تنظم هذه الأيام جميع نيابات التعليم لقاءات حول الدعم الإداري بالمؤسسات الابتدائية,وتجربة المدير المساعد. كنت ضمن المساهمين في عملية التأطير سيما الورشة المتعلقة بالمدير المساعد,حيث حاولت توجيه المشاركين الى ضرورة تقديم مقترحات موضوعية حول واقع الحال انطلاقا من المنظور المحلي على اعتبار خصوصية كل نيابة بل كل مؤسسة , بل كل فرعية,والتشخيص الذي يمكن أن يقدم نظرة صحيحة عن منابع القوة والضعف لهذه التجربة,والاكراهات والمقترحات التي يمكن أن تساهم في بلورة هذا الدور حتى يساهم المدير المساعد في تخفيف بعض أعباء مدير المجموعة المدرسية ,ويقرب الإدارة قدر الإمكان من المدرسين والمتعلمين . في هذا المقال على اعتبار دوري كمراقب ومتتبع أرى أن المعضلة لا تتعلق في دور المدير المساعد ومهامه وأدواره وتحفيزه ودعمه ,وإنما ظروف عمل هذه المجموعات المدرسية, والتي يمكن تلخيصها فيما يلي: إنها مجموعات مدرسية أسست لاعتبارات سياسية قبلية أو انتخابية ,ولم تؤسس الا نادرا على أساس تربوي اجتماعي اقتصادي.لا نشارك في برمجتها ولا نستدعى في اختياراتها..... ومن خلال الإحصائيات الرسمية يتضح أن عدد المدارس المستقلة 2897 مؤسسة يدرس بها 1695978 تلميذ وتلميذة بمعدل 585 في كل مؤسسة, مما يدل دلالة قاطعة على اكتضاض هذه المؤسسات حيث نجد فقط 518 مؤسسة يقل عددها عن 300 تلميذ وتلميذة , و1216 مؤسسة ما بين 300 و600 متمدرس , و 165 مؤسسة يفوق تلامذتها 1200 متمدرس.إنها بنية غير تربوية . وبالنسبة للمجموعات المدرسية فان عددها يصل الى 4178 مؤسسة تضم 765073 متمدرس,بمعدل 183 تلميذ وتلميذة في كل مؤسسة. وعدد الفرعيات 13351 وحدة يدرس بها 1051499 متمدرس,بمعدل 78 في كل فرعية. لو انطلقنا من عدد التلاميذ بكل حجرة لوجدناهم يصلون بالمدارس المستقلة الى 47 تلميذ بكل قسم وفي لا يتعدون 8 تلاميذ في الكثير من الفرعيات. من هذه الدراسة المقتضبة نستخلص أن الاختيارات ليست سليمة ولم تكن في يوم سليمة. مجموعات مدرسية وسط الخلاء أو في أعلي القمم, بدعوى تقريب المدرسة من السكان ,الا أن سياستهم كانت خارج التنظيم, وأن هذه المجموعات المدرسية أصبحت شبه خالية,لأنها لم تؤسس من منظور استراتيجي وبناء على دراسة اجتماعية اقتصادية للقبيلة ومستقبل النمو الديموغرافي بها.نفس الأمر بالنسبة للفرعيات , بل إن المعضلة أعظم ,كون الكثير منها لا تتعدى حجرتان , مما جعلها لا تستفيد من مدير مساعد,زيادة على تباعدها والذي يتعدى 15 كلم بين فرعية وأخرى ,و قد يصل الى 50 كلم بين بعض الفرعيات , زيادة على وعورة المنطقة وشبه انعدام للسكان أو المرافق الضرورية. جل هذه الوحدات المدرسية والفرعيات وبنسبة تفوق 95 في المائة لا تتوفر على سور ولا على مرافق صحية ولا على ماء ولا على كهرباء ولا على عون للحراسة والنظافة....فإلى أين نحن نسير؟؟؟ الى البناء.... أم الى التدمير والتبذير وسوء التقدير..... قد يقول قائل , انك تطرح مرارا المعضلة ولا تقترح الحلول. أجيب بما يلي. أظنني ومنذ سنوات ناديت بضرورة التركيز على المدارس الجماعاتية وتعميمها داخل الوسط القروي الآهل بالسكان ,حيث تتوفر أهم المرافق الضرورية من ماء وكهرباء ومستوصف ,مما سيساعد على تجاوز تلك الفرعيات الي تعتبر عار على منظومتنا من جراء سوء ظروف العمل بها ,مما يقلل من المرد ودية ويساهم في تقليص الهدر المدرسي وتبذير المال العام بمدرس لأربعة تلاميذ وما يتبع ذلك من اكراهات وتعدد المستويات داخل نفس القسم , ومما يجعل المدرس حائر حول اختيار هذه المقاربة أو تلك,أو التركيز على هذا المستوى أو ذلك ,مدرس تائه حائر وتلاميذ أجساد بلا عقول,يقطعون مسافات طويلة ولا يملكون لقمة خبز,بل تقدم لهم وجبة تحت ما يسمى بالمطاعم المدرسية والتي قد أسميها..................... إنها وجبة ب درهم و40 سنتيم,لقمة خبز وفر ماجة,أو قطعة من الشوكولا. بالله عليكم أيها الساهرون ألا تستحيون من تقديم هذه الوجبات المتواضعة؟وكم يأكل أبناؤكم في اليوم ؟ بل ما هي مصاريف الجيب؟ صدقوني رأيت مرارا تلاميذ وحدات مركزية كلهم فقراء وكلهم يلبسون ثوبا مرقعا ويتناولون تلك الوجبة الهزيلة وكأنهم قطط أو ربما فئران..... ان المدرسة الجماعاتية وبمساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتي ساهمت كثيرا في تحسين الأوضاع التعليمية ,ومع الأسف لم يتعامل الكثير مع هذه المبادرة بصدق وجدية ,وإلا لكانت قد غيرت الكثير من الملامح,إضافة إلى المجتمع المدني وما يمكن أن يساهم به عندما تفتح له الأبواب ويشرك إشراكا حقيقيا,ويبتعد بعض أعضائه عن الحسابات الضيقة أو المصالح المحسوبة. ان ما يعانيه مدير المدرسة الابتدائية من أعباء جمة تراكمت عليه من تدبير إداري ملغم وتدبير مالي ومادي معقد وتدبير تربوي مروع وتدبير اجتماعي منوع,يجعله وسط ركام من المسئوليات مقابل ندر يسير من الإمكانيات, غياب المساعدين داخل المؤسسة وليس بكل فرعية يفوق عدد أقسامها ثلاثة,حيث نجد في المقابل تواجد مجموعات مدرسية بأقل من ثلاثة أقسام وهي الغالبة, وقليلة ممن تتوفر على أكثر من ثلاثة أقسام. وأكثر من هذا وذاك تواجد مدير مساعد بفرعية بأكثر من ثلاثة أقسام والفرعيات الأخرى بدون مساعد؟ وماذا سيحقق المدير المساعد ان كان لا يملك صلاحيات محددة؟ ان معضلة مدير المؤسسة الابتدائية سواء بالحضر أو البوادي في من يساعده في تحمل الأعباء ومن حارس وكاتب,ان كنا فعلا نريد أن نرقى بمؤسساتنا الى مستوى من الرقي والتطور والعمل وفق مشروع متكامل ومخطط شامل.......والى أن يتحقق المراد تبقى هذه العمليات مجرد ذر للرماد على العيون....././.