عن رابطة الدفاع عن حقوق المستهلك شهد ميناء طنجةالمدينة يوم 20 شتنبر 2011 عودة استئناف الأشغال الخاصة بتهيئة واجهة المدينة القديمة المطلة على الميناء ضمن مشروع تهيئة ميناء طنجة، وتشمل هذه العملية القيام بتطهير المحيط وإزاحة الأتربه ، وتنحية البناءات العشوائية المضافة، والقيام بعملية المسح الأركيولوجي تمهيدا لإنجاز المشروع الخاص بعملية الترميم . لكن المثير في هذه العملية التي انطلقت منذ مدة هو عدم استنادها إلى دراسة علمية دقيقة تحدد طبيعة المواقع المشمولة بالتهيئة، وخصائص مكوناتها التاريخية ، ثم كيفية التعامل معها وفق تصور منهجي يساهم في الحفاظ عليها وتثمينها.
فأول ما سجل عند انطلاق هذه الأشغال هو اعتماد آليات الحفر العتيق بواسطة آلة الحرافة التي كلفت باقتلاع الأتربة المتراكة فوق منحدر الهضبة التي تسند هياكل المدينة القديمة ، ولقد تم خلال هذه العملية العشوائية التخلص من كميات ضخمة من الأتربة المحملة بالمواد الأثرية المبعثرة دون إخضاعها للدراسة من طرف المختصين في علم الآثار ، ومع ذلك ظلت الأشغال المنجزة محاطة بكثير من الغموض في غياب توفر دراسة ميدانية معلن عنها ، وذلك أن اللوحة الخاصة بمشروع تهيئة الميناء ومحيطه ، لا تبرز هذا الجانب بوضوح وبشكل مدقق ، ما يعبر عن وجود فراغ قانوني يخشى أن ينعكس سلبيا على المشروع ككل وعلى الموروث الأثري للمدينة العتيقة الذي سيتعرض للإتلاف .
ومما يؤكد ذلك هو استمرار نفس الأسلوب في إنجاز الحفريات كما سجل يوم 20 شتنبر 2011، حيث استمرت الجرافة تخترق أسفل الهضبة لتنحية كميات من الأتربة ، بهدف تعرية الموقع والكشف عن معالمه الخفية، وهو ما يمكن أن يشكل خطرا على بنية المدينة القديمة ككل، مثل ما حصل في حادث انهيار حي احسيسن بالجهة الغربية للمدينة حينما تم تعميق الحفر العشوائي من طرف إحدى المقاولات واقتلاع الأحجار التي كانت تشكل الدعامة الأساسية لاستقرارهضبة المدينة من جهة حي مرشان وسبيلة الجماعة .. وللعلم فإن هذا الحادث كان بمثابة زلزال عنيف أدى إلى تهجير نصف سكان الحي.
عملية إزالة الأتربة بكيفية عشوائية تؤدي إلى إتلاف كل الآثار التي تعكس ملامح المراحل التاريخية من حياة المدية، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى تفويت الفرصة على الباحثين من أجل إجراء الدراسات على تلك اللقى والمواد التي تم التخلص منها في مطارح النفايات، وذلك أن طرح الأتربة محملة بمعطيات تاريخية يعد ضياعا للموروث الثقافي وإجهاضا لروح وجوهر المشروع الذي يراد إقامته ، والذي ينبني أساسا على إدماج الميناء الجديد في محيط المدينة العتيقة.
وبالرجوع إلى واجهة الورشة ، وحصيلة الأشغال الجارية يمكن القول إن العملية قد كشفت عن وجود بعض الأبنية القديمة ومنها ، آثار كهف صغير بداخله نبع مائي ، وسقف مكون من أشكال هندسية نتيجة ترسبات كلسية طبيعية ، ووجود آثار نفق تحت أرضي قد تكون له علاقة بنفق آخر مماثل اكتشف سابقا بجانب سور القصبة .ثم اكتشاف أدراج ممتدة بين جدارين، وهي تمثل مدخل المنطقة المعروفة بدار البارود التي لا زالت آثارها قائمة ، وهي تشكل ما يعرف بيور كاسطل ( قلعة المدينة التي استعملت في مختلف المراحل التارخية ) لكونها كانت تشكل التحصينات الأساسية للمدينة بدءا من عهد الرومان، فالعهود الأسلامية وفترة الإستعمار الإنجليزي والبرتغالي .. وتجسد معالمها الحالية الفترة البرتغالية والإنجليزية.
تضم هذه الواجهة أيضا آثار دار الديوانة القديمة التي تعود إلى القرن 19 وهي المعبر الذي مر منه الإمبراطور الألماني في سنة 1904
كما أن الجزء الشرقي من القلعة المذكورة يذكر بملامح فترة تحرير طنجة سنة 1684 في عهد المولى إسماعيل . كما يوجد في المحيط مبنى فندق كونطيننطال الذي يعود تاريخه إلى نهاية القرن 19 وهو من الفنادق العصرية الأولى في المغرب.