القرعة توقع الرجاء والجيش في مجموعة واحدة بدوري عصبة أبطال إفريقيا    مفتش شرطة بمراكش يضطر لاستعمال سلاحه الوظيفي لتوقيف جانح    اغتيال حسن نصر الله.. قراءة في التوقيت و التصعيد و التداعيات    طنجة.. توقيف برتغالي موضوع أمر دولي عن السلطات البرتغالية    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    الموظفون الأشباح في مجلس المستشارين يضربون في مبدإ التكافؤ ويؤكدون سطوة حياة الريع "على عينك أبنعدي"    حموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي توفي في حادثة سير أثناء أداء مهامه    جائزة نوبل للطب تختار عالمين أمريكيين هذه السنة    نسبة مشاركة هزيلة.. الشعب التونسي يرفض مهزلة الانتخابات الرئاسية    نقابة تنبه إلى أن مسببات حراك تعليمي جديد قائمة وتدعو إلى التصدي للتطبيع التربوي    الداكي يطلق برنامجا تكوينيا لتعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي    محامو الرباط ينخرطون بشكل كامل في التصعيد الاحتجاجي الموسع    ريال مدريد يعلن إصابة داني كارفاخال بتمزق الرباط الصليبي الأمامي وعدة إصابات خطيرة أخرى    قرعة كأس "الكاف" تضع نهضة بركان في المجموعة الثانية    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة رسمية إلى المغرب يوم 29 أكتوبر الجاري        أرباب المخابز يحتجون على عشوائية القطاع وتدهور وغياب الدعم المالي    سحب كثيفة وأمطار متفرقة في مناطق متعددة بالمملكة    هروب ثلاثة مغاربة من غرفة طلب اللجوء بمطار مدريد    تقييم تجربة مدارس الريادة في أفق تعميمها: محاذير منهجية    سفير الملك بالصين: المغرب مستعد للإضطلاع بدور ريادي في تعزيز علاقات التعاون الثلاثي بين الصين وإفريقيا    جائزة كتارا تختار الروائي المغربي التهامي الوزاني شخصية العام    أسعار الذهب تتراجع في المعاملات الفورية    جهة سوس تسجل أعلى معدل بطالة على المستوى الوطني    طلبة المغرب يضربون في الذكرى الأولى ل"طوفان الأقصى"    بطولة احترافية بمدرجات خاوية!    مطالب بتعديل "تعريفة العلاجات" من أجل تخفيف عبء الانفاق الصحي    انحياز ‬صارخ ‬لضغوط ‬الجزائر ‬و ‬تجاهل ‬واضح ‬لصلاحيات ‬مجلس ‬الأمن    الخلفيات السياسية لقرار محكمة العدل الأوربية إلغاء الاتفاق التجاري مع المغرب    تعريف بمشاريع المغرب في مجال الطاقة المتجددة ضمن أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة2024    كتائب القسام تقصف إسرائيل تزامنا مع ذكرى "طوفان الأقصى"    الدحاوي تمنح المغرب الذهب ببطولة العالم للتايكوندو للشبان في كوريا الجنوبية    منتخب "U17" يواجه السعودية استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    مزراوي يغيب عن المنتخب الوطني بسبب الإصابة ونجم الرجاء الأقرب لتعويضه    إسرائيل تقتل غزة.. يبدو أن العالم فقد إحساسه بالعدالة والإنسانية!!    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    مشعل: إسرائيل عادت إلى "نقطة الصفر"    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعزي في وفاة الصحفي مصطفى لخيار    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة من السياسيين أنفسهم    "أيقونة مغربية".. جثمان الفنانة نعيمة المشرقي يوارى الثرى في مقبرة الشهداء    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة الغريب (2/1)
نشر في أخبار الجنوب يوم 14 - 11 - 2011

الغريب في الغربة مثل الميت. مثل شجرة بتقلعها من أرضها المروية وبتزرعها برمال الصحراء.
حيدر حيدر. هجرة السنونو
إنها إذن قصة خاصة جدا، أعرف أن كثيرين سيهزون أكتافهم حيالها ويقولون: ومالنا ولهذا القول الذاتي الخاص.
قصة يموت الزمار( مجموعة أقتلها)
يوسف إدريس
اليوم؛ الخامس عشر من نونبر 2011، وقبيل فجر اليوم الموالي تماما ستكتمل كما تنتهي تسع سنوات من رحيلك المفاجىء، الرحيل الذي ما أزال أحسه في الحلق والصدر كوخز الإبر لا أستطيع منه فكاكا. اليوم وبعد كل هذا العمر، وبعد محاولات عديدة لا يحدّها ألم، أقرّر الكتابة عنك لا لشيء إلا لكي أرتاح.
من قال إنكَ مع الكتابة سترتاح؟
.1.
منذ ستة وعشرين عاما وأنا أراك تحمل حقيبتك وتغادر. قبل ذلك ودونما سبب واضح اقتلعنا شجيرة الليمون الوحيدة التي كانت تتوسط فِناء الدار، وتؤثت سماء الطفولة. بعدها، كأنما اتفاقا بينكما، ستحمل حقيبتك وتغادر. سيمر عمر طويل لأعرف لماذا بكتك أمي يومها بحرقة؛ آخر أعمدة الخيمة الدار سينهار، وعلى الأم الشابة آنذاك أن تتحمل عبء ثلاثة أطفال؛ عليها أن تكون الأم والأب والأخ الأكبر؛ عليها أن تكون الحياة.
قرب الباب عانقتك طويلا كأيّ طفل سيُترك في خلاء على أبواب الليل، سيُترك وحيدا لأنياب الليل. والعمر ليل يا حبيبي، والعمر ليل..
.2.
ليلا تسافر وليلا تعود، كأن حياتك تستمرّ بين ليلين.
أغفو وأنام.أسمع صوتك. تناديني باسمي يااسمي، يا أنا، يا جرح الروح. تملأ كفك بقطع النقود. تضمّها. تقرّبها من أذني. تحرّكها، فأعرف أنك أنت.
من غيرك في الدنيا يوقظ طفلا في الثانية عشرة من عمره بهكذا طريقة؟
.3.
منذ ستة وعشرين عاما وأنا أراك تحمل حقيبتك وتغادر.
في غرفتك سأكبر؛ حيث خزانتك الملأى بالكتب والصور والكلمات، كأنها غرفة كونية تحتلّ أقصى ما سيصيرغرفتي بعد رحيلك. ألستُ أكبر إخوتي، والكتب والخزانات تُورّثُ كما البلدان؟ سأصير ملكا إذن على غرفتك، وأكبر في خزانتك. كل لغات الدنيا بين يديّ، كل الكتب والمجلات؛ العربي والوطن العربي والمجلة واليوم السابع والمسلمون والوعي الإسلامي والجماعة والأمة والمنفلوطي وNewsweek وNational Géographie وScience et vie و Jeune Afrique وجبران ويحيى حقي وسلامة موسى وسيرة ابن هشام والبوطي وغارودي وماركس وانجلز وبروتوكولات حكماء صهيون وكتب الإخوان والمؤمنون والملحدون واللاأدريون وكتب الطبخ وكرة القدم والأثاث والطبيعة والأزياء والعارضات الفاتنات والعاهرات... وما لم أعد أتذكره الآن. كأنه برج بابل في غرفتنا وغرفة أخي وأختي من بعدي؛ فكيف لاأكبر وتكبر مراهقتي، لأراني بعد ثماني سنوات مثلك تماما أحمل حقيبتي وأغادر؟
.4.
تباعا ستأتي رسائلك وصورك وهداياك. ونيويورك تبدو بعيدة وفاتنة كأنها جنة الدنيا.
تحت إلحاح الوالدة سأجلس وفق طقوسها المتعبة أحيانا لأكتب إليك. وبعد السؤال عن أحوالك، والشكوى من كل شيء؛ من غلاء المعيشة ومصاريف الدراسة وحال البيت العتيق وأحوال العائلة ومشاكلها، وبعد طلب المال، ستسأل أمي، وأسألك؛ متى ستعود؟
لكن الغريب الذي هاجر منذ أكثر من ربع قرن لم يعد. ظلّ هناك وهناك ضلّ.
تعودتُ على الكتابة إليك. أما الآن، وبعد تسع سنوات كاملة، وأنا أحاول الكتابة عنك، ولا أستطيع.
.5.
يقول أعرابيّ؛
( خيرٌ من الحياة ما إذا فقدتَه أبغضتَ لفقده الحياة، وشرٌّ من الموت ما إذا نزل بك أحببتَ لنزوله الموت)
ويقول المتنبي الكبير( كفى بك داء أن ترى الموت شافيا)
.6.
وحيدا في غرفة باردة في هذه المدينة الباردة، يرن الهاتف بداية ليل. يجيء صوت أخي الأصغر الأصغر لينعيك. ليلتها...
(..وإنّي راحلٌ قلتَ لي
وإنّي راحلٌ قلتُ لي
رغم نبضي
وضحْكي
ولمّ الصحاب)
وأمضي رغم نبضي أفكر في الكتابة عنك لعلّي أرتاح.
.7.
( فضَح الموتُ الدنيا) يقول الحسَن.
من قال إنّي بحاجة إلى التفكير في الموت حتّى أفكر فيك؟
.8.
كل شيء يذكّرني بك...
حتى ماياكوفسكي Maïakovski؛ هذا البدوي فارع الطول والشِّعر، القادم من القوقاز، يذكّرني بك.
(أتسلق مزهوا جسر بروكلين
هكذا ثملا بالكبرياء جائعا للحياة
....
أرى نيويورك عبر جسر بروكلين
نيويورك خانقة وثقيلة قبل المساء
نسيت ألامها، ناطحاتها
ووحدها أرواح المنازل
تتراءى في ضوء النوافذ الشفاف)
يُتبع.....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.