أخيرا قررت السلطة بآسفي أن تحل مشكل المعطلين على طريقتها .. السلطة تبقى سلطة لا تؤمن بالحوار و عقلها الأمني ينزاح دائما في المواقف الصعبة إلى الحلول الجذرية و الاستئصالية .. السلطة لا تحب السياسة .. و لا تحب الأحزاب الرصينة .. و لا تحب المعطلين .. و لا تحب مطرودي المعامل ، و لا تحب أيضا من يقوم بوقفة احتجاجية أو اعتصام مفتوح أو يرفع عقيرته بالصياح دفاعا عن حق دستوري تكفله الدولة المغربية . السلطة في آسفي تحب التعامل فقط مع مزوري الانتخابات ، و مع لصوص الرمال و أصحاب الريع الاقتصادي الذين نهبوا المدينة و أكلوا خيرات الإقليم و خربوا المؤسسات التمثيلية . هذه السلطة أيضا بأجهزتها المختلفة تغمض عينها أمام الاختلاسات و سوء التدبير الذي يعم المشهد السياسي و الانتخابي. و تفقد أعصابها فقط عندما ينزل طابور من شباب المدينة و مجازيها إلى ساحة محمد الخامس ليمارسوا ثقافة احتجاجية حضارية . عصر يوم الجمعة تدخلت السلطة بعنف لا مثيل له لتفض اعتصام المعطلين و ترمي بالأجساد إلى الشارع ، و لا تميز بين الفتاة أو الحبلى أو المريض . دخل رجال الأمن و القوات المساعدة و فتحوا ساحة البلدية و الولاية على "حفلة" مورست فيها السادية في أبشع صورها . النتيجة نقل أكثر من عشرة معطلين و معطلات إلى مستشفى محمد الخامس بين جريح و مكسور و أخطر الحالات يوجد أصحابها في غيبوبة كعزيز بورة رئيس فرع المعطلين و عز الدين لغضف . أما الدرقاوي نادية بكل الهدوء المعروف عنها فقد حملوها و رموها من أعلى درج البلدية .بعد كل هذا الذي حدث .. تثور أسئلة وجيهة مرتبطة بالعديد من الفاعلين المحليين ..
· ماهو دور المجلس البلدي بصفته حائز على "تمثيلية" السكان في الانتخابات الأخيرة ، هل مرور أعضائه و هروبهم أيضا كل يوم هو الحل الذي وجده هؤلاء في التنصل من مشكل يعيشه عاطلون فيهم من كان يدعم لوائح من "نجحوا" ، ماهو دور الرئيس و نوابه ؟ .. · السلطة المحلية دورها هو الحفاظ على الأمن و السكينة و خفض الاحتقانات و التوترات و حلحلة المشاكل و إيجاد حلول موضوعية ، و على الأقل إن عجزت، فالواجب أن تبقي باب الحوار مفتوحا مع كل الفئات الاجتماعية و أولها المعطلون . في نقاش سابق مع مسؤول بالولاية ، طلبنا رأيه كجريدة في مشكل المعطلين ، رد بجواب يختزن كثيرا من اللامبالاة " لي وعدهم يخدمهم ..." ، أما الباشا المسكين فقد اختار هذه المرة أن يفرغ طريقه الذي يمر منه إلى مكتبه ب"فلسفة" المسح و التنكيل ، ربما لأن الرجل - و أمام تدبيره لملفات كثيرة بطريقة عرجاء منذ حلوله بآسفي و أولها ملف الانتخابات – ضاق ذرعا بروائح المعطلين و طبخهم وسلاطة لسانهم ، فانخرط مع بقية الأجهزة ، في تنظيف المكان على شاكلة هولاكو .. !.. · عامل الإقليم لا يكاد يُرى ، لا يحاور و لا يتدخل و فقط يكتفي بحضور الاجتماعات الرسمية و إلقاء خطب باردة و يترك رؤساء الأقسام في البناية الرخامية يفعلون ما يريدون ، و هو ممثل للدولة و للحكومة ، ما هو دوره في هذا الإقليم ؟ ألا يهمه تخليق الحياة السياسية ؟ إشاعة ثقافة حقوق الإنسان و دعم المكتسبات؟ ألا يهمه ما تفعل بعض المافيات السياسية بثروات المدينة ؟ ثقافة القرب لا تدخل في أجندته ، هو رجل طيب أكيد ، لكنه لا يتحمل مسؤوليته في حماية المال العام و ملاحقة المفسدين و تطبيق القانون ضدهم . · الأحزاب المحلية و سياسيو المدينة قاموا بزيارات للمعتصم و دعموا المعطلين ماديا و معنويا ، لكنهم لم يبدعوا حلولا و لا قاموا بمبادرات ذات أثر فعال لحل هذا المشكل ، و كأني بهم فقدوا بوصلة السياسة و عودوا أنفسهم على اختيار الحل السهل ، و هو المرور كل يوم أمام البلدية و ليذهب شباب المدينة إلى الجحيم . · النقابات و الجمعيات الحقوقية ، ما الذي قامت به تجاه المعطلين ، و ما هو الدور الذي كان عليها أن تلعبه في حمايتهم و دعمهم ، النقابات أبان مسؤولوها و هنا لا نعمم ( و إن كان للتعميم وجاهته ) .. عن انتهازية مقيتة و وصولية بذيئة في التعامل مع الملفات العالقة و أكبر دليل على رداءة بعض النقابيين هو فضيحتهم مع ملف التعليم و الحركة الانتقالية ، شوهة كبيرة أفقدت ما تبقى من مصداقية النقابات . أما الجمعيات الحقوقية فقد أصبحت إطارا للمصالح و تحصيل ترقية اجتماعية غير مستحقة و التلاعب في الملفات الحقوقية و الاغتناء على ظهر المضطهدين ، و قد عشنا حتى رأينا إمعات لم يكونوا يوما لا في عير السياسة و لا نفير النضال على حقوق الإنسان ، أغليهم مرتبط بأجندات أسياده ، و الصورة النهائية هي تحويل النقابات و الجمعيات الحقوقية إلى قصعة مصالح يأكلون ريعها و يتشدقون بالدفاع عن الناس و عن الملفات المطلبية . · الإعلام .. كيف تعامل جزء كبير من مراسلي الصحف الوطنية مع مأساة المعطلين ، باستثناء قلة لا تصل إلى عدد أصابع اليد الخمسة من قالت كلمتها و تابعت و واكبت ، أما ما تبقى من مستصحفي آخر الزمن و مرتزقة الإعلام، فقد انتصروا كعادتهم دائما ، إلى التعتيم و اللامبالاة و كم حاجة قضيناها بتركها . هي ملاحظات و تساؤلات مشروعة نرمي بها في ساحة النقاش المحلي و أساسا نستهدف بها كل الفاعلين المذكورين حتى يتنبهوا إلى أدوارهم و وظائفهم الحقيقية، و يعرفون أنه لو دامت لغيرك ما وصلت إليك . و التاريخ المحلي يسجل لكل هؤلاء ما فعلوا طيلة تواجدهم في المسؤولية سواء الرسمية أو التمثيلية أو السياسية أو النقابية أو الحقوقية .إن الحقيقة تكون دائما عارية و مؤلمة و فاضحة، لهذا اخترنا أن نكون بجانب الحقيقة و بجانب أبناء آسفي ، ليس نكاية أو تصفية لحساب ما مع أي طرف ، و لكن منطق الأشياء و سيرورتها تفرض ذلك . و السلام على من اتبع الهدى