سميرة البوشاوني / يدخل لخضر حدوش معركة الإنتخابات البرلمانية و هو يجر خلفه ملفات عديدة، باعتباره أن تجربته الجماعية أسالت الكثير من المداد: رئيس سابق لجماعة واد الناشف سيدي امعافة، و من بعد رئيس المجموعة الحضرية، إلى رئيس الجماعة الحضرية لوجدة. نائب برلماني لأكثر من ولاية، و اليوم صار متهما في قضية عرضت فصولها على المحاكمة، حيث قضت المحكمة الابتدائية بوجدة بإدانته ب 8 أشهر نافذة، و هو في حالة سراح في انتظار انطلاق المحاكمة الإستئنافية خلال الأسبوع المقبل. حصيلة حدوش بالبرلمان لا يعرفها إلا هو، حصيلة ضعيفة مقارنة مع الحاجيات و الخصاص الذي تعرفه دائرة وجدة أنجاد، حضور قليل بالبرلمان. و رغم هذا يصر الرجل على تقديم ترشيحه مرة أخرى، و إن كان من حقه ذلك، غير أن واجبه على المدينة و على الساكنة التي وضعت الثقة فيه أكبر بكثير من هذا الحق. الرهان الحقيقي اليوم، ليس هو المقعد بل الجالس عليه، ليس هو الحزب، بل أفكاره و اختياراته، إنها مرحلة جديدة في تاريخ المغرب، مرحلة على المحك إما النجاح و الفوز في ظل ربيع عربي صادم، أو مراوحة المكان و انتظار الإعصار. هكذا و بالرغم من كل الخطايا و الأخطاء القاتلة التي أوصلت بعضها لخضر حدوش إلى المحكمة، و منها من تم التستر عليه، يأبى إلا أن يعاود ترشيحه من جديد، دون أن يترك المكان لغيره، و هو يعلم مسبقا أن ثمة أخطاء قاتلة ستجر عليه الويلات و تعرضه لمحاكمة شعبية على غرار المحاكمة القضائية، هكذا سيتذكر الناخب أخطاء لخضر حدوش التي ستعمل على تعجيل الإنهيار السياسي للسنبلة بوجدة، كما وقع لنواب برلمانيين سابقين. الخطا الأول: الرحالة الكبير. يعتبر لخضر حدوش من الرحالة السياسيين الكبار، لأن الأصل فيه لا انتماء حزبي، بل لا تاريخ سياسي و نضالي، سقط بجماعة واد الناشف سيدي امعافة، كمستشار نكرة بدون لون سياسي، خلال الإنتخابات بالدائرة، و ما أسهل الدائرة. سرعان ما أحس بأهمية الانتماء السياسي، و حيث أن الحزب الذي كان يسيطر على الميدان هو حزب التجمع الوطني للأحرار، دخل بابه بعد الانقلاب الشهير على بولويز، بعد ذلك و بعد هروبه الشهير من حزب الأحرار، حيث لم يجد له مكان، انتظر قليلا ليطل على جبهة القوى الديمقراطية بعد انشقاقها عن حزب الراحل علي يعتة. لم يمكث الرجل طويلا بهذا الحزب، لأنه حزب بأطر و بأفكار و قناعات ربما لم يقدر على مسايرتها رجل لم يجرب أبدا معنى الانتماء السياسي و النضال الحزبي، ليبحث عن ملجأ آخر وجده في حزب الحركة الشعبية. مكث بها كثيرا، و ترشح باسمها مرارا، حتى أنه كان يعتبر نفسه الأمين الإقليمي لهذا الحزب، دون منافسة و لا “صداع الرأس”. بعد تأسيس حزب ”البام” تسلل الرجل إليه ليلا، ليركب الجرار، في أكبر عملية إساءة للمواطن الوجدي و للمنتخبين الذين أوصلوه إلى قبة البرلمان باسم “السنبلة”. بعد حكاية رئاسة جماعة وجدة الحالية، و حربه مع صقور” البام”، سيعود لخضر حدوش إلى عرين “امحند العنصر”. إنه رحالة كبير بتاريخ صغير، سيجعله رهين تجربة فارغة في عالم السياسة. الخطأ الثاني: التوظيفات المشبوهة ؟. استغل لخضر حدوش تواجده بالجماعة الحضرية و هو رئيسها الفعلي منذ زوال منافسه الأقوى بولويز، ليوظف من يشاء في أكبر عملية استغلال للنفوذ، حيث ظلت الوظائف بجماعة وجدة حكرا على عائلات المستشارين الجماعيين و كبار الموظفين النافذين، في إقصاء ممنهج للأطر و الكفاءات المحلية، من حاملي الشهادات الجامعية العليا. و الغريب في الأمر أن هذه التوظيفات كانت تمر في ظروف صعبة يتم بها شراء ذمم المستشارين لتمرير الحسابات الإدارية، علما أنها أي الوظائف كانت تفوت لمواطنين لا شواهد لهم و لا دبلومات، مما أجج الوضع الإجتماعي بوجدة و انعكس سلبا على سوق الشغل. و بالعودة إلى هذا الملف يرى الجميع أن الرئيس السابق لجماعة وجدة وظف أبناءه و أقرباءه و محيطه، مستغلا بذلك رئاسته للجماعة، فهل كانت عائلة حدوش و محيطها ستوظف بالجماعة لولا تواجده من على رأسها خلال ولايتين ؟ أهي الصدفة ؟ أم الحظ ؟ أم استغلال النفوذ ؟. الخطأ الثالث: الوعوذ الكاذبة. ما يعاب على تجربة لخضر حدوش أنه لم يكن يعرف كلمة لا ؟ او غير قانونية ؟ أو ما شابه ذلك، كل شيء كان يقول في شأنه نعم ؟ و الحقيقة أن هذه الممارسة جرت الويلات على لخضر حدوش و اعتبرها البعض و خاصة مقربيه، الوصفة السحرية التي عجلت بنهاية المسيرة السياسية للخضر حدوش. وعد الجميع بتزفيت الطرقات مستغلا الحملات الإنتخابية و لم يفي ؟ وعد كل الرياضات بتقديم الدعم لها من مال الجماعة و لم يكن أي شيء ؟ وعد بتوظيف البعض، فتحولوا إلى مسخرين بالجماعة، بل لنقل متدربين ؟ أعطى أوامره في حضور البعض، ليخلفها بمجرد مغادرتهم لمكتبه ؟ وعد، و نقض الوعد، بل تربص و خطف الأفكار من هنا و هناك و استغل معاونيه، ممن سهلوا له عملية الوصول في سرعة البرق, وعد بدعم الجمعيات إلا أنه فضل هذه على الأخرى، ليؤسس جمعياته الخاصة، من رياضة و ثقافة و تنمية و تربية. إنه لخضر حدوش بكل بساطة القادم إلى السياسة من عالم المطاحن، برصيد ثقافي و سياسي هزيل، ليتحول إلى برلماني في رمشة عين، غير أن أخطاءه الكثيرة سترمي به إلى الهامش. الخطأ الرابع: حبك المؤامرة. دشن لخضر حدوش مؤامراته التي أخرج فصولها مع مستشاريه بالمجلس السابق لجماعة وجدة، خلال تواجد محمد إبراهيمي على رأس ولاية الجهة الشرقية و كعامل على عمالة وجدة أنجاد. حاول توهيم الجميع بأن الوالي هو الذي يخطف الأضواء و يتدخل في كل شيء، و لم يترك لهم هامشا للعمل، هكذا سيحيك كؤامرة من داخل الجماعة حتى لا يتم التصويت على بعض نقاط السلطة المحلية. لم يقتنع الوالي السابق، و اعتبر ذلك مجرد مؤامرة من رئيس يحب الظهور و لا يريد أن ينازعه أحد في تسيير الجماعة و استغلال منجزاتها في كل حملة انتخابية، إنه الرصيد الوحيد الذي بواسطته يمكن للخضر حدوش العودة إلى الواجهة. هكذا سيعمل “الداهية” إبراهيمي على استدعاء بعض نواب حدوش، مستفسرا إياهم على عدم تفويت بعض النقاط الإستعجالية و الخاصة بمشاريع كثيرة كان جلالة الملك قد سهر عليها، ليتفاجئ الرجل برد النواب، بكونهم ليسو على علم بهذا، و أن حدوش يحبك المؤامرة، و يريد توريطهم في ما هم فيه. هكذا ستنفرط أول حبة في عقد السلطة و حدوش، ليتيقن الجميع أن لخضر “داهية” و صاحب مؤامرات عديدة. الخطأ الخامس: خارق للإلتزام. الكل يتذكر انتخاب مكتب جماعة وجدة الحالي، و كيف هرب أصدقاء حدوش إلى بيت أفتاتي، و هو الذي كان يأمل في إعادة انتخابه رئيسا لجماعة وجدة. قررت الاحزاب الأربعة و هي الاستقلال و الأحرار و الأصالة و المعاصرة و ثلة من الحركة الشعبية، انتخاب عمر حجيرة رئيسا لجماعة وجدة، من خلال اتفاق بمثابة عهد بين أمناء الاحزاب الأربعة، نظرا للاحتقان الداخلي و الحروب الخفية التي عاشها الجميع خلال فترة انتخاب مكتب جماعة وجدة. هكذا سيتم توجيه رسالة إلى الأمناء العامين للأحزاب الأربعة، تتهم لخضر حدوش بعرقلة سير أشغال الجماعة الحضرية و ذلك بعدم حضوره للدورات و العمل على إضعاف الأغلبية بغيابه و دعوته لبعض المستشارين حسب مصادر إلى مقاطعة الدورات بما يفيد عرقلة جمع النصاب القانوني. هكذا سيعمل البام على طرد حدوش لانه لم يف بالتزاماته اتجاه التحالف المسير للجماعة الحضرية لوجدة. بل بدأ حدوش يصرح بأن الرئاسة مزورة، دون أن يعلم بأن نفس الرئاسة جعلت منه نائبا أولا للرئيس، إذن لا التزام سياسي باعتباره رحالة كبير، و لا التزام مبدئي باعتباره عرقل سير أشغال المجلس بعدم الحضور. إنها الأخطاء القاتلة التي ربما ستعجل برحيل لخضر حدوش و نهاية مساره التمثيلي من البرلمان في أفق نهايته بالجماعة. إنها الدروس التي لم يقوى على تحملها لخضر حدوش، و هو الذي جعل من شعار حملته الانتخابية الحالية لا للحكرة لا للتهميش، ناسيا أو متناسبا أن الحكرة دشنها هو عندما احتقر الاحزاب التي احتضنته و نسي أن التهميش هو صاحبه حين همش الاطر و الكفاءات مستغلا موقعه البرلماني و الجماعي. يا لها من نهاية تعيسة ؟ و يا لها من ضربة قاضية.