يبلغ عدد المغاربة المقيمين بالخارج بحوالي 5 مليون مواطن ومواطنة تربطهم علاقة وطيدة ببلدهم الأم، المغرب، كما يعبرون عن شعورهم الوفي والقوي بالانتماء لوطنهم الأصلي. وهو ما يعكسه العدد الكبير من مغاربة العالم الذين يعودون في فترة الصيف لقضاء عطلتهم الصيفية بأرض الوطن، والذي بلغ 2,8 مليون شخص. هذا بالإضافة إلى مساهمتهم الفعالة في تنمية الاقتصاد الوطني وذلك من خلال التحويلات المالية التي بلغت سنة 2017 أزيد من 65 مليار درهم، أي ما يعادل 6,5 %من الناتج الداخلي الخام. ويشكل الارتباط القوي لمغاربة العالم ببلدهم الأصلي، دافعا أساسيا للانخراط والمساهمة في الأوراش التنموية بالمغرب، وهو ما يتيح لهم فرصة تحقيق طموحاتهم من خلال المعرفة والكفاءة المكتسبة بالخارج والانخراط في الشبكات العلمية في مختلف المجالات. وفي هذا المجال، وتبعا للدراسة التي أجرتها الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، فإن 88% من شباب مغاربة العالم تحدوهم رغبة للاستثمار بالمغرب. ويتوفر المغاربة المقيمين بالخارج على إمكانات هامة للمساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية لبلدهم الأصلي. فحسب دراسة أنجزتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) سنة 2016، تبين أن من أصل 2,6 مليون مغربي مقيم بدول هذه المنظمة التي شملتهم الدراسة، 500.000 منهم حاصلين على شواهد عليا (باكالوريا + 5)، و7.000 منهم يمارسون مهنة الطب و50.000 طالب. وفي هذا الصدد، قام المغرب بوضع استراتيجية وطنية لفائدة مواطنيه المقيمين بالخارج. وهي استراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور أساسية : الأول يتعلق بالحفاظ على هوية مغاربة العالم، والثاني يهم حماية حقوقهم ومصالحهم، والثالث يروم تعزيز مساهمتهم في تنمية البلاد. وقد انبثقت عن هذه المحاور الاستراتيجية مجموعة من برامج عمل من بينها برنامج “تشجيع الاستثمارات ودعم المقاولات لدى مغاربة العالم”. وتعد الكفاءات المغربية بالخارج من بين الركائز الأساسية لدعم مجال الاستثمار بالمغرب، حيث أن 75 % من براءات الاختراع تم إيداعها وحفظها من طرف مغاربة العالم. ومن أجل تعزيز هذه الاستثمارات، تم اتخاذ مجموعة من التدابيرنذكر منها إنشاء الجهة 13 التي تعد جهة افتراضية مخصصة للمقاولين من المغاربة المقيمين بالخارج، وذلك بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) . و تعد هذه الجهة الافتراضية أرضية مناسبة لفائدة رجال الأعمال من مغاربة العالم (MeM) من أجل تعزيز التبادل مع نظرائهم بالمغرب. وتروم هذه المنصة تحقيق عدة أهداف أهمها : (1) تشجيع رجال الأعمال المغاربة المقيمين في الخارج على الاستثمار في بلدهم الأصلي، وكذا تشجيع المساهمة في تطوير المبادلات التجارية بين المغرب والخارج؛ (2) تمكين المغاربة المقيمين في الخارج من التواصل مع مختلفالفاعلين الاقتصاديين على المستوى الوطني؛ (3) تسهيل اندماج المغاربة المقيمين في الخارج في النسيج الاقتصادي المغربي، بهدف تشجيعهم على العمل المقاولاتي بالمغرب؛ (4) تحديد أفضل الفرص الاستثمارية بالمغرب. ومن أجل الدفع بمجال الاستثمار بالمغرب، تم وضع مجموعة من المبادرات أهمها : – إحداث العديد من شبكات الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، حسب مجال الخبرة والتخصص (شبكات موضوعاتية و / أو جغرافية؛ وحسب البلد والجهة أيضا). فعلى المستوى الجغرافي، تم إحداث شبكات للكفاءات بكل من ألمانيا، والولايات المتحدة، وكندا، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا. كما تم إحداث شبكات موضوعاتية، كشبكات المحامين والأطباء وخبراء في مجال الطيران…؛ – تعزيز صندوق دعم استثمارات مغاربة العالم (Fonds MDM Invest) الذي يرعاه صندوق الضمان المركزي. ويتمثل دور الصندوق في التمويل المشترك مع الأبناك عبر إنشاء أو توسيع مجال عمل المقاولات التي يشرف عليها مغاربة العالم، وذلك في إطار دعم خطة تسريع القطاع الصناعي بالمغرب، حيث اعتبر قطاع الصناعة من بين المجالات التي تحظى بالأولوية في إطار تفعيل أهداف صندوق دعم استثمارات مغاربة العالم. لقد حقق المغرب خلال السنوات الأخيرة ظفرة نوعية هامة في قطاع الطيران، والذي يعد من بين فروع الصناعة الأكثر طلبا من حيث الاستثمار والمعرفة في ظل التقدم التكنولوجي الهائل الذي يعرفه القطاع. حيث أصبح من أهم القطاعات الواعدة في المملكةلمساهمته في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل. ففي سنة 2017، بلغت معاملات صناعة الطيران بالمغرب أكثر من 9.78 مليار درهم مقابل 8.42 مليار سنة 2016 أي بزيادة تناهز 16.3 ٪ حسب بيانات مكتب الصرف. على غرار عدد من القطاعات الصناعية، مثل قطاع السيارات، أظهر قطاع الطيران وفروعه الصناعية خلال السنوات الأخيرة نموا ملحوظًا، وذلك من خلال استقرار العديد من الفاعلين الدوليين بالمغرب، مثل BOMBARDIER وغيرها من الشركات الكبرى كمجموعةEADS و BOEING و…SAFRAN إلخ. فتبعا للإستراتيجية الصناعية لسنوات 2014-2020 التي تم عرضها أمام جلالة الملك محمد السادس بمدينة الدارالبيضاء بتاريخ 2 أبريل 2014، استطاع القطاع بفضل المنجزات الملموسة من إبراز قدرة المملكة على جلب أهم الفاعليين العالميين في قطاع صناعة الطيران وجعل المغرب وجهة مفضلة للمستثمرين العلميين في هذا المجال، وذلك بفضل موقعه الاستراتيجي ومستوى جودة خدماته. ويحتل المغرب مكانة بارزة عالميا جعلت منه منصة متميزة للصيانة في هذا المجال، مستغلا دوره الاستراتيجي بالنسبة للقارة الأفريقية. ومن المرتقب أن تتضاعف حاجيات المملكة المغربية من الكفاءات العالية من فئة المهندسين في السنوات القادمة، وذلك من أجل مواكبة الصناعات المرتبطة بمجال الطيران، حيث تتمثل أولويات سوق الشغل المرتبطة بهذا المجال في تعبئة حوالي 23.000 منصب شغل، مقابل 15.000 منصب حاليا، ويتطلب تحقيق هذا الهدف جذب ما يناهز مائة مستثمر جديد في مختلف المجالات المرتبطة بهذه الصناعة. وللإشارة فإن أزيد من 130 مقاولة تشتغل حاليا في مجال صناعة الطيران بالمغرب، حيث تسمح بتسريع معدل الاندماج الصناعي الذي يتطلع إلى تحقيق نسبة 35٪ في أفق 2020. فمنذ إطلاق مخطط تسريع التنمية الصناعية بالمغرب سنة 2014، تزايدت نسبة الشغل في هذا القطاع بنسبة 55 %، وارتفع معدل الاندماج الصناعي المحلي بأكثر من 70 %، بينما ارتفع عدد الشركات بنسبة 10 % سنويا، أي بمعدل 130 وحدة. وتؤكد هذه المؤشرات أن هذا القطاع يتوفر على إمكانيات ومؤهلات قوية للابتكار يتيح فرصا كبيرة للمواهب والكفاءات الشابة. ومن أجل الانخراط في هذه الدينامية الحيوية التي يعرفها الاقتصاد الوطني، وفي إطار تنفيذ الجهة 13 للمغاربة المقيمين بالخارج، فإن الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة تنظم بتنسيق مع وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي وبشراكة مع شبكة الكفاءات المغربية في صناعات الطيران بكندا (AEROMAC) وبعثة اقتصادية مؤلفة من ممثلي المنتدى الاستراتيجي “أيرو موريال” ” AERO MONTREAL “، والتي ترأسها السيدة سوزان بينوا Suzanne BENOIT، بعثة تجمع قادة رئيسيين في قطاع الطيران بكيبيك بكندا تنتمي لقطاع الصناعة والمؤسسات الجامعية ومراكز البحث والجمعيات المهنية. وتتمثل أهداف هذه البعثة إلى تعزيز الإمكانات الاستثمارية للشركات الكندية في المغرب في مجال صناعة الطيران، من جهة، وكذا تعزيز اليقظة التكنولوجية لنقل المعرفة نحو المغرب من خلال التكوين، وتبادل الخبرات بين الجامعات ومؤسسات التكوين المغربية والكندية من جهة ثانية. وستبتدئ مهمة هذه البعثة بداية شهر أكتوبر 2018 من خلال القيام بعدة زيارات لمجموعة من الشركات ومراكز التكوين في كل من مدينتي الدارالبيضاء وطنجة، وذلك بشراكة مع وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي. وستتوج هذه البعثة يوم 5 أكتوبر بالصخيرات من خلال إطلاق أشغال المنتدى الأول لتعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بكندا لتطوير التعاون في قطاع الطيران، والذي سيشكل مناسبة للإعلان الرسمي عن إنشاء شبكة الكفاءات المغربية في مجال الطيران بكندا ” AEROMAC”، وتقديم العديد من المشاريع المتعلقة بهذا المجال من طرف خبراء البعثة العلمية. وسيتوج هذا المنتدى بالتوقيع على مذكرة تفاهم تهدف بشكل خاص إلى تعزيز فرص التقارب والتعاون بين الشركات المغربية والكيبيكية بهدف دعم سلسلة الإنتاج والتعاون التجاري، بما يحقق مبدأ رابح-رابح لكلا الطرفين. 2. أهداف المنتدى: يتمحور الهدف العام للمنتدى حول تعزيز تعبئة الكفاءات المغربية بكندا، كما يروم هذا النشاط أساسا إلى تحقيق الأهداف التالية : – إبراز وتطوير فرص الاستثمار المنتج في المغرب، لا سيما في مجال الطيران؛ – دعم النمو الكبير الذي تعرفه صناعة الطيران الوطنية، والتي تميزت خلال العقد الأخير بجلب شركات ذات شهرة عالمية؛ – تعزيز التواصل وتبادل الخبرات في هذا المجال؛ – تعزيز آليات نقل تكنولوجيا الطيران لفائدة المملكة المغربية؛ – تقوية التقارب بين الشركات الكندية والنسيج الاقتصادي المغربي، من أجل خلق تعاون مثمر في مجال المشاريع المبتكرة، وتشجيع الاستثمارات الكندية في المغرب. – تحديد مستوى الكفاءات من مهندسي الطيران، وتنمية النشاط والابتكار في مجال الطيران، وكذا جعل مديري ومهندسي الطيران في اتصال دائم بالمجال الصناعي؛ – إحداث مجموعة للكفاءات المغربية في مجال الطيران، وتسهيل توثيق علاقاتهم بعالم الأعمال بالمملكة. 3. المشاركون في المنتدى : سيعرف المنتدى مشاركة ما يقارب من 200 مشارك، من بينهم وفد عن “أيرو-مونتريال” AERO MONTREAL وممثلين عن شبكة الكفاءات المغربية بكندا ” أيرو- ماك” AERO MAC، إلى جانب خبراء كنديين في مجال الطيران ومستثمرين ومسؤولين مؤسساتيين وشركاء تقنيين وممثلين عن قطاع المال والأعمال.