: في جميع الديمقراطيات المعمول بها في جميع أنحاء العالم، هناك قطبان سياسيان لا ثالث لهما. أغلبية حاكمة أو مسيرة، ومعارضة تقويمية وموجهة. فلا مجال لقطب وسط بين هذين القطبين، فأي حزب سياسي إما أن يكون إلى جانب الأغلبية وإما إلى جانب اى معارضة. وفي مدينة طنجة، كشفت انتخابات هياكل مجلس الجماعة الحضرية وقبلها مجلس الجهة، أن الحزب يمكن أن يكون مع الأغلبية والمعارضة في آن واحد، أو بتعبير آخر، حيثما كانت الأغلبية كان هذا الحزب، وهو ما يمكن أن تصنيفه في قطب سياسي وسط، أما الاسم المناسب لهذا القطب "السياسي"، فهو محمد الزموري، الذي ليس الا اسم المنسق الجهوي لحزب الاتحاد الدستوري في طنجة. محمد الزموري، الذي عايشت أجيال عديدة من أبناء مدينة طنجة، حضوره في مختلف المجالس المنتخبة، استطاع بفضل خبرته الطويلة أن يصطف الى جانب أغلبيتين متنافرتين في مجلسين منتخبين في فترة ولاية واحدة، حيث تمكن من ضمان مقعده بالمكتب المسير لجهة طنجةتطوانالحسيمة، الذي يترأسه حزب الأصالة والمعاصرة، الخصم اللدود لحزب العدالة والتنمية، الذي رمى به التحالف السداسي في صف المعارضة، مما يجعل الزموري بالضرورة خصما سياسيا لحزب "المصباح". وفي مجلس الجماعة الحضرية، الذي آل تسييره إلى حزب العدالة والتنمية، رفقة فريقين سياسيين، لم يمنع اصطفاف محمد الزموري إلى جانب معارضي العدالة والتنمية، من مد ذراعه اليمنى إلى هذا الأخير، من خلال الدفع بوكيل لائحة حزبه في بني مكادة، عبد السلام العيدوني، ليشغل أحد مقاعد العمدة الجديد، الذي ليس إلا خصمه السياسي في مجلس الجهة. هناك حالات شاذة، في بعض الديمقراطيات المبتدئة، يحدث أن يتم اتهام حزب معين بغموض رؤيته السياسية، ﻷنه يضع إحدى رجليه مع الأغلبية والرجل الأخرى مع المعارضة، غير أن محمد الزموري، قد تجاوز حتى هذه القاعدة الشاذة أيضا، حيث أن تموقعاته الحالية، جعلته يقف برجليه معا في صف حزب الأصالة والمعاصرة، لكنه أيضا مد ذراعه اليمنى إلى حزب العدالة والتنمية. بيد أن القدرة الخارقة التي برهن عليها الزموري في صياغة خارطته السياسية الفريدة، لم تسعفه كثيرا في الكلام وإباء مواقفه من مختلف القضايا، ويكفي أنه امتنع مرتين من ترأس جلستي انتخاب رئيسيه المتنافرين سياسيا، بالرغم من أن القانون يفرض عليه كأكبر المنتخبين سنا أن يتولى هذه المهمة. ويسجل العارفون بتاريخ الزموري عجزه عن الكلام طوال مساره السياسي والتمثيلي سواء في البرلمان أو الجماعات المحلية. وعندما انتابته بعض الشجاعة قبل نحو سنتين وأخذ زمام الحديث باسم فريقه النيابي في البرلمان، فإن ذلك شكل مادة دسمة للصحافة المحلية والوطنية، وتحدثت عنه بإطناب ملحوظ بالنظر لما تضمنته مداخلته من تفاصيل شيقة.