استفاقت فرنسا والعالم، اليوم الثلاثاء على وقع الصدمة،عقب التهام حريق مهول مساء امس للجزء الاكبر من سقف كاتيدرائية (نوتردام دو باري) المعلمة البارزة التي تعتبر احد رموز التراث الفرنسي. واثار هذا النبأ الرهيب الذي انتشر عبر العالم، ردود فعل بفرنسا وخارجها، ملؤها التعاطف والذهول، والفزع، وايضا الأمل في اعادة بناء هذا الجزء من التراث العالمي للإنسانية. فقد نشب الحريق قبيل الساعة السابعة مساء، وانتقل بسرعة كبيرة الى سقف الكاتيدرائية التي بنيت ما بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر في قلب باريس . وتوسع الحريق نحو اجزاء من مبنى الكاتيدرائية، التي كانت تخضع لاعمال ترميم، ليشمل ايضا السقالات المثبتة على السقف. وتمت تعبئة فريق كبير من رجال الاطفاء من اجل احتواء هذا الحريق المهول وانقاذ الصرح من الانهيار الكامل. وقطعت قنوات التلفزيون الفرنسي برامجها، مخصصة نشرات خاصة لتغطية هذا الحدث الرهيب، عبر نقل صور مباشرة للحريق. ولم تستطع فرق الانقاذ السيطرة على الحريق الذي شكل مأساة وطنية وعالمية سوى عند فجر اليوم الثلاثاء بعد اثني عشر ساعة من تدخل رجال المطافىء . وأعلنت مصالح الإطفاء على لسان المتحدث باسمها ، غابرييل بلوس ،انه تم إخماد الحريق بشكل تام . وقال بلوس للصحافيين “تم إخماد الحريق بشكل كامل. نحن الآن في مرحلة تقييم الوضع” مضيفا أن الحريق امتد “بسرعة كبيرة في السقف الخشبي” للصرح العالمي على مسافة “ألف متر مربع تقريبا”. وأضاف إن رجال الإطفاء ركزوا خلال الصباح على برجي الأجراس العملاقين في الكاتدرائية وتأكدوا من عدم تعرضهما للدمار. وأدى الحريق ايضا الى اضطراب في برنامج الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كان من المنتظر ان يوجه خطابا الى الامة مساء الاثنين من اجل الاعلان عن السلسلة الاولى من الاجراءات ،في ختام الحوار الوطني الواسع الذي اطلق ردا على أزمة الصدريات الصفر، حيث اضطر الى تعديل أجندته والتوجه الى مكان الحريق. وصرح ماكرون أن “الأسوأ تم تجنبه” في هذا الحريق واعدا بإعادة بناء هذه المعلمة التاريخية الذي سبب احتراقها صدمة وحزنا في العالم أجمع. من جهتها اقترحت عمدة باريس، آن هيدالغو اليوم الثلاثاء عقد “مؤتمر دولي للمانحين” في العاصمة الفرنسية بهدف استقبال “خبراء” و”التمكن من جمع أموال لاعادة بناء الكاتيدرائية. واثار الحريق ايضا اهتماما كبيرا من لدن وسائل الاعلام الفرنسية ،وردود فعل دولية واسعة . وهكذا أعرب الملك محمد السادس في برقية إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعم المغرب وتضامنه مع فرنسا على إثر الحريق الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام بباريس. وعبر الملك محمد السادس، بهذه المناسبة الأليمة، باسمه وباسم الشعب المغربي، عن بالغ تأثره بخبر الحريق الذي دمر الكاتدرائية. كما أعرب عن مشاعر تضامنه مع الشعب الفرنسي الذي تعتبر كاتدرائية نوتردام جزءا من رموز تاريخ بلاده، مشددا على أن هذه الكارثة لا تمس فقط بواحد من المعالم التاريخية ذات الحمولة الرمزية الكبيرة لمدينة باريس، بل أيضا مكانا للعبادة لملايين الأشخاص عبر العالم. من جهتها اعربت حاضرة الفاتيكان عن “حزنها” لاحتراق الكاتدرائية. وقال البابا فرنسيس إنه “قريب من فرنسا ويصلي من أجل الكاثوليك في فرنسا وسكان باريس”. وتعتبر كاتدرائية نوتردام معلمة تاريخية تستقطب ما بين 12 و 14 مليون سائح كل سنة. وتتميز هذه المعلمة التاريخية المدرجة منذ سنة 1991على لائحة التراث العالمي للانسانية، بهندستها المعمارية ، و اكتسبت شهرة عالمية بفضل رواية فيكتور هوغو “أحدب نوتردام” التي تم اقتباسها عدة مرات في السينما لا سيما من قبل استديوهات ديزني أو العروض المسرحية الغنائية.