في إطار أيام خزانة ابن يوسف الثقافية، شهدت قاعة المحاضرات بخزانة ابن يوسف بمراكش لقاء علميا حول كتاب جمالية الخط العربي في تقويم النص الشعري بين النقاد العرب القدامى والمحدثين ل: محمد البندوري، تناولته الأستاذة خيرة جليل بالدراسة والتمحيص واستجلاء بعض مكنوناته، من خلال قراءتها الايجابية البناءة التي تقدمت بها عشية يوم الخميس 14 فبراير 2013 بقاعة المحاضرات بخزانة ابن يوسف بمراكش، حيث أكدت على أن الناقد الباحث محمد البندوري قد صنع مساحة للخط العربي في النقد الأدبي العربي وأخرج الخط العربي من الدوامة والروتين الكلاسيكي ومن الدور النفعي الى مجال نقدي، وقد تأتى له صنع هذا الحيز النقدي للخط العربي لأنه بالإضافة الى أبحاثه الأكاديمية فإنه أيضا ممارس لفن الخط العربي ويعرف أسراره وخباياه وكل التقنيات والأساليب التي يتمتع بها، وبالتالي قدرته الفائقة على تحويله إلى مجال نقدي. وقد جمع بين الحسنيين ولامس ذلك عند النقاد العرب القدامى والمحدثين من خلال النصوص الشعرية على الخصوص. وقد تعرض الى اللغة العربية لغة الخط العربي، ففي نطاق البحث عن موقع للخط العربي في النقد الأدبي العربي، كان لابد وأن يبحث عن نشأة هذه اللغة التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ والتي تولدت عنها عدة جماليات سواء تعلق الأمر بالجانب الشفهي أو بالجانب الكتابي. وقد بحث في بداية الكتابة باللغة العربية وظهور الخط العربي والكتاب عموما يعالج من خلال الخط العربي التصدي لظاهرة التصحيف والتحريف وإثبات جمالية الدلالة، أو من خلال الاهتمام بالجانب البصري في القصيدة العربية على مستوى التجنيس مثلا، أو على مستوى الأصناف التشكيلية البديعية، مثل التشجير والتختيم.أو على مستوى تلاحم جمال الخط بجمال الشعر في شكل بصري جديد كما هو الشأن عند النقاد المحدثين. وتكمن أهمية هذا الكتاب في محاولة إيجاد موقع للخط العربي في النقد الأدبي العربي، واستكشاف بعض العوالم التي ظلت مجهولة لدى المتلقي، إذ ساهمت جماليته في استجلاء الغموض عن نشأة اللغة العربية وبداية الكتابة بالحروف العربية وفق حقائق علمية تمثلت في الكتابات والنقوش الأثرية. كما أن الخط العربي ساهم بشكل وافر في ضبط دلالة النصوص الشعرية وإعطائها القيمة الجمالية اللائقة بها، وتقويمها علميا، حيث تصدى النقاد العرب القدامى إلى ظاهرة التصحيف والتحريف، وساهم كذلك في خلق بلاغة جديدة أخرجت المجال الشعري من دائرة المسموع إلى مجال النظر، أو ما يعبر عنه النقاد بالرؤية البصرية، وهو ما أضفى قيمة جمالية أخرى ساهمت بشكل أو بآخر - مع تطور الزمن - في تحويل القصيدة العربية خلال العهد المعاصر إلى صورة بصرية، ويتبدى ذلك من خلال ديوان: أنت الرسولة أيقوناتك اندلعت لمحمد الطوبي، وديوان طائر السمسمة لأحمد بلحاج آية وارهام، وديوان سبحانك يا بلدي للشاعر احمد بلبداوي، وديوان كناش إيش تقول لبنسالم حميش، وديوان في اتجاه صوتك العمودي لمحمد بنيس. ومن هذا المنطلق فقد أثار هذا الكتاب أهمية الخط العربي وجماليته في علاقتها بالنص الشعري قديما وحديثا. لقد تعددت الدراسات في الخط العربي وكثرت منذ القدم إلى الآن ، لكنها غالبا ما كانت تتناول الخط العربي في ذاته ومن داخله، ولا تتعدى الإطار الكلاسيكي للخط، بل ولم تنفتح على المجالات والفنون الأدبية الأخرى ومنها مجال الشعر، وذلك لرصد العلائق الوطيدة بينها وبين الخط العربي من جهة ، والوقوف على البعد الجمالي للخط العربي ودوره في تحريك عملية الإبداع بمنظور جديد، وتقويم النصوص من جهة ثانية . وبذلك فقد كان ينظر إلى الخط العربي من منظور كلاسيكي أو كأداة نفعية ليس غير. إن تحقيق محمد البندوري لهذه النتيجة هو في الحقيقة جاء لتراكم معرفي لديه في مجال الخط العربي باعتباره يمارس فن الخط العربي والفن التشكيلي، وقد رصد العلاقة بين الخط العربي والفنون الأدبية الأخرى، وقد ساهم في توجيه هذا الدراسة نحو ربط الصلة بين الخط العربي والنص الشعري في نطاق نقدي طرح معه عدة تساؤلات انتابت البعد الجمالي للخط العربي باعتباره فنا بصريا، في الوقت الذي ظل معه الشعر لردح من الزمن يعتبر فنا لغويا، ثم إلى أي مدى قيد الخط العربي النصوص الشعرية بالضبط وإثبات جمالية الدلالة من خلال معالجته لظاهرة التصحيف والتحريف. وكان كذلك لزاما معرفة مدى مساهمة الخط العربي في إضفاء الجمالية على النصوص الشعرية ومساهمته في تقويمها، سواء عند النقاد العرب القدامى أم المحدثين. وقد بحث عن دور فعال للخط العربي في القصيدة العربية، ساهم في بسط نمط جديد، واستثمر البعد الجمالي إلى أبعد الغايات.