صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم 2-670-21 ويتعلق بتحديد دوائر المحاكم المختصة في جرائم غسيل الأموال وذلك في إطار تنزيل مقتضيات المادة 38من القانون رقم 8-12 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبمقتضى هذا المشروع ستصبح المحاكم الإبتدائية بكل من الرباط ،الدارالبيضاء ،فاس ومراكش مختصة في النظر في قضايا جرائم غسل الأموال بعدما كانت محكمة الرباط هي المختصة وحدها قبل هذا المشروع. ويأتي قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتوسيع نطاق المحاكم المختصة للنظر في جرائم غسل الأموال في سياق إستجابة المغرب لبعض الإنتقادات والملاحظات الدولية المسجلة ضده بخصوص هذه الجرائم وطريقة التعاطي معها بحيث أن بعضا من هذه التقارير صنفت المغرب في المنطقة الرمادية كما يأتي ذلك في إطار التصدي لجرائم غسل الأموال والتي تزايدت وثيرتها في الآونة الأخيرة في ظل ضعف الآليات المؤسساتية لمكافحة الظاهرة. ومن المعلوم أن محاكم الإستئناف بالمدن المذكورة هي المختصة في جرائم المال العام كما أن البحث في هذه القضايا (جرائم المال العام،غسل الأموال) أسند للفرق الجهوية الأربعة للشرطة القضائية التابعة للفرقة الوطنية والمتواجد مقارها بنفس المدن المذكورة. محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام ، قال أن هذه الجرائم تتسم بتعقيدات خاصة تختلف جذريا عن الجرائم العادية وتتطلب خبرات وكفاءات قانونية ذات تكوين مهم ، داعياً إلى " تزويد الفرق الجهوية للشرطة القضائية المختصة بموارد بشرية مؤهلة مع تحفيزها ماديا ومعنويا وتمكينها من الوسائل الناجعة لإجراء كل الأبحاث والتحريات الضرورية ذات الصلة بهذه الجرائم". و أشار إلى أن " هناك فرقا جهويا للشرطة القضائية تفتقر للمقومات الضرورية للقيام بمهامها على أحسن وجه خاصة إذا استحضرنا أيضا شساعة وتشعب دائرة إختصاصها المكاني ،ولذلك يجب على الإدارة العامة للأمن الوطني وكل المسوؤلين الإلتفات لهذه الوضعية من أجل شرطة قضائية فعالة تنجز الأبحاث القضائية بالمهنية والسرعة المطلوبتين". كما دعا إلى " توفير قضاة متخصصين ومؤهلين والرفع من تكوينهم من أجل مواجهة هذه الظاهرة التي أصبحت تتفاقم بشكل غير مسبوق والتي تنتج عنها تداعيات إقتصادية وإجتماعية". و أوضح أن " قضايا جرائم المال العام (إختلاس وتبديد المال العام،استغلال النفوذ ،الرشوة،تلقي فائدة...) يقتضي من النيابة العامة بمجرد ماتحال عليها هذه القضايا أن تفتح بشأنها مسطرة الإشتباه في غسل الأموال وهو مايتطلب بالضرورة عقل ممتلكات المتهمين في هذه القضايا". و أشار إلى أنه " لحدود الآن لم نر مثل هذه الإجراءات على أرض الواقع ذلك أن أغلب المتهمين في جرائم المال العام لم يتم الحجز تحفظيا على ممتلكاتهم فضلا عن كون العقوبات الصادرة ضدهم لاترقى إلى مستوى خطورة هذه الجرائم". و ذكر أن " العديد من الأشخاص في المجتمع ظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش نتيجة ممارستهم لأنشطة مشبوهة كالدعارة والإتجار في البشر والمخدرات واستغلال النفوذ والرشوة ونهب وإختلاس المال العام وقاموا بتبييض وغسل تلك الأموال في مشاريع سياحية وعقارية وغيرها ،وظلوا رغم ذلك في منأى عن أية مساءلة رغم وجود النصوص القانونية المجرمة لتلك الأفعال". و خلص إلى أنه إذا كانت الترسانة القانونية ضرورية ومفيدة في مكافحة كل مظاهر الفساد المالي والإقتصادي فإنها تبقى محدودة الأثر ما لم تتوفر الإرادة السياسية لتخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب وبناء أسس دولة الحق والقانون.