تستمر المجازر والمذابح الدامية اليومية التي يرتكبها النظام الاجرامي لبشار الاسد لتحصد كل يوم المئات من الشهداء والمعطوبين حيث وصل عدد شهداء الثورة السورية الى حد كتابة هذه السطور حوالي 40 الف شهيد وشهيدة وحوالي 140 الف لاجئ سوري موزعين على دول الجوار ، المجتمع الدولي مايزال منقسما على نفسه على الاقل او يبدو انه متواطئ مع هذا الاجرام الاسدي ، فكل المساعي السياسية لحل الازمة تصطدم بالفيتو الروسي والدعم اللامشروط الايراني لنظام المجرم بشار الاسد وتبقى الولاياتالمتحدةالامريكية ومعها الغرب والخليج في موقف المنتظر والمنهزم احيانا امام الرجل المريض روسيا . مع توالي هذه المآسي الانسانية وعجز المجتمع الدولي لوقف هذا النزيف الدماء , من حقنا كمتتبعين ومناصرين لحق الشعوب في التحرر والديموقراطية ان نتساءل بكل جدية هل هناك مجتمع دولي حقا ؟ وللدقة نقول هل هناك ضمير عالمي متشبع بالعواطف الانسانية وليس محكوما فقط بالنزوعات المصلحية ؟ لسنا بالطبع ممن يتوهمون ان الغرب والشرق جمعيات خيرية تعطي الدعم للعالم ولا تبحث عن مصالحها ، لكننا لم نكن لندرك حجم التخاذل العالمي الذي يعشعش في الضمير الجمعي لمعظم الشعوب في العالم ، فلم نرى لا مسيرات مؤيدة للثورة السورية في العالم ولا حركات احتجاجية ضاغطة على حكومات العالم وعلى المنتظم الدولي للاسراع بايجاد حل للقضية السورية وابعاد بشار الاسد وعصابته عن الحكم ، كأن مايجري في سوريا شأن يهم السوريين فقط , لان سوريا مادامت ليست بلدا بتروليا ومادامت لا تشكل حجرة عثرة امام التفوق الاستراتيجي الاسرائيلي في المنطقة والمائل لصالح اسرائيل بالطبع فلا يهم ما يحدث في سوريا من ما يسميه الاعلام الغربي المضلل حربا اهليا .انما يجري في سوريا ليسا حربا اهليا او صراعا طائفيا بل هو حرب ابادة تشنها عصابة مستأثرة بالحكم ومغتصبة له ضد شعب سوري اراد ان يسجل عهدا ديموقراطيا في سجله التاريخي المليء بالانقلابات العسكرية و حكم العسكر ، ان الشعب السوري وشبابه اليوم قد حسموا اختيارهم وتاريخهم لفائدة التغيير والديموقراطية وبرهنوا على نفاق غربي خطيرمفاده ان الغرب لا يبحث عن الديموقراطية والتحرر من الاستبداد ومن الديكتاتورية كما يدعي اعلامه يوميا انما يبحث عن ديموقراطية على المقاس و بالاحرى ان نسميها الديكتاتورية الناعمة ، وخير من يعبر عما يريده الغرب هو ما قاله الرئيس الاسرائيلي لصحيفة معاريف الاسرائلية اياما قليلة فقط عندما قال بأن جبهة الجولان كانت في مأمن دائم مادام هناك بشار الاسد ويتمنى بالطبع ان يستمر الامر على نفس المنوال . الهدف اذا واضح ضمان تفوق استراتيجي اسرائيلي في اي معادلة في المنطقة والسبيل الى ذلك هو ترك الشعب السوري يموت تحت وابل القصف المدفعي والطائرات وتدمير بنيته التحتية ودفع الشعب السوري ومعارضته الى الاستنجاد بالغرب والخليج وبالتالي قبول وبالاحرى تسول حل للقضية السورية مصنوع خارج الحراك الثوري في الداخل . وهذا بكل وضوح ما يسميه الغرب بعدم توحد المعارضة , اي ان توحيد المعارضة في المفهوم الغربي اليوم معناه القبول بمبادرة رياض سيف مع السفير الامريكي بسوريا فوورد والتي مفادها تكوين قيادة سياسية جديدة لا علاقة لها بالحراك الثوري السوري وتنصيب كرزاي جديد وحكومة انتقالية عميلة للامريكان مقابل وعود منح الشعب السوري السلاح للدفاع عن نفسه , عندما نسمع ضرورة هيكلة المجلس الوطني السوري ليشمل القوى المعارضة الاخرى فلا يعني ان هيلاري كلينتون تريد مجلسا وطنيا تمثيليا بالمعنى السوري للكلمة انما مجلسا لا يسيطر عليه الاخوان المسلمون ولا يرأسه شيوعي او ليبرالي ديموقراطي غير مضمون ولائه في ما تبقى من الايام بعد رحيل نظام الاسد . الغرب والخليج يبحثون عن سوريا جديدة ولكن عميلة لهم بكل ما تعني الكلمة من معنى ، ولكن لا اظن بان الشعب السوري سيقبل بعد كل هذه التضحيات التي بذلها من اجل سيادة قراره السياسي ومن اجل حريته وديموقراطيته ان يتساهل مع التدخلات الاجنبية التي طالما كان تاريخيا ضدها لانها كانت بكل تأكيد سببا من اسباب تخلفه الاقتصادي والسياسي. المحور الامريكي الخليجي ابان عن نواياه المضادة للثورة السورية ولقيمها الديموقراطية التحررية والمحور الروسي الايراني ماض في تقتيل الشعب السوري بالاسلحة الفتاكة وبفيالق بدر واحد والعرب خائفون من التغيير الديموقراطي ومن عدواه على انظمتهم .وليس امام الشعب السوري سوى ان يعتمد على قوى شبابه الواعي المدرك لمصالح شعبه وعلى الله العلي القدير قبل كل شئ لانه لا يرضى بالظلم على نفسه وجعله بين الشعوب والامم محرما لذلك فلا خوف على الثورة السورية ما دامت قد حددت من معها ومن ضدها وذلك اكثر من نصف الطريق. *حاصل على دبلوم السلك العالي من المدرسة الوطنية للادارة-الرباط *احضر دكتوراة الدولة في موضوع التحولات السياسية والمجتمعية في مغرب ما بعد 20 فبراير2011 *ناشط حقوقي وسياسي وعضو مركز الجنوب للتنمية والحوار والمواطنة *المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان *صاحب مقالات ودراسات في عدد كبير من المجلات والجرائد الوطنية والدولية ومحلل سياسي في قناة شبكة الاخبار العربية