محمد المستاري / سمعته كان يشكو إلى أحد أصدقائه قائلا: دخلت إلى أحد مقاهي الإنترنيت كعادتي التي أبحث فيها عبر المواقع الإلكترونية عن وظيفة أو شغل، فصدفة وجدت بعد النقر على محرك جوجل رابطا بعنوان: "فرصة لا تعوض بالنسبة إلى كل الشباب الذين لم تسعفهم الشهادات الجامعية والدبلومات المهنية". راسلتهم يقول: ...وبعد أيام معدودة أجابوني، بأنه تم قبولي، فرحت... وبسرعة البرق أسمعت والدتي الصبورة بالخبر، فرحت كذلك وأخبرت معها الجيران والأحباب، فدام فرحنا مع الانتظار خمسة أيام، ولعلها سبعة، غير أني صدمت حينما طلبوا مني 4 ملايين؟ فذبلت ولعلها ذبحت فرحة الجميع... قلت إنه قدر من الله، بينما قالت والدتي عين حسود... فيما بعد حاولنا تجاهل الأمر، غير أن الأيام تمر بالنسبة لي كما تمر السنوات، بل والعقود... حيث سئمت الانتظار... والوقوف في الدروب، إذ كل قطط وكلاب الجيران الضالة باتت تعرفني، بعدما كانت كلما رأتني طاردتني، أتذكرها، هي الآن تقترب مني وتعطف علي؛ أقرأ ذلك في عيونها العاكسة، بينما الجيران بألسنتهم الطويلة احتقروني، وقالوا عني الكلام الكثير.. عاجز عن العمل، ضعيف.. لكن ما العمل؟ كمال ابن الدرب قريني في السن يشتغل في النجارة، إدريس أيضا يشتغل في التجارة، وكل زملائي يشتغلون غير أني أتوقف عند نفسي، حيث لا حرفة ولا صناعة لي، لأني كنت أعتقد أنه سيتم الاحتفاء بأفكاري ودراستي في قطاع الدولة... فهل خانتي الشهادة (الدبلوم)؟ أم خانني مسؤولو الوطن؟ ... فالآن؛ بكل قواي العقلية.. كل ما أراه هو لوحة سوداء لا أبيض ولا حتى رمادي فيها، أعلن أن كل ما أراه هو اغتيال أحلامي... وقبل أن تحكموا، رجاء هاكم اليوم حالي: تزوجت الحبيبة التي سئمت من طول انتظاري... وتوفى والدي الذي كنت قد وعدته بزيارة مكة بعد شرب المرار... هذا؛ وتساقط الشعر، تجعد الوجه، عصعصت اللحية، قصرت القامة، ضعف القلب، كل البصر، واقعسعس الظهر، وبالمرة فارقتني الابتسامة... فتبا لك أيها الزمن بقدر عدد أوراق الشجر... med.mestari_(at)_gmail.com