رؤية نقدية لرواية "المشنقة" للكاتب والباحث د/ عبد العزيز غوردو : هناك في البرزخ ....... القائم بين الحياة / الموت يقيم الكاتب مأدبة / وليمة للشنق ..!في الردهة المضاءة المسماه "الواقع " موضحا حجم الانحدار الروحاني الذى أحاق بالمنطقة العربية وحولها إلى سيرك يتقاتل فيه اللاعبون مع المهرجين مع المشاهدين في لقطة عبثية ليس لها نظير في التاريخ الانساني ..وقبل الدخول في دهاليز العمل الابداعي للكاتب د/ عبد العزيز غوردو تعالوا نقسم الرواية كما ارادها الكاتب :ايها الفصامي - ابنة سيدى - الاعلام - الاجتياح - تحالف مع الشيطان في المقبرة - المظاهرة - التحقيق - المشنقة / المطهر هنا يريد الكاتب أن نبدأ خطوة خطوة للدخول إلى النفق الذى يبدأ مظلما / معتما / غامضا .. / الخمسة فصول الاولي ..ثم تتبدد الظلمة شيئا فشيئا لتبدو الصورة واضحة جلية ..لم يركز الكاتب على الحدث ..ولم يخلق حوارا ..إنما انساب نصه على هيئة مونولوج داخلي وأنسنة أشياءّ بعينها ليجعلها كالدمي تحكي وتقص وتتكلم .. وهنا يكمن جمال النص وعبقرية الكاتب ..فلا توجد احداث ..أو شخصيات سواء كانت رئيسية أو ثانوية ..ولا توجد مظاهر طبيعية حيث السماء تمتد الى مالا نهاية تجرى فيها السحب البيضاء وتتوسطها الشمس بقرصها الفضى المثير ... ولا اهتزاز الاشجار امام نسمات الربيع الطلق ..كل هذا غير موجود ..ولكن الموجود فعلا هو ذاك المونولوج المكلل بجمالية السرد والباعث لحركة الحياة وديمومتها ومن هنا نستخلص ونقول : أن حركة الكون مشيئة وقيومية للخالق العظيم ..فلن يستطيع كائن مهما علا شأنه وقويت شوكته أن يوقف الدوران المعجز / الواهب للحياة ثم نخرج من نفق الظلمة / الفصول الخمسة الاولي لنرى مظاهر الانحدار الاخلاقي في صورة ابنة سيدى التى تولع بالسفر في عوالم العشق والغواية ..هنا يؤسس الكاتب قاعدة :أن التردى الاخلاقي هو من أهم أسباب السقوط والانكسار ورأينا وقرأنا صفحات التاريخ التى تعج بالأمثلة فمثلا لم تسقط الامبراطورية الرومانية الا حين اصبح قائدها رجل كل امرأة وإمرأة كل رجل . ثم ننتقل في هدوء وروية إلى الاعلام ..وآه من إعلام العرب ..حيث الاكاذيب والجعجعة وابشروا ياعرب اسقطنا ثمانين طائرة ...! هكذا كان المذيع يزعق في صوت العرب صباح يوم الخامس من يونيو عام 1967في نفس الوقت الذى كانت مصفحات الصهاينة تكنس وتتقدم بسرعة مدهشة داخل سيناء ونحو المعابر ويدفن اليعازر الجنود المصريين أحياء في الرمال الملتهبة داخل سيناء بينما اعلامنا يطبل ويرقص و....ابشروا ياعرب نفس الواقعة حدثت كنسخة مكررة ففي يوم سقوط بغداد ..كان الصحاف وزير الاعلام العراقي يعلن بعينين زائغتين في شارع الرشيد أن الاشاوس والمغاوير في انتظار العلوج الامريكان ليلقونهم درسا لن ينسوه ابدا ...!!! ثم حدث ماحدث ..وهناك ملحوظة اخيرة استرعت انتباهي : أن السرد خلال الفصول الاولي لم يكن مباشرا ..أو يعتمد على لغة التقرير إنما وبحنكة الكاتب ومهارته جعل الحدث كالثمرة الناضجة في شجرة الابداع يلتقطها القارىء وقت أن يشاء