: لا يكاد الإمام يسلم معلنا انتهاء الصلاة، حتى تتعالى أصوات أخرى، معلنة أن الفضاء الخارجي للمسجد قد تحول إلى سوق لعرض مختلف البضائع والأغراض. بائع عطور يعترض خروج المصلين، وبائع أدوات متنوعة لا يتجاوز ثمنها درهما واحدا، قد افترش أرضية الشارع العام، إضافة إلى عربات لبيع الخضر والفواكه. مشهد يتكرر بشكل دائم في محيط معظم مساجد مدينة طنجة، لا سيما عقب صلاة الجمعة التي يعتبرها الباعة المتجولين موعدا لتصريف مختلف أنواع البضائع، فكل بائع يريد ان يلفت الانتباه لبضاعته غير آبه لما يشكله صوته المرتفع وأسلوب مناداته من ازعاج للمصلين الذين ما زال العديد منهم لم يخرج من المسجد بعد. وبالرغم من الإقبال الذي تلقاه بعض العروض التجارية في محيط هذه المساجد، فإن الفوضى التي تحصل بسبب الباعة المتجولين، تشكل مثار انتقاد العديد من المصلين، بالنظر لما يعتقدون أنه يدخل في إطار انتهاك حرمات هذه الأماكن. ويرى "زكرياء"، ان ظاهرة انتشار الباعة امام المساجد وخاصة الكبرى منها ظاهرة مقلقة للمصلين الذين يتشتت تركيزهم بين عبادة الخالق وبين اصوات المخلوقين. من جهته، يبدي "محمد" اتفاقا مع "زكرياء"، غير انه مع اعطاء المجال لهؤلاء الباعة من اجل تسويق بضائعهم لكسب قوتهم وقوت عيالهم، لكنه يتمنى ان يكونوا اكثر انضباطا بما يتفق مع حرمات المساجد. ولفت "أمين" الى الواقع الذي يعيشه المصلون في مسجد الرحمة بحي الجيراري في يوم الجمعة، مشيرا الى ان الباعة المتجولون يغلقون الشارع، وتتعالى اصواتهم بشكل يشوش على المصلين. وتعليقا على الموضوع، يرى الدكتور عبد الله عبد المومن، عضو المجلس العلمي المحلي لطنجة، انه من باب الإجلال لمقام الشرع، يجب الفصل بين بيوت الله وأسواق التجارة لأمور من بينها أن أطهر الأماكن على وجه الارض هي بيوت الله والواجب تشريفها، ولأن الاسواق ومواطن البيع والشراء هي شر البقاع لما يحصل فيها من البخس والحلف والكذب وفي الامر نصوص شرعية، فضلا عن كون اجتماع البيع بأبواب المساجد ذريعة الى الاشتغال والانشغال وهذا سر النهي عن البيع وقت الجمعة. وبشكل عام، يؤكد الدكتور عبد المومن، ضمن تصريحات لصحيفة "طنجة 24" الإلكترونية، إن المساجد في الاصل بيوت الله، أمر الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه عز وجل، وأن البيع داخلها والعقد عليه فيها من التجارة الكاسدة في الشرع وصاحبها آثم، كما أن ما تثير عمليات البيع من كثرة التجمعات التجارية خارجها خصوصا في يوم الجمعة، "فقد نهى الشرع عن البيع وقت النداء وذهب الفقهاء مذاهب في فسخه وإثم صاحبه".