يعد الإصلاح الجبائي، الذي تم توضيح معالمه الرئيسية من خلال المصادقة على القانون الإطار 19-69، أحد الملفات الأساسية للدخول الاقتصادي الذي سيكون خاصا هذه السنة، بالنظر إلى تزامنه مع تشكيل حكومة جديدة. ولذلك، يتعين العمل من أجل تعزيز دينامية انتعاش الاقتصاد الوطني من خلال اتخاذ تدابير جبائية ملموسة تشجع على الاستثمار الحقيقي، الذي تشكل فيه روح المقاولة والابتكار والنمو الشامل لبنات أساسية. علاوة على ذلك، من المؤكد أن يشكل تنزيل هذا الإصلاح، المستند في جزء كبير منه على توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات التي انعقدت في ماي 2019 بالصخيرات، أحد الأولويات الرئيسية لقانون المالية برسم سنة 2022. وفي هذا السياق، حدد القانون الإطار 19-69 ، الذي أصبح بمثابة خارطة طريق للدولة في المجال الجبائي، ستة أهداف رئيسية تتعلق ب"التشجيع على الاستثمار المنتج للقيمة المضافة والمحدث لفرص الشغل"، وأيضا "التقليص من الفوارق لتعزيز العدالة والتماسك الاجتماعي" و "تحقيق التنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية". ويتعلق الأمر أيضا ب"تكريس الحكامة الجيدة وتعزيز فعالية ونجاعة الإدارة الجبائية" و "توطيد الثقة بين الملزمين والإدارة" و "الانفتاح على الممارسات الفضلى على المستوى الدولي في المجال الجبائي". ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، التي تنبثق عنها سلسلة من الأهداف الفرعية ذات الصلة، خصوصا تخفيف العبء الجبائي وتوسيع الوعاء الجبائي وتكريس الحياد الجبائي وإدماج القطاع غير المهيكل ومحاربة الغش والتهرب الضريبيين، تم إقرار العديد من الآليات بموجب القانون الإطار المذكور. وتتعلق أبرز هذه الآليات باعتماد توجه تدريجي نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الشركات، والتخفيض التدريجي لمعدلات الحد الأدنى للمساهمة، ووضع حوافز لصالح المقاولات المبتكرة حديثة النشأة وبنيات الدعم المسماة "الحاضنات أو المسرعات"، وكذلك لفائدة المقاولات التي تهدف إلى تجميع المقاولين الذاتيين داخل بنية ترمي إلى تزويدهم بالخدمات، تسمى "مجمع المقاولين الذاتيين". ويشكل هذا الإصلاح ملفا "ثقيلا" على طاولة الحكومة المقبلة، المدعوة إلى الأخذ في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، من أجل الانطلاق على أسس صلبة نحو نظام ضريبي "أكثر عدلا وتماسكا وفعالية وتنافسية وشفافية" من شأنه تحقيق التنمية التي تعود بالنفع على الجميع. وبالموازاة مع ذلك، يتعين على السلطة التنفيذية المساهمة في تسريع الدينامية الإيجابية للإصلاح الجبائي وجعلها منسجمة مع طموح النموذج التنموي الجديد المتمثل في تثمين الإمكانات الجبائية الكاملة للاقتصاد الوطني. ويتمثل الهدف من ذلك، كما أكدت عليه اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، في "معالجة الفوارق في التوزيع الأولي للثروات والمداخيل، ودعم القدرة الشرائية للمغاربة، وتحسين تنافسية المقاولات وإعادة التوجيه المكثف للادخار الوطني الخاص والمؤسساتي نحو الاقتصاد المنتج والسلاسل المستقبلية، مع ضمان حكامة فعالة وشفافة تعزز الثقة في النظام الجبائي ". رغم الطابع المهيكل للإصلاح الجبائي الذي يتطلب عدة سنوات من أجل تنزيله بشكل كامل، فإنه من المأمول أن يؤتي ثماره الأولى ابتداء من السنتين المقبلتين اللتين تكتسيان أهمية بالغة بالنسبة للفاعلين في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، والذين يسعون لإقلاع حقيقي لأنشطتهم ولدعم ملموس لتحقيق ذلك.