تشكل زيارة المغربي ابراهيم تقي الله، ثاني أطول رجل في العالم، لفنلندا وتحديدا لمدينة كاينو حدثا مميزا، خصوصا أن هذه المدينة النائية الواقعة شمال شرق العاصمة هلسنكي (600 كلم) كانت مسقط رأس العملاق الفنلندي الشهير دانيال كايانوس. الزيارة لم تكن لتمر كحدث عابر، فسكان المدينة على موعد مع عملاق حي، بعد مرور قرابة ثلاثة قرون على وفاة أحد أساطير البلدة كايانوس، الذي كان يبلغ طوله 2.50 متر. خمسة أيام يقضيها المغربي تقي الله، 37 سنة، في تواصل مع سكان البلدة، وخصوصا مع طلاب المدارس الابتدائية للحديث عن الاختلاف والتميز وما يرتبط بهما من فرص وتحديات، وأيضا من مشاكل وعوائق. ويشتمل برنامج تقي الله في كاينو زيارة دار “أوبرا كايان” في “لينو هاوس” وزيارة كنيسة “بالتانييمي”. كما سيكون لدى الساكنة الفرصة لمقابلة تقي الله خلال حدث عام في أحد الفضاءات العامة. “هذه أول زيارة لي لفنلندا، وتأتي في إطار مشروع أوبرا داينال كايانوس”، يقول ابراهيم تقي الله، الذي دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية بطول يبلغ 2.46 متر خلف التركي سلطان كوسن 2.51 متر، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء. وفي هذا الصدد يعتبر ابراهيم، وهو من مواليد مدينة كلميم، ومقيم حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس، أنه “أمر مميز بالفعل أن تكون ثاني أطول رجل من بين ستة مليارات إنسان على الأرض”، موضحا: “تكون محط الأنظار والإعجاب. الكثيرون يرغبون في التقرب منك والتقاط صورة وتجاذب أطراف الحديث”. إبراهيم تقي الله هو حاليا أطول رجل في أوروبا وإفريقيا. ولفترة طويلة كان هو صاحب أكبر قدم في العالم، 38 سنتمترا وبمقاس حذاء 58. والرقم القياسي الآن كسره شخص في فنزويلا. يعتبر إبراهيم أن طوله الفائق وتصنيفه في موسوعة غينيس فتحا له أبوابا واسعة للشهرة. الأمر يتعلق ب “نعمة من الله” حسب وصفه. “بفضل هذه النعمة تعرفت على الكثير من الشخصيات، سافرت لعدة دول وشاركت في عدة تظاهرات وطنية ودولية”؛ مستعرضا في الوقت ذاته سلسلة الأعمال الفنية التي شارك فيها كممثل سواء في فيلم “شوكولا” إلى جانب “عمر سي” والنجم “جيمس تيري” حفيد شارلي شابلن؛ أو فيلم “إلاد دو” إلى جانب “كيف أدامس” و”جمال دبوز”؛ وفيلم “أبني” وسلسلة “هيرو كورب”. كما يحترف المسرح حاليا مع فرقة “لي شيان دو نافار” من خلال عرض يؤدي فيه دور الجنرال دو غول، وهو حاليا بصدد تحضير عرض جديد مع الساحر الفرنسي “إيتيان ساغليو”. غير أن هناك العديد من التحديات والعراقيل في تفاصيل الحياة اليومية لرجل يختلف طوله وحجم أطرافه عن المألوف بكثير. فإبراهيم يقر أن هذه النعمة تترافق مع “العديد من المشاكل المتعلقة أساسا باللباس والتنقل وأيضا بالسكن. أقطن في باريس حاليا، وارتفاع السقف المسموح به في الشقق هو 250 سنتمر. هذا الأمر لا يشعرني بالارتياح كثيرا”. وتبقى أكثر المشاكل التي يعاني منها تقي الله ويرى فيها تمييزا سلبيا صعوبة حصوله على رخصة سياقة، بعدما اعتبرت المصالح المعنية بفرنسا أنه سيتعين عليه دفع تكاليف اجتياز امتحان السياقة تناهز 55.000 أورو، لتحقيق رغبته في سياقة سيارة بشوارع باريس؛ وهو الأمر الذي يرى فيه إجحافا كبيرا. غير أن إبراهيم يؤكد على أن مثل هذه العراقيل لم تثنه يوما على الاستمرار في سلك طريق النجاح. “جسدي هو صديقي. ورسالتي التي أسعى دائما إلى إيصالها للجميع وخصوصا للناشئين، هو عدم الاستسلام لأي عوائق وأن نجتهد ونقاوم ونتعلم، لأنه باستطاعتنا أن نغير مصيرنا نحو الأفضل إذا تسلحنا بالصبر والعزيمة”؛ مضيفا أنه “رغم كل الإكراهات تمكنت بفضل الله من “النجاح والدراسة والعمل وإثبات ذاتي وتحقيق استقلالي”. وتندرج زيارة ابرهيم تقي الله في إطار سلسلة من الفعاليات التي تحتفي بذكرى دانييل كايانوس ستتوج بأوبرا في شهر يوليوز المقبل، وهو الحدث الذي استأثر منذ مدة باهتمام المتتبعين وبيع أكثر من 90 في المئة من التذاكر؛ وفق المنظمين. وتم تقديم أول عرض لأوبرا تحكي قصة هذه الشخصية بإنتاج مشترك فنلندي-هولندي في هارلم في عام 2017. وكان كايانوس قد قضى سنواته الأخيرة في هارلم بعدما جاب أوروبا لإقامة عروض ترفيهية. وخصصت مختلف وسائل الإعلام الفنلندية الكبرى، مثل “هلسنكي سانومات”، وموقع الإذاعة الفلندية “يولي” وصحف “إلتا صانومات” و”كاليفا” و”بالتامو”، حيزا مهما لتغطية أصداء زيارة تقي الله إلى كاينو، ورصد تفاعل طلاب المدارس الابتدائية من خلال العديد من المقالات والصور ومقاطع الفيديو.