انطلقت أمس الجمعة، بقرية زنيد بجماعة أربعاء عياشة بإقليمالعرائش، فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان "ماطا" بمشاركة حوالي 220 فارسا من أبناء قبائل منطقة جبالة. فعلى مدى ثلاثة أيام، سيفتح المهرجان، الذي تنظمه الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي بتنسيق مع نقابة الشرفاء العلميين وبشراكة مع المهرجان الدولي للتنوع الثقافي لليونيسكو تحت شعار "ماطا تراث حضاري ورافعة أساسية للتنمية الاقتصادية"، الآفاق أمام الفرسان لإحياء هذه اللعبة العريقة التي تشكل جزءا من التراث اللامادي لقبائل جبالة. إلى جانب إحياء هذا الإرث التاريخي، يهدف المهرجان إلى التعريف بالمنطقة والتعريف بهويتها الحضارية المتنوعة الضاربة في جذور التاريخ، وإبراز الدور البطولي للفروسية في حماية ثغور الوطن وكذا التعريف بالمنتجات المجالية والصناعة التقليدية لمنطقة جبالة لتعزيز مسار التنمية الثقافية والسياحية بالمنطقة. وتميز افتتاح المهرجان، الذي حضره على الخصوص عامل إقليمالعرائش، مصطفى النوحي، والمدير العام لوكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، منير البويوسفي، ونقيب الشرفاء العلميين، عبد الهادي بركة، استعراض فرق الخيالة المشاركة في لعبة "ماطا"، واستعراض الفرق الفلكلورية، إلى جانب تقديم عرض تمثيلي لعملية "ثويزا" التي تجسد التعاون والعمل المشترك بين الفلاحين. ويضم برنامج المهرجان، الذي تجري فقراته بطنجة وشفشاون والعرائش، ندوات علمية تلامس قضايا ثقافية تعكس تشعب الروافد الحضارية التي تزخر بها منطقة شمال المغرب، إلى جانب سهرات فنية ومعرضا للصور وأنشطة ثقافية للأطفال ومعرضا للمنتوجات الفلاحية والصناعة التقليدية، إضافة إلى إقصائيات لعبة فروسية "ماطا". في هذا الصدد، أكد مدير المهرجان، نبيل بركة، أن هواة الفروسية وعشاق الطبيعة والتراث التقليدي للمنطقة سيكونون على موعد مع الاستمتاع بالعروض الثقافية والرياضية المرمجة، والتي تروم بالأساس، التعريف بالتراث الثقافي المتجذر في القدم، الذي تجسده فروسية "ماطا". وأضاف، في تصريح صحافي، أن المهرجان يسعى "لإحياء الموروث الحضاري المغربي الأصيل والحفاظ عليه وصيانته بما يمثله من قيم وطنية ومن تضامن اجتماعي، والمساهمة في الدينامية السياحية والثقافية والاجتماعية ودعم التنمية البشرية بالمنطقة". وذكر بأن الدورات السابقة "أثارت أنظار عدد من المتابعين من كل جهات العالم، خاصة مع مشاركة نوعية خاصة من الفرسان وإتقانهم الكبير لهذه اللعبة الشعبية، التي تستقطب اهتمام المغاربة كما الأجانب"، موضحا أن الرهان هذه الدورة يتمثل في تقديم برنامج احتفالي متميز لجلب أكبر عدد من الجمهور والتعرف عن قرب على التقاليد العريقة للمنطقة والاطلاع على مكونات التراث المحلي بأبعاده الثقافية والفنية والروحية. وتعتبر لعبة "ماطا"، التي كان يلعبها الناس في القدم بعد الانتهاء من العمل التضامني (ثويزا) لتنقية الحقول أو جني المحاصيل والحصاد، منافسة شريفة ومناسبة للتعبير عن الفرح وإبراز الطاقات البطولية في فنون الفروسية، حيث تعتمد على الحكمة والدهاء والقوة والثبات. وتتمحور اللعبة حول اختيار ثلاث نساء لهن دراية بإعداد العروسة/الدمية (ماطا) ويقمن بتزيينها، ويحضر شباب القرية لاستلامها، لكن تتفق النسوة على اختيار شاب له مواصفات معينة، كأن يكون صاحب الحصان القوي والسريع، لمنحه العروسة "ماطا"، وتحذيره من مغبة إضاعتها أو سرقتها من قبل فرسان القبائل الأخرى المنافسة.إثر ذلك تنطلق سربات الخيول الخاصة بشباب القرية موحدة على مسافة معينة وعند الوصول إلى ميدان اللعب تبدأ عملية توزيع الأدوار، وتحضر مجموعات من القبائل الأخرى لتطالب، أيضا، بالعروسة "ماطا" فيبدأ الصراع من أجل الحصول عليها والاحتفاظ بها. واختلف الكثيرون حول أصول "ماطا"، لكنهم يجمعون على أنها لعبة حربية بامتياز، ممزوجة بمعاني الحب وتقاليد الكرم والوفاء والتطوع خدمة للآخر، وطموح للدفاع عن شرف القبيلة وقيمها وتقاليدها.يذكر أن مهرجان "ماطا" أصبح من المهرجانات التراثية التي تستقطب متابعة كبيرة بجهة الشمال، حيث تفيد معطيات المنظمين أن الدورة السابقة شهدت توافد حوالي 150 ألف زائر جاؤوا لاكتشاف تقاليد تراث الفروسية الذي تتميز به المنطقة، إلى جانب مشاركة 220 فارسا من مختلف القبائل، وحوالي 50 تعاونية في المعرض التضامني المنضم بالموازاة.