– المختار الخمليشي: شيء ما تغير في زنقة "الناصرية" بالمدينة العتيقة لطنجة، إنه رونق هذا الزقاق الشعبي العتيق، الذي كان حاله إلى حدود وقت قريب لا يسر عدوا ولا صديقا، قبل أن تتهافت همم مجموعة من ساكنة وتجار الحي في مبادرات تطوعية، لتجعل منه لوحة تسر الناظرين، وتعد بذروة جديدة من الحياة. هذا الزقاق الذي يستمد تسميته من وجود مقر الزاوية "الناصرية" فيه، وبفضل مجهودات فردية وجماعية، وبعيدا عن أي إطارات جمعوية وما دونها، تحول إلى فضاء جذاب يتسم بجاذبية يقل نظيرها حتى في أرقى أحياء مدينة طنجة، بالنظر إلى براعة أصحاب الفكرة في ترتيب ألوان صباغة الجدران والأبواب، المتمثلة في اللونين الأبيض والأزرق. "اختيار زنقة الناصرية لم يكن اعتباطا، فهذا الطريق يشكل قلبا نابضا لقطاع السياحة بمدينة طنجة"، يشرح يوسف شبعة حضري، أحد حاملي لواء هذه المبادرة، الباعث الرئيسي في اختيار زنقة "الناصرية"، ليكون منطلقا لهذا النوع من المبادرات .. ويوضح شبعة في حديثه لصحيفة طنجة 24 الإلكترونية " من شأن هذه الخطوة الفريدة أن تنعكس إيجابيا على الرواج التجاري، لأن المكان هو عبارة عن تجمع لمحلات تجارية ومحلات البازارات". أولى ثمرات هذه المبادرة، لمسها يوسف شبعة، في سلوك السياح المتجولين بين دروب المدينة القديمة. "اليوم أصبح السائح لا يمر من طريق الناصرية دون أن يلتقط صورة تذكارية بعد أن اتخذ شكله الجديد"، ويرجع المتحدث الفضل في هذه المردودية إلى سكان الحي وأرباب المحلات التجارية، الذين ساهموا ماديا ومعنويا في إنجاح هذا المشروع. غير أن طموح المبادرين إلى هذا العمل، لا يتوقف عند حد صباغة جدران طريق "الناصرية" وتنظيفها، بل ستنطلق خلال الأيام القليلة القادمة، عمليات تأثيث هذا الفضاء بأصص نباتات وشتلات ومزهريات، إضافة إلى تزيين الجدران بلوحات من فن النقش على الخشب، وكل ما هو جميل ممكن. يوسف شبعة، وهو الكاتب الصحفي الذي أصدر قبل أيام قليلة أول عمل أدبي له، تحت عنوان "صدى الذكريات .. نشيد الفقد"، يعتزم أن يخصص مردودية مبيعات كتابه الأول في تثمين هذه المبادرة الاجتماعية الفريدة، من خلال تمويل متطلبات العناية بجمالية زنقة "الناصرية" وصيانة تجهيزاتها. وقبل أشهر من اليوم، شهد طريق "الناصرية"، حدثا ثقافيا فريدا من نوعه، ويتعلق الأمر بافتتاح أول مقهى ثقافي بالمدينة، وهو مقهى "لحظات طنجة"، واستطاع في مدة وجيزة، أن يشكل أحد النقاط المضيئة في مدينة تحالفت فيها "التنمية المتوحشة" والإهمال على النيل من هويتها الثقافية والحضارية. "ما حك جلدك مثل ظفرك، فتولى أنت جميع أمرك"، مقولة شعرية معروفة، يبدو أن أهالي زنقة "الناصرية"، وقبلهم سكان "شارع أطلس" بمقاطعة السواني وأيضا سكان حي "المرابط" بمقاطعة مغوغة، قد أدركوا مغزاها، وبالتالي لم ينتظروا تدخل مسؤول عمومي أو جهة معينة، لأنهم يعلمون كباقي أبناء طنجة، أن مدينتهم كانت دائما مدينة الجمال والنظافة.