ترجمة وإعداد – ياسين العماري " كونفيدينسيال" صورة المسلمين في مخيلة الإسبان، سلبية للغاية. فهم إما إرهابيون قتلة، أو متخلفون لا علاقة لهم بالإنسانية. لكن مع ظهور ناشطات جمعية الإغاثة الإسلامية في برشلونة، ربما ستتغير الصورة للأفضل، رغم الشكوك التي تراود أجهزة الأمن، وما يروجه الإعلام اليميني. بدأ المواطنون في هذا البلد الإيبيري يلاحظون تواجد فتيات مسلمات يضعن مناديل على رؤوسهن، ويطرن بنشاط كالنحلات من ركن إلى ركن، في شوارع برشلونة الباردة.الفتيات في مهمة إنسانية لتقديم الغذاء والألبسة للمتشردين والأشخاص بدون مأوى. ينتمي هؤلاء الفتيات إلى منظمة الإغاثة الإسلامية التي فتحت فرعا لها مؤخرا في إسبانيا لجمع التبرعات لضحايا الحرب في سوريا ولأطفال فلسطين. لكنها بدأت مؤخرا في توزيع الغذاء والكساء على الأشخاص المشردين في شوارع العاصمة الكطلانية برشلونة . لقد تسببت الأهمية المتزايدة لإسبانيا على مستوى العالم الإسلامي، في جلب أنظار هذه المنظمة غير الحكومية الكبيرة، و التي تتوفر على مقر رئيسي لها في العاصمة البريطانية. هذه المنظمة التي تتلقى بعضا من التبرعات من بلدان الخليج العربية الثرية ، تستخدم هذه المساعدات وأعمال التطوع للمساعدة الإنمائية، وكذا للتبشير برؤية معينة للإسلام . لا يعتبر جهاز المخابرات هذه المنظمة تهديدا مباشرا، لكن يتم مراقبة كل خطواتها عن كثب، خصوصا في ظل تواجد مجتمع مسلم في البلاد يقارب عدده مليوني نسمة. وتخشى عناصر الأمن من ظهور متطرفين بداخله، حسب ما ذكر خبراء مكافحة الإرهاب لصحيفة " كونفيدينسيال". خلال إحتفالات الأعياد المسيحية لهذه السنة، قام العديد من متطوعي هيأة الإغاثة الإسلامية بالتجول في مدن إسبانية رئيسية، وجمعوا تبرعات لضحايا الحرب في سوريا ولسكان مدينة حلب وكذلك لفلسطين . نشطاء هذه المنظمة لا يخفون إنتمائهم لها، إذ يرتدون رداء أزرقا عليه شعار المؤسسة بداخله مسجد يضم قبة ومئذنتين . وفي سنة 2015 إستطاع مكتب هيأة الإغاثة الإسلامية في برمنغهام البريطانية لوحده، جمع مساعدات وتبرعات مالية وصلت قيمتها إلى 121 مليون يورو . ومما ساهم في شهرة هذه المنظمة في إسبانيا هو ما تقوم به فتيات يرتدين الحجاب. ويوزعن أكياس ورقية بداخلها قهوة ومشروبات ساخنة وأطعمة للأشخاص المشردين، بينهم كثيرون من أبناء البلد الإسبان الذين أصبحوا فقراء بدون مأوى. وفي 18 من شهر دجنبر الماضي، قامت هيئة الإغاثة الإسلامية فرع إسبانيا، عبر صفحتها الفايسبوكية، بنشر رسالة للإخبار عن الجولات التي ستقوم بها ناشطات الجمعية في شوارع برشلونة . يقول أحد المتطوعين ويدعى محفوظ " يقوم فريق المنظمة من المتطوعين الرائعين ، بتوزيع العديد من المشروبات الساخنة والأطعمة على أشخاص مع الأسف لا يتوفرون على الملاذ الآمن، وليس لديهم مكان للإحتماء من برد فصل الشتاء القارس." كل أنشطة هذه المنظمة ظاهرة للعيان، بل إنهم يخططون للزيادة في نموها. يقول محفوظ وهو رئيس فرع إسبانيا لهيأة الإغاثة الإسلامية " بصفتنا مسلمين، علينا واجب تقديم يد المساعدة للآخرين، وللبشرية جمعاء. " ويضيف " لا نسأل الشخص المستفيد عن دينه أو عرقه أو جنسيته، فهذا الأمر غير مقبول لدينا، لأننا ملزمون بمساعدة الجميع." ويسترسل محفوظ قائلا "هدفنا المباشر هو إنشاء مطاعم صغيرة، وفتح مراكز تدريب في وقت لاحق. " وكشف محفوظ بأنهم حاليا على إتصال مع العديد من مسئولي البلديات لتبادل النقاش والحديث حول توسيع البنية التحتية للمنظمة الإسلامية في إسبانيا . وتم تسجيل الهيئة رسميا في إسبانيا سنة 2013 كمنظمة تسعى للتخفيف من وطأة الفقر في مختلف أنحاء العالم. وتخص الفئات المحتاجة، وضحايا المجاعة والكوارث الطبيعية، والتهميش الإجتماعي والنزاعات والحروب والإقصاء . وفي ذلك الوقت كان مقر المنظمة فرع إسبانيا، يتواجد في العاصمة مدريد في أحد الطوابق بشارع ساحة "ماركيز" أما اليوم فجميع الأنشطة تنطلق من أحد شوارع برشلونة، حيث يجمعون تبرعات من أجل مدينة حلب السورية . ينفي مدير المنظمة محفوظ، أية علاقة له مع جماعة الإخوان المسلمين. ويصف الإعلام الإسباني الجماعة بأنها متطرفة. وتأسست الإخوان المسلمين في مصر، ولها فروع في عدد من دول العالم. وتعتبر هذه الجماعة أول من أسس الإسلام السياسي. وبسبب مزاعم حول علاقتها بالإرهاب تم حظر نشاطها في مصر وسوريا وروسيا والسعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة . وفي الإمارات تم وضع الجماعة تحت مراقبة مشددة. تقول "الكونفيدينسيال" إنه من المؤكد أن زعماء هيئة الإغاثة الإسلامية بإسبانيا، لديهم علاقة مع الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش، والتي تضم مختلف الهيآت المنضوية تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين فرع إسبانيا . أما رئيس الهيأة الإسلامية فهو إبراهيم الزيات، وهو الشريك المؤسس لفيدرالية المنظمات الإسلامية لأوروبا " FIOE" والمتهمة بكونها ذراع لجماعة الإخوان المسلمين في القارة العجوز . والأساليب المستخدمة لهيأة الإغاثة الإسلامية، مشابهة تماما لتلك التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين . وفي جمهورية مصر تحولت جماعة الإخوان المسلمين إلى فاعل سياسي كبير وذلك فضلا للشبكات التي نسجتها من خلال الخدمات الإجتماعية، التي كانت تقدمها للمواطنين، والتي ضمت مراكز صحية ومستشفيات ودور الأيتام ومدارس ومعاهد .