شكل أمر وفاة 3 شبان مغاربة في السواحل الجزائرية حدثا استثنائيا، إذ دفع بالسلطات الجزائرية إلى فتح الحدود المغربية الجزائرية المغلقة منذ سنة 1994، في وجه الأموات، وإغلاقها في وجه الأحياء، رغم الدعوات المتكررة لفتح الحدود في وجه أبناء بلدين جارين. وعرفت النقطة الحدودية “زوج بغال”، الاربعاء، توافد أعداد كبيرة من المواطنين، الذين انتظروا لمدة تزيد عن 7 ساعات وصول جثامين الشبان الثلاثة، بعد أن تم نقلهم من مدينة وهران الى النقطة الجزائرية “العقيد لطفي”، ليتم تسليمهم بعدها للسلطات المغربية في “زوج بغال”. وجاء هذا، بعد أن سمحت السلطات الجزائرية بنقل جثامين المهاجرين، بعد أسبوع كامل من الترتيبات الإدارية والإجراءات المتعلقة بالتحقق من الهوية، وذلك بالتنسيق مع مصالح القنصلية المغربية في وهران. وعلق مواطنون على المشهد بالقول:”شهداء قوارب الموت كسروا الحواجز الحديدية الصدئة التي ظلت مغلقة لمدة تناهز حوالي 25 عاما، وفتحوا الحدود التي تتشبث السلطات الجزائرية بإغلاقها في وجه أبناء بلدين شقيقين تجمع بينهما مجموعة من الروابط”. وقالت مصادر متتبعة لملف وفاة الشبان ضحايا قوارب الهجرة السرية، أن الحدود ستفتح من جديد، لاسيما وأن خمسة شبان آخرين ممن شاركوا في عملية الهجرة السرية إلى جانب الشبان الثلاثة، لا زالوا في عداد المفقودين، وانها ستفتح الحدود في وجوههم أثناء العثور عليهم. وشارك في عملية الهجرة السرية، التي انطلقت من السواحل الغربية التابعة لولاية وهران في اتجاه الضفة الاوربية، الاسبوع الماضي، 16 شخصا، بينهم 10 شبان مغاربة، تم انقاذ اثنين منهم فيما لا يزال الآخرون مفقودون. وليست هذه المرة الاولى التي تفتح فيها الحدود، إذ سبق للسلطات الجزائرية، ان وافقت على فتح الحدود بشكل استثنائي سنة 2009، في وجه قافلة مساعدات انسانية بريطانية لإغاثة سكان غزة قادها البرلماني البريطاني “جورج غلاوي”. وفي الوقت الذي تأهل فيه المنتخب الجزائري إلى نهائي كأس إفريقيا للأمم، تجدد مطلب فتح الحدود المغلقة، إذ نظم نشطاء حقوقيون بالنقطة الحدودية “بين لجريف” في السعيدية، وقفة احتجاجية، دعو من خلالها السلطات إلى فتح الحدود المغلقة. وجدد الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش الاخير الدعوة للأشقاء الجزائريين على أساس فتح الحدود البرية المغلقة، إذ قال:” التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمع، على الدوام، شعبينا الشقيقين”. وأضاف قائلا: “وهو ما تجسد، مؤخرا، في مظاهر الحماس والتعاطف، التي عبر عنها المغاربة، ملكا وشعبا، بصدق وتلقائية، دعما للمنتخب الجزائري، خلال كأس إفريقيا للأمم بمصر الشقيقة؛ ومشاطرتهم للشعب الجزائري، مشاعر الفخر والاعتزاز، بالتتويج المستحق بها؛ وكأنه بمثابة فوز للمغرب أيضا”. وأشار الملك محمد السادس إلى أن “هذا الوعي والإيمان بوحدة المصير، وبالرصيد التاريخي والحضاري المشترك، هو الذي يجعلنا نتطلع، بأمل وتفاؤل، للعمل على تحقيق طموحات شعوبنا المغاربية الشقيقة، إلى الوحدة والتكامل والاندماج”. ووصل صدى دعوة الملك محمد السادس، إلى الجزائر، إذ نظمت مظاهرة بالمركز الحدودي “العقيد لطفي” من قبل فاعلين جزائريين، معلنين أن فتح الحدود البرية المشتركة هي أيضا مطلب شعبي جزائري. وأغلقت الحدود البرية المغربية الجزائرية سنة 1994، على خلفية الاحداث الدامية التي شهدها فندق “اطلس اسني” بمراكش. وأمام هذا، لا زالت السلطات الجزائرية تصر على التعامل بمنطق الاذان الصماء، وهو ما جعل عائلات مغربية جزائرية تتمزق على جنبات الحدود، إذ في غالب الاحيان تلتقي الأسر المغربية الجزائرية في منطقة بين لجراف بالسعيدية لإحياء صلة الرحم وتبادل التهاني في الأعياد.