أثار قرار السلطات المحلية بعدد من المدن المغربية، أمس الإثنين، والقاضي بمنع إنتاج وتسويق أحد أنوع الألبسة النسوية للمحجبات المعروف بإسم "البرقع"، تفاوتا في ردود الفعل متباينة على مواقع التواصل الإجتماعي، بين من يعتبرها مسا بالحريات الفردية ومن وجدها فرصة لإعادة الإعتبار للزي المغربي الأصيل ك "الحايك واللثام" الشماليين. وعبرت فئة من المعلقين على هذا القرار، الذي شمل عددا من مدن الشمال من بينها طنجةمرتيل وتطوان، أن منع أي نوع من أنواع الملابس كيفما كان يدخل في إطار الحرمان من بعض الحقوق الأساسية ومسا بالحريات العامة، مؤكدين في تدوينات متفرقة أن للمرأة حرية إختيار ما تلبسه وليس لأحد الحق في أن يمنع ذلك أو يقيده بأي طريقة كانت. وبهذا الخصوص، أوضح مرصد الشمال لحقوق الإنسان في بلاغ له، أن هذا القرار هو قرار تعسفي وانتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيرا عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية، مؤكدا أنه يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب لاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. من جهة أخرى إغتنمت الفئة الثانية الفرصة من أجل إعادة النقاش حول الأزياء التقليدية الشمالية والمغربية، التي بدأت تختفي تدريجيا من البيوت الطنجاوية، ويتعلق الأمر بكل من "الحايك واللثام"، حيث طالب هؤلاء نسوة المدينة بإعادة إحياء هذا النوع من اللباس الذي يضمن للمرأة الستر، ويحافظ في نفس الوقت على الخصوصية المحلية دون اللجوء إلى أزياء قادمة من دول الشرق. وكانت مصالح وزارة الداخلية قد شرعت في مراسلة أرباب محلات تجارية تعرض نوعا من الألبسة النسوية للمحجبات يعرف ب"البرقع"، وكذا وحدات إنتاجية تشتغل في خياطة هذا النوع من الملابس، مطالبة إياهم بوقف جميع الأنشطة المفضية إلى ترويج وتسويق هذه المنتوجات. وانتشرت نسخ وثائق إدارية في وسائل التواصل الاجتماعي، منسوبة لعدد من رجال السلطة في مناطق مختلفة من المغرب، يدعون من خلالها خياطي لباس "البرقع" إلى التخلص من هذه الألبسة، في أجل لا يتعدى 48 ساعة، تحت طائلة الحجز المباشر، مع الامتناع عن تسويق "البرقع" وإنتاجه مجددا، دون أن يبرّر نص الوثيقة دوافع القرار. ولم يتسنى لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، التأكد لدى السلطات المحلية بمدينة طنجة، من حقيقة هذه الإجراءات التي يباشرها رجال السلطة، غير أن تجار في مناطق مختلفة من المدينة، أكدوا توصلهم بإشعارات من هذا النوع، فيما ذكر آخرون أن الإشعار وصلهم شفويا على لسان مسؤولين في مصالح السلطة. وتجدر الإشارة أن هذا اللباس شهد انتشارا واسعا في المغرب خلال العقدين الماضيين، إثر تنامي المد السلفي، بالموازاة مع نقاب الوجه الموجود في الثقافة المغربية، والذي لا تزال العديد من النساء يرتدينه، لكن بشكل لا يتشابه مع لباس البرقع الذي يغطي جسد المرأة بالكامل ويكون في الغالب من لون واحد. وفي مقابل الدفاع عن الحق في ارتداء البرقع، تبرز دعوات بين الفينة والأخرى تدعو إلى حظر ارتداء هذا اللباس، وتبرّر ذلك بإمكانية استغلاله من طرف سيدات أو حتى رجال لأجل ارتكاب جرائم والإفلات من العقاب بما أن هذا اللباس لا يكشف هوية من يرتديه، وقد شهد المغرب هذه الدعوات قبل مدة عندما راجت أخبار عن اعتداءات جسدية بطلتها سيدة ترتدي النقاب، وهو ما نفته السلطات الأمنية.