأبواب أحيانا، فإن كثيرات يحظين بفرصة للبوح، بمعية أطر تتكفل بتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لهن.
النموذج من مؤسسة شرق - غرب المتواجدة بالرباط، والتي أضحت ملاذا للاجئين وطالبي اللجوء من مختلف الجنسيات، تقول هند بنميمون، إحدى المساعدات الاجتماعيات بالمؤسسة، حيث تتم دراسة ملفاتهم بعد المتابعة وجلسات الاستمتاع، قبل تحديد ما إذا كانوا بحاجة إلى دعم مالي أو لوجستي لإدماج أطفالهم بالمؤسسات التعليمية، أو دعم استعجالي في حالة المشاكل الصحية، أو دعم لخلق بعض المقاولات الصغرى.
وعن اللاجئات اللواتي يقصدن المؤسسة، أضافت بنميمون في حديث للوكالة،"أننا نستقبل من ثلاثة إلى عشر حالات أيام الاثنين المخصصة لجلسات الاستماع، رغم أن السوريات بخلاف اللاجئات من إفريقيا جنوب الصحراء، يخشين في الغالب الإفصاح عن مشاكلهن، خاصة عندما يتعلق الأمر بحالات التحرش والعنف والاغتصاب، التي يتكفل الرجال بسرد تفاصيلها على المساعدات العاملات بالمؤسسة".
وتستقبل المؤسسة، حسب المتحدثة، أسرا بأكملها في بعض الأحيان، خاصة تلك التي تبحث عن السكن والدعم الغذائي، "حيث نعمل على إدماجهم في دورات تكوينية في اللغات الفرنسية والانجليزية، وأخرى مهنية حسب الرغبة وحسب التخصصات المتوفرة كتصميم الأزياء والطبخ والصباغة حتى يتمكنوا من خلق مورد للعيش".
ولفتت بنميمون أيضا إلى أن المؤسسة تعمل بتنسيق مع شركائها بمختلف مدن المغرب، لضمان استفادتهم قدر الإمكان من الخدمات الإنسانية التي تقدمها في مرحلة أولى، ولتسهيل اندماجهم في المجتمع من خلال تسوية الأوضاع القانونية والعمل والدراسة، مشيرة إلى أن خوف بعض اللاجئين، مع تزايد أعدادهم، أو نظرة المجتمع أحيانا تحول دون استفادتهم من دعم المؤسسة، "بل ونفقد التواصل مع بعض الحالات التي باشرت جلسات نفسية وجلسات استماع، والتي يعيش معظمها في ظروف إنسانية وصحية ونفسية صعبة".
وبالرغم من كل المشاق التي تكبدها اللاجئون رجال ونساء طوال ست سنوات قضوها ضحايا للتهجير والترهيب والاستغلال، لم يتراجعوا ولم يطويهم الحنين، بل ربطوا على جراحاتهم وأكملوا المسار ليصيروا لآلئ مضيئة في زمن الحرب واللجوء.
*و م ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.