ما أشد بلاء أمتنا العربية والإسلامية المجروحة بما يجري فيها الآن من إختلافات وعصبية مفرطة وصوت عالي وكلاً يتمسك برأيه، إن العمر قصير، والحاضر الذي نعيش ونحيا من أجله قصير يريد أن يرى فينا البسمة والفرحة والأمل المبشر بالخير لهذه الأمة بدلاً من الحزن والحقد والدماء، يريد أن يرى فينا كل هذه الصفات التي توصف بالمحبة والتسامح والود والوفاء، يريد حاضرنا أن نتمسك بماضينا الذي كنا فيه يداً واحدة تعمل من أجل أمة وترفع من شأنها التي هى الآن مختنقة. فإذا لم يكن الدين خلقاً دميثاً ووجهاً وروحاً سمحة وجواراً رحباً وسيرة جذابة، فما يكون؟ إن القلب القاسي والغرور الغالب هما أدل شيء على غضب الله، والبعد عن صراطه المستقيم، ومن السهل أن يرتدي الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان ملوث وباطن معيب. لقد أصبحت الآن ظاهرة الإرهاب التي نراها ونشاهدها ونحسها في المجتمعات العربية والإسلامية فهى لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، وليس الإرهاب مقترن وتابع لدين أو ملة ما.. أو مكان أو زمان أو هوية، بل هو شأن وظاهرة غريبة وعجيبة على مجتمعاتنا. ... فالإرهاب اليوم هو ردة فعل سيئ ولا فعل أيضاً يحتل خانة من هم كبير يُعني بجميع مشكلات المجتمع الإنساني الذي ضاقت عليه الأرض برحبها لعدم النضج الكافي ليستثمر طاقاته في الإعمار بدلاً من الدمار. إن قضية الإرهاب هي أكبر من العنف والتفجير هنا وهناك، إنها قضية نضج إنساني الذي لم يكتمل بعد، فالحل لهذه القضية وربما يكون حلاً جذرياً هو التعرض لها في إطار كامل يشمل كل أبعاد المشكلة الكامنة في عدم قدرة البشر على التعايش على سطح الأرض الفسيح. فقد تجري الأحداث الإرهابية في بلاد العرب والمسلمين من مغربها إلى شرقها بما يوصف العبث والجنون، مما يؤدي إلى إضعاف مسيرة الأمة وإيقاف تطورها والاساءة لسمعتها ودينها والتشكيك بقيمها العظيمة التي راكمتها خلال الفترة الطويلة، فالغرب يريد أن يفكك هذه الأمة ويريدها تعيش حياة الإرهاب والإختلافات، فنحن ظلمنا أنفسنا باتباع الغرب وفكر الغرب الذي يريد أن يدمرنا مع إننا أقوى من الغرب لو أتحدنا. فعلينا أن نتمسك بماضينا وأن تمتد أيدينا إلى ماضينا لتمسك حوادثه المدبرة، فتغير منها ما تكره، وقد تحاور على ما تحب، لكانت العودة إلى ماضينا واجبة، ولهرعنا كلنا كي نتمسك بالماضي الذي وحدنا ونظم صفوفنا. نحن نناشد الملوك والرؤوساء والحكام والشيوخ والعقلاء أن يتريثوا وأن يبقوا بلادهم عامرة بالتسامح والمحبة والوئام، كما كانت القرون الطوال الماضية التي كانت تحاكي ويتحاكى بها الغرب، بل نحن أنفسنا نحاكي ونتحاكى. نحن أمة ليست إرهابية نحن أمة واحدة، فالإرهابيون منا عليهم أن يتراجعوا ويثبتوا للعالم الخارجي إننا لسنا إرهابيون نحن أمة وجدت كي تعلم ويتعلم منها الغرب، علينا أن نقف حقن الدماء، وأن نجلس جميعاً ونتحاور بهدوء وسماحة ورحابة صدر، العمر قصير، علينا أن نقدم شيء جميلاً نقابل به وجهه الله. علينا أن نربي أنفسنا بشكل سريع وأن نتماشى مع تيار الحضارة الذي يعيش فيه الكل، وأن تصبح تربيتنا عملية خارجية يقوم بها المجتمع لتنشئة الأفراد والجماعات ليجاورا المستوى الحضاري العام. هكذا تحيا أوطاننا بالحب والعمار وأن نلتف حول بعضنا البعض متماسكين بالتسامح والمحبة. محمد شوارب كاتب حر [email protected]