سجلت حرية الصحافة عام 2015 – وفق التصنيف السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود – تراجعا في عدة دول، ومن بينها ألمانيا وعدة دول في القارة الأمريكية، التي جاءت للمرة الأولى بعد إفريقيا. أما تونس فتصدرت الترتيب العربي. تظهر نسخة عام 2016 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة والتي أصدرتها منظمة مراسلون بلا حدود اليوم الأربعاء (20 أبريل/نيسان 2016) مدى حدة الانتهاكات التي تعرضت لها حرية الإعلام واستقلالية الصحافة في دول عدة. ويبدو أن أوروبا مازالت هي المنطقة التي تنعم فيها وسائل الإعلام بأكبر قدر من الحرية. تليها بفارق شاسع إفريقيا، التي تمكنت على نحو غير مسبوق من تجاوز القارة الأمريكية، حيث تشهد أمريكا اللاتينية عنفاً متزايداً ضد الصحفيين. ثم تأتي آسيا ثالثة وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى رابعة. أما شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فإنها تظل المنطقة التي يواجه فيها الصحفيون ضغوطا بجميع أشكالها. وتحتل ثلاث دول من شمال أوروبا قمة الترتيب العالمي، حيث تحافظ فنلندا على موقعها في الصدارة منذ عام 2010، تليها هولندا والنرويج. بينما تراجعت ألمانيا للمرتبة 16، بعد أن كانت في المرتبة 12 في السنة الماضية. وحلّ العراق في المرتبة 158، بينما ليبيا في 164، حيث اعتبرت المنظمة أنّ “ممارسة الصحافة في البلدان التي تشهد نزاعات تعود إلى فعل شجاعة”. وحلّ لبنان في المرتبة 98، وقطر في المركز 117، بينما فلسطين في المرتبة 132، والأردن 135، والسعودية 165، وعُمان 125، والإمارات 119. مصر حلّت في المرتبة 159، والجزائر 129، بينما المغرب في المرتبة 131، وموريتانيا في المرتبة 48. وكانت تونس بين أكثر الدول التي تقدّمت في التصنيف هذا العام، إذ حلّت في المرتبة 96، أي بتقدم 30 مركزاً. أما الدولة الأخرى التي تقدمت، فكانت أوكرانيا التي حلّت في المرتبة 107 بتقدم 22 مرتبة. وكما في السنة الماضية صنفت سوريا في المرتبة 177 لحرية الصحافة الذي يشمل 180 بلدا، مباشرة بعد الصين (176) وقبل تركمانستان (178) وكوريا الشمالية (179) وإريتريا (180). وفي بعض الدول التي تشهد نزاعات مثل العراق (المرتبة 158) وليبيا (164) واليمن (170)، لفتت المنظمة إلى أن “ممارسة الصحافة (في هذه الدول) تعتبر فعل شجاعة”. تونس تحقق قفزة في حرية الصحافة، لكنها تبقى بعيدة عن أوروبا وفيما يتعلق بأبرز التطورات الملحوظة، فقد أحرزت تونس تقدماً كبيراً، بفضل انخفاض وتيرة الانتهاكات والإجراءات العدوانية، وتصدرت قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث احتلت المركز 96. وبالرغم من أنها لا تزال بعيدة عن الدول الأوروبية الرائدة عالميأً من حيث حرية واستقلالية الصحافة، فإن البلاد قد حققت قفزة ب30 رتبة في سنة. يذكر أن تونس كانت في المرتبة 164 في سنة 2010 قبل سقوط نظام بن علي، ثم 133 في 2012 و126 في 2015. أما مصر، فقد تراجعت بشكل كبير، إذ تقبع في المركز 159 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود اليوم، مما يعكس تراجع البلاد تدريجياً منذ نهاية عهد مبارك حيث كانت تحتل حينها المرتبة 127 (من أصل 173 دولة). وفي المقابل، كانت مصر قد تقهقرت في عهد الرئيس مرسي، عامي 2012 و2013، إلى المركز 158 (من أصل 178 دولة). وسجل تحسن ملحوظ في أوكرانيا نظراً لهدوء الصراع. وفي المقابل، يلاحظ تقهقر واضح لبولندا بسبب الحملة التي أطلقها الحزب المحافظ المتشدد بهدف الاستيلاء على وسائل الإعلام. وتعليقا على تراجع وضع حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم بصورة عامة، قال الأمين العام للمنظمة كريستوف دولوار لوكالة فرانس برس إن “جميع مؤشرات التصنيف تشهد على تدهور. ثمة سلطات عامة عديدة تحاول استعادة السيطرة على بلدانها، خشية حصول انفتاح كبير في النقاش العام”. وأضاف “تجد جميع السلطات اليوم سهولة متزايدة في التوجه مباشرة إلى الجمهور بفضل التقنيات الجديدة، وثمة بالتالي عنف أكبر حيال كل الذين يمثلون الإعلام المستقل”. إلا أن المنظمة غير الحكومية لفتت إلى أن القارة الأميركية شهدت أكبر تدهور في مجال حرية الصحافة، ولا سيما مع عمليات الاغتيال التي استهدفت صحافيين في أميركا الوسطى. وجاء في بيان للمنظمة أن “أسباب تراجع حرية الصحافة متعددة: توجه الحكومات نحو خنق الحريات كما هو الحال في تركيا أو في مصر. الرقابة على وسائل الإعلام العامة بما في ذلك في أوروبا كما هو الحال في بولندا مثلا. الأوضاع الأمنية التي تزداد توترا كما هو الحال في ليبيا وبوروندي، أو الأوضاع الكارثية كما هو الحال في اليمن”. ويستند هذا التصنيف لحرية الصحافة الذي تصدره المنظمة منذ العام 2002 الى مجموعة من المؤشرات هي التعددية واستقلالية وسائل الاعلام والبيئة والرقابة الذاتية، والإطار القانوني والشفافية والبنى التحتية والتجاوزات.