وصال الشيخ(*): في طنجة، اختار عدد من الطلاب تعلّم لغات آسيوية على غرار اليابانية. منهم من يريد الدراسة في اليابان، أو يدرك دور هذه البلدان في المستقبل. من بين أسباب تعلم لغات جديدة غير اللغة الأم هو لفت انتباه الآخرين. ويساهم اكتساب لغات جديدة في زيادة الثقة بالنفس وتطوير المهارات، بحسب دراسة أجرتها جامعة شيكاغو الأميركية، ونُشرت عام 2012 على موقع "بزنز انسايدر". هذه الأسباب وغيرها تدفعُ كثيرا من الشباب في طنجة إلى تعلم اللغات الآسيوية، وخصوصاً اليابانية والكورية والصينية. تفتح جمعية "تنين طنجة" أبوابها يومي السبت والثلاثاء، لاستقبال حوالى 21 طالباً غالبيتهم من المراهقين، الذين اختاروا تعلم اللغتين اليابانية أو الكورية، وما زالت في طور البحث عن أستاذ للغة الصينية. في السياق، يقول أستاذ اللغة اليابانية محمد الشنتوف (23 سنة) إنه لم يزر اليابان أبداً، إلا أنه لاحظ قدوم العديد من الشركات اليابانية إلى طنجة بعد إنشاء ميناء طنجة المتوسط، وزيادة الاستثمارات العالمية. ويشير إلى أن للغة اليابانية آفاقاً في المنطقة العربية، فقد بدأ العديد من أصدقائه العمل كمترجمين. وكانت الرسوم المتحركة مثل "الكابتن ماجد" المحفز الأول للشنتوف لتعلم اللغة في فترة مبكرة من عمره. يقول إنها "لغة مميزة ومختلفة. بدأت أتعلمها من خلال الإنترنت، واستعنت أيضاً بموقع (أوبرانه) الذي أطلقه مجموعة من الشباب وأعدوا أول قاموس بعنوان ساكورا". يضيف: "بعدها التقيت بأصدقاء مغاربة يواظبون على تعلم اليابانية، فزودوني ببعض الكتب مثل كتاب اليابانية للجميع. وبعد فترة من الدراسة، خضعت لامتحان من خلال السفارة اليابانية". يجد الشنتوف أن قواعد اليابانية سهلة، لكن تكمن الصعوبة في "مقاطعها اللغوية، مثل مقاطع الكانجو المأخوذة عن الصينية". ويوضح أننا "نحتاج يومياً إلى ألفي مقطع لنتحدث. أما الأدباء والصحافيون، فيحتاجون إلى ثلاثة آلاف مقطع يومياً". يتابع الشنتوف أنه بعد دراسة اللغة اليابانية والتعمق في ثقافة هذا البلد، "اكتشفت أن لديهم قواسم مشتركة مع العرب. هم شعب مهذب ويهتم بالإتيكيت. لديه مستويات مختلفة للخطابة. على سبيل المثال، فإن مخاطبة الطفل ليست كمخاطبة البالغين من باب الاحترام". ويلفت إلى استيعاب اليابانية بعض المفردات الأجنبية في قاموسها". يركز على أهمية التواصل مع الطلاب وتعليمهم تركيب الجمل بشكل بسيط وواضح، بالإضافة إلى نصحهم بمتابعة مسلسلات "الأنمي" اليابانية وقراءة "المانجا" (اللفظ الذي يطلقه اليابانيون على القصص المصورة). في السياق، تقول الطالبة في كلية العلوم والتقنيات في طنجة، نهى العبرقوي (20 عاماً): "أطمح لإتمام دراستي في اليابان، لذلك التحقت بالجمعية. صحيح أن الأبجدية تبدو صعبة، لكنني سأعمل على تحقيق هدفي". وتحاول اليوم مشاهدة مسلسلات "الأنمي". أما طه (13 عاماً)، فيحب الثقافة اليابانية، وخصوصاً "الأنمي". لذلك، قرر الانخراط في الدروس الأسبوعية بتشجيع من أحد أصدقائه المقربين. يقول: "أحب اليابانيين. يتمتعون بالأخلاق والأنمي والمانجا. وأريد متابعة دراستي في اليابان". تأسست جمعية "تنين طنجة" عام 2008، وعمدت إلى تدريس اللغتين الكورية واليابانية، بالإضافة إلى دبلجة بعض المسلسلات الكرتونية إلى العربية. ويقول مدير الجمعية، محمد الغردوي، إننا "نستخدم المانجا لرفع الوعي وتطوير المجتمع"، عازياً الاهتمام باللغات الآسيوية إلى الغزو الثقافي من المسلسلات التي تبث عبر القنوات العربية، بالإضافة إلى الغزو الاقتصادي للأسواق العربية. ويرى أن الإقبال المتزايد على تعلم تلك اللغات ليس موضة. فهناك أشخاص يعملون في شركات يابانية، ويرغبون في التعرف على عالم المانجا، لافتاً إلى أن هناك شركات يابانية عدة في طنجة شجعت المواطنين على تعلم اليابانية بهدف الحصول على وظيفة فيها. ويلفت الغردوي إلى أن هناك طلباً متزايداً على اللغة الصينية، إلا أنه لا يوجد أساتذة. وبخلاف طنجة، هناك في مدن فاس والرباط والمحمدية وغيرها أساتذة يابانيون، قدموا إلى البلاد عبر منظمة "جايكا". وتشجع وزارة التربية والتعليم المغربية على تدريسها. في الوقت نفسه، يلفت إلى أن طلاب الجمعية يخضعون لامتحان الكفاءة في السفارة. ويبدو أن المغاربة اليوم يهتمون بالاطلاع على ثقافات جديدة، غير تلك التي اعتادوا عليها. كما أن النمو السريع لهذه الدول يعني أن تأثيرها سيكون قوياً في المستقبل.