أكد فرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية الإسباني، أن الزيارة الرسمية التي يقوم بها بعد غد الأربعاء عاهلا إسبانيا الملك فليبي السادس والملكة ليتيسيا إلى المغرب بدعوة من الملك محمد السادس " تشكل حدثا هاما ومتميزا " يعكس العلاقات " الأخوية " التي تجمع بين العائلتين الملكيتين. وقال وزير الداخلية الإسباني في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة هذه الزيارة الرسمية إن الأمر يتعلق بزيارة العاهل الإسباني إلى بلد " شقيق " تتقاسم معه إسبانيا التاريخ المشترك بالإضافة إلى العلاقات الثقافية والاقتصادية وغيرها. وأشار إلى أن أهمية هذه الزيارة " واضحة وراسخة لأن المغرب يدرك أن إسبانيا تعتبره شريكا متميزا ذو أهمية كبيرة " مذكرا بأن الزيارات الرسمية الأولى لرؤساء الحكومات الإسبانية تكون في العادة نحو المغرب. وأشار غراندي مارلاسكا إلى أن " هذه الزيارة الرسمية للعاهلين الإسبانيين إلى المغرب تؤكد مرة أخرى على أن المغرب وإسبانيا هما أكثر من بلدين جارين " كما تعكس " العلاقات المتميزة بين المملكتين”. وأشار الوزير الإسباني إلى أن مثل هذه الزيارات التي تتم على أعلى المستويات تشكل تتويجا ل " العلاقات الدائمة والمسترسلة " بين مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات في البلدين”. وقال " على سبيل المثال أنا على رأس وزارة الداخلية الإسبانية منذ ثمانية أشهر فقط وقد التقيت بالفعل خمس مرات مع نظيري المغربي السيد عبد الوافي لفتيت " مشيرا إلى أهمية الاتصالات الدائمة والمتواصلة " بين باقي الوزراء والمسؤولين الآخرين في البلدين . وردا على سؤال حول تحدي الهجرة الذي يواجهه المغرب وإسبانيا شدد السيد غراندي مارلاسكا على أن البلدين " يعانيان في السنوات الأخيرة من ضغط قوي جدا في ميدان الهجرة " مشيرا إلى أن المملكة تبذل جهودا كبيرة لمواجهة هذا التحدي لاسيما من خلال تعبئة موارد بشرية ومالية جد مهمة من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية ومافيا الاتجار بالبشر . واعتبر وزير الداخلية الإسباني علاقات التعاون الثنائي في هذا المجال ب " البالغة الأهمية " مضيفا أن الرباط ومدريد يعملان على تعزيزها بشكل أكبر من أجل التغلب على الضغط المتزايد لتدفقات الهجرة الناتج عن نزوح المهاجرين غير الشرعيين باتجاه غرب البحر الأبيض المتوسط . كما سلط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب من أجل المساهمة في تنمية الدول الإفريقية التي تشكل مصدرا لتدفقات الهجرة غير الشرعية . وأكد غراندي مارلاسكا أن إسبانيا " تسعى جاهدة داخل الاتحاد الأوربي من أجل إبراز الدور الهام الذي يضطلع به المغرب في مراقبة الحدود وتعمل على تشجيع أوربا على الانخراط أكثر في هذا المجهود مع المملكة المغربية”. وقال في نفس السياق، إن على أوربا أن تعمل على تنمية وتطوير تعاون شامل مع المغرب في المجالات المرتبطة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية على اعتبار أن المملكة هي " شريك موثوق به " للاتحاد الأوربي مؤكدا على أن " إسبانيا تدافع بوضوح عن هذه الفكرة لدى الاتحاد الأوربي وأعتقد أن هذا يؤتي ثماره”. وبخصوص التعاون المغربي الإسباني في مجال الأمن خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة أشاد وزير الداخلية الإسباني بمستوى التعاون الممتاز بين البلدين الذي يهدف إلى مكافحة هاتين الظاهرتين " التي تهدد دولة الحق والقانون وتحاول زعزعة التعايش السلمي في مجتمعاتنا وفرض الجريمة كواقع " . وأشار إلى أن ظاهرة الإرهاب مست إسبانيا والمغرب " وهو ما حفزنا على العمل بجدية وبشكل مكثف على قضايا الوقاية ومكافحة التطرف وتبادل المعلومات وتقنيات التحقيق " . وقال المسؤول الإسباني إن التعاون والتبادل بين الرباط ومدريد يركز أيضا على مكافحة الجريمة المنظمة بجميع أشكالها والتي أضحت مرتبطة بشكل متزايد بتمويل الإرهاب " ونحن شريكين موثوق بهما في هذا الإطار كما أننا نولي قدرا كبيرا من الاهتمام للعلاقات متعددة الأطراف في هذا الميدان في إطار الاتحاد الأوربي ". وأوضح وزير الداخلية الإسباني أنه سيتم في إطار الزيارة الرسمية للعاهل الإسباني إلى المغرب التوقيع على اتفاق إطار للتنسيق في المجال الأمني مشيرا إلى أن " هذا الاتفاق سيضع قواعد لمحاور التعاون في هذا المجال من حيث اللجان المشتركة للرصد والتتبع وإمكانيات العمل وتبادل المعلومات العملياتية وتقاسم استراتيجيات مكافحة الجريمة المنظمة " . وقال " بعبارة أخرى فإن هذه الاتفاقية تحدد معايير التعاون القائم بالفعل بين البلدين في المسائل الأمنية " مشيرا إلى أن " الدول توقع اتفاقيات تكون هي بداية ومنطلق التعاون من أجل التعامل مع قضية ما لكن بالنسبة لهذه الاتفاقية بين المغرب وإسبانيا فإنها تشكل في الواقع تتويجا لعلاقة التعاون هذه " كما أنها تعكس " الثقة المتبادلة والتاريخية " بين المغرب وإسبانيا في المجال الأمني . ولدى سؤاله عن الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا أكد الوزير الإسباني أن اندماج أفراد هذه الجالية هو فعلي ونموذجي منذ سنوات مضيفا أن المغاربة المقيمين في إسبانيا يشكلون جزء من المجتمع الإسباني وهذا جاء نتيجة لعلاقات الصداقة والأخوة العريقة التي تجمع بين البلدين.