الأستاذ والمحلل السياسي : عمر الشرقاوي حل الملك محمد السادس بالعاصمة الرياض في إطار جولة ديبلوماسية لدول الخليج التي تربطها بالمغرب علاقة إستراتيجية تستند الى ارضية صلبة من التوافق في المنظور الاستراتيجي والسياسي والامني والمصالح الاقتصادية الواسعة، وتحمل الزيارة الملكية في طياتها العديد من الأبعاد الجيو استراتيجية في ظل وضع دولي وإقليمي مليء بالمخاطر الظاهرة والخفية، ويمكن إجمال أبعاد هذه الزيارة في الأتي: البعد الإستراتيجي: تمثل علاقة المغرب بدول مجلس التعاون الخليجي نموذجا يحتذى به في العلاقات الدولية وعلى الرغم من أن الصلات الدبلوماسية بين المغرب وبعض الأطراف الخليجية لم تعبر دائما عن توافق في وجهات النظر، إلا أن للعلاقة بينهما أبعادًا ثقافية وديموغرافية وإقتصادية وتاريخية وسياسية وثيقة تجعل منها عمقًا إستراتيجيا أساسيا للطرفين لا يمكن تجاوزه ولذلك فأن هاته الزيارة تتوخى تفعيل إتفاقيات التعاون الإستراتيجي التي وقعها المغرب ودول التعاون الخليجي. البعد الأمني: انعكست الحالة الجيدة للعلاقات المغربية الخليجية على تعاون الجانبين في مجموعة من القضايا الأمنية والترتيبات العسكرية المشتركة، وتكشف تتبع تطور هذه العلاقات بعد موجة الربيع العربي على أبعاد هذا التعاون والتي تمثلت في التوافق المغربي الخليجي بشأن العديد من الأزمات التي شكلت مصدر تهديد حقيقي للأنظمة الخليجية وفي مقدمتها الأزمة اليمنية حيث شاركت القوات المغربية في عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية لمواجهة التمدد الحوثي في اليمن، نفس وحدة الموقف المغربي الخليجي سادت بشأن قضية سوريا وليبيا ومحاربة الإرهاب فضلا عن التأييد اللامشروط لدول الخليج لوحدتنا الترابية. ويبدو أن شعور دول الخليج (السعودية، الامارات، الكويتالبحرينقطر) بقوة الدور المحوري للمغرب وخبرته في مواجهة المخاطر الإرهابية دفعتها إلى عقد أكثر من 10 اتفاقيات عسكرية وأمنية وقضائية مع المغرب خلال الثلاث سنوات الأخيرة ويتعلق الأمر باتفاقيات التعاون الأمني والعسكري والقضائي. وتحاول الزيارة الملكية التي تأتي في ظروف أمنية باتت محسوسة في عمق دول الخليج لإشعار اصدقاء المغرب بالوقوف إلى جانبهم ودعمهم لمواجهة التهديد الكبير لامن واستقرار أنظمتهم سواء ضد الخطر الداعشي أو المد الشيعي الإيراني. البعد الاقتصادي والمالي: الزيارة الملكية لا تخلو من فوائد اقتصادية فالمغرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة تلقى هبات من دول الخليج بقيمة 50 مليار درهم لتمويل 57 مشروع تنموي، وتتوقع الدولة المغربية أن تصل مداخيل دول التعاون الخليجي خلال سنة الجارية ما يناهز حوالي 13 مليار درهم. وتسعى الزيارة الملكية الى محاولة الرفع من منسوب المساعدات الخليجية لتصل إلى 100 مليار درهم خلال العشر سنوات المقبلة فضلا عن توسيع سلة الاستثمارات الخليجية بالمغرب. البعد الديبلوماسي: منذ الربيع العربي ارتفعت وثيرة النشاطات الديبلوماسية بين المغرب والدول الخليجية، وشهدت هذه الفترة توقيع أكثر من 40 اتفاقية دولية بين المغرب ودول مجلس التعاون سواء بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف، والملاحظ للعلاقات الديبلومسية بين المغرب ودول التعاون الخليجي ازدادت قربا وعمقا وحميمية في عهد الملك محمد السادس، حيث تطورت وتوسعت العلاقات الشخصية الى جانب العلاقات الرسمية والمؤسساتية، وتتوخى الزيارة الملكية الجديدة إلى ضخ دماء جديد في شرايين العلاقات خصوصا بعد سحب الصيف التي خيمت على علاقات المغرب ببعض دول الخليج. البعد السياسي: التعاون بين المغرب ودول الخليج العربي ظل دائما يحظى بأهمية متميزة ووضعية خاصة، ليس فقط لثقل المغرب السياسى كونه يمثل أحد شرايين النظام العربى، بل أيضا لكونه نظام سياسي ملكي وراثي قريب من الأنظمة السياسية السائدة في دول الخليج. ويساعد هذا البعد في الإحساس بالمصير المشترك للأنظمة الملكية ضد كل التهديدات السياسية. ومن هذا المنطلق تسعى الزيارة الملكية إلى تجسيد الانسجام في المواقف السياسية والتنسيق والتشاور المستمر لمواجهة كل المخاطر الداخلية والخارجية التي من شأنها تهديد طبيعة نظام الحكم القائمة.