كثيرا ما نسمع عن البيوت الايلة للسقوط اما بسبب بنيانها القديم المهترئ او بسبب الامطار الغزيرة التي ما ان حلت حتى جرفتها معها في طريقها, واسباب اخرى عديدة ومتباينة قد تهدد البيوت التي من هذا النوع. لكن في الحقيقة لم يتسائل احد يوما عما اذا كانت هناك اسبابا اخرى قد تؤدي الى خراب معظم البيوت حتى وان كانت اعمدتها رصينة وبنائها متقن,وديكورها فخم! نعم, هناك بالطبع سبب اساسي يهدم البيوت ويجزئها ويقسمها الى قسمين ان لم يكن الى اقسام. هذا السبب هو غياب الحب داخل المنازل. ان البيوت والاوساط الاسرية التي يغيب عنها الحب هي بدون شك بيوت على قول المصريين "اي كلام" . بمعنى اصح انها بيوت قائمة المبنى ظاهريا لكنها مدمرة كليا من الباطن. والغريب في الامر ان هذه الفئة من الناس التي يغيب عن اوساطها عبير الحب لا تدرك مدى خطورة الامر ومدى تاثيره وانعكاسه السلبي على نفس الافراد والجماعات التي تتشارك سقف المنزل الواحد. ان غياب الحب داخل البيوت يفقد للحياة معناها وطعمها. بل انه يجعل الناس تعيش وكانها "قطعان" لا يوحدها سوى ساعة او اقل حين تجتمع افراد الاسرة من اجل النوم او الاكل او المطالبة بمصروف البيت! والحقيقة ان تلك الوحدة زائفة في مضمونها لانها وحدة اجسام وليس وحدة قلوب ونفوس مطمئنة. نعم ان النفس ترتاح للحب وتطمئن من خلاله على ذاتها وعلى مستقبلها ايضا. وبداية دعونا نوضح معنى الحب المقصود هنا(علما ان الحب لا مفهوم محدد له وانما له صفات لا يخطئها معظمنا). ان الحب داخل البيوت يعني ان يشعر افراد المنزل بالامان الحقيقي اذ ان الامان ليس هو الحماية من برد الدنيا وحرها بين اربعة جدران وانما وجود اشخاص تبادلك احساس الثقة والاحترام والتقدير. اشخاص تلمح في عيونهم وتلمس من خلال افعالهم مدى حبهم وامتنانهم لوجودك في حياتهم.ولا يخفى علينا حين دكر الله في كتابه الكريم اهمية المحبة والمودة بين الزوجين ("ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون"). ان الحب هو التقدير اولا واخيرا فالزوج الذي يشكر زوجته على تحضيرها للطعام, يربت على كتفها شكرا, يحترم فكرة عشقها للورد فيفاجئها احيانا باحضاره لها دون ان تسيطر عليه فكرة ان كيلو الكفتة او اللحم اكثر فائدة ورومانسية من الورود! وكذا الزوجة التي تحترم زوجها وتهتم بنفسها من اجلها اولا ومن اجله,تسهر على رضاه وخدمته, تخترع اعيادا خاصة بها من اجل اسعاده. كل هذه ماهي الا لمحات عن مظاهر الحب التي يجب الا تخلو بيوتنا منها, ليس فقط لاهميتها بالنسبة للزوجين وانما لمدى انعكاسها على الابناء والاطفال. فالبيوت التي "بتصبح وبتمسي " بالصراخ والتعنيف, البيوت التي يلاحظ الطفل او المراهق او الابن عموما جو الموت البطيء الذي تعيش فيه اسرته, حيث الاب لا يطيق زوجته وينعتها باسوا الصفات بل ولا يطيق النظر بوجهها ويفضل الاكل وحيدا كبغل(وان كنت لا اشكك في مدى رومانسية البغل لبغلته العزيزة). وبالمقابل الزوجة النكدية, الترتارة, الغيورة حد الجنون, الانانية,العديمة التفكير والتدبير, التي لا ترى في زوجها اكثر من ظل وصورة امام الناس والمجتمع. هذه المراة بدون شك يغيب عن فضائها الرحب الضيق داخل عقلها فقط نكهات الحب التي ما ان تعرج على البيوت حتى تملاها فرحا وتهون مطبات الحياة عليها. هناك مقولة تقول: " لو احب الشيطان لتلاشى الشر" وهذا واقع, فالشيطان لو من الله عليه بالحب لملا الدنيا حبا وخيرا لا حدود الله. حسب علماء النفس الافكار عبارة عن مغناطيس يجلب اليه الافكار المشابهة اما خيرا او شرا. ان الحب لا يحتاج لان تمتلك المراة لنزار القباني ولا لان يمتلك الرجل لحورية بحر تغويه بجمالها وحلو كلامها, ان الحب ابسط من ذلك بكثير, انه نظرة تقدير,كلمة شكر, ضمة حنان, مفاجئة ولو بسيطة, ابتسامة لا تغادر الشفاه... ياسادة ان البيوت التي لا حب داخلها هي امس الحاجة الى الترميم من تلك الاكواخ التي تعبق بالحب في معانيه الاساسية من : احترام,ثقة,تقدير,اهتمام, ورعاية.