الجامعة فشلت تدبيريا مع أسود الأطلس وتراجع الطاوسي عن التزاماته أسهم في الخسارة تحتاج المشاركة المغربية في الدورة التاسعة والعشرين لنهائيات أمم إفريقيا إلى وضعها في حجمها، وموقعها، لأجل قراءة متأنية وموضوعية لنتائجها، وبالتالي الخروج بالخلاصات اللازمة التي من شأنها أن تثري النقاش الدائر بشأن الكرة المغربية، أو مسارات المنتخب الوطني الأول، وهذا الأصح. جامعة الفهري.. أسوأ بداية ينبغي التذكير أولا وقبل كل شيء أن أول ما فاه به علي الفاسي الفهري لدى تعيينه رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خلفا للجنيرال حسني بن سلميان، بتاريخ 16 أبريل 2009، قوله إنه سيعمل كل ما في وسعه لتأهيل المغرب إلى مونديال 2010، وإشارته إلى أنه "لو كان ما يزال هناك أمل على 99، فسيعمل كي يستثمره". وقد فتح هذا الوعد من مسؤول كبير في الدولة، يعي جيدا ما يقول وهو يتسلم مقاليد جامعة الكرة من يد رجل دولة آخر، بابا كبيرا للأمل لكل عشاق المنتخب الوطني، الذين اعتبروا أنهم إزاء حياة جديدة تنبعث في الكرة المغربية، بعد ما راكمته من نكسات. المصيبة أن علي الفاسي الفهري، الذي أقنعه مستشاروه بالتركيبة الرباعية، المكونة من حسن مومن وجمال سلامي والحسين عموتة وعبد الغني بناصري، لقيادة أسود الأطلس خلفا للفرنسي روجي لومير، سار بالمنتخب الوطني رأسا في اتجاه الحائط، ليخرجه على التوالي من تصفيات كأس إفريقيا (نظمت في أنغولا)، وتصفيات كأس العام (نظمت في جنوب إفريقيا)، لتكون تلك أسوأ بداية تدبيرية في التاريخ. غيريتس.. تيه أسود الأطلس عندما تعاقدت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع البلجيكي إيريك غيريتس، خلفا للتركيبة الرباعية (كان الغرض من تعيينها، إلى حد ما، القول "ها نحن جئناكم بأطر وطنية وفشلت، فاتركونا نأتي بإطار أجنبي)، قدمته على أساس أنه مدرب عالمي كبير، وجاء ليصحح مسار المنتخب، ويضعه في الطريق الصحيح من الآن فصاعدا. غير أن اشتغال إيريك غيريتس سار في اتجاه لم يكن لينجح، على اعتبار أنه عول بشكل كلي على اللاعبين المحترفين، وقلب الموازين داخل المنتخب نفسه، بحيث حاول أن "يخلق" من اللاعب امبارك بوصوفة نجما، رغم أنه لا يصلح لذلك، وإذا به يحدث لنفسه أعداء داخل المجموعة، سيشكلون مع مرور الوقت "طابورا خاسما" سيؤدي إلى الإطاحة به. النتائج التي راكمها إيريك غيريتس كانت نسبيا طيبة، سيما وقد أفلح في التأهل إلى نهائيات أمم إفريقيا 2012، التي جرت مناصفة بين الغابون وغينيا الاستوائية، غير أن خروجه المبكر من الكأس، والطريقة التي خرج بها، عجلت برحيله، إذ خسر أمام تونس، وأمام منتخب البلد المضيف الغابون، ثم لم يربح مباراة النيجر سوى بهدف لصفر. تركيبة رباعية لاختيار المدرب.. كانت الجماهير المغربية تنتظر في بداية الأمر رحيل علي الفاسي الفهري، لعل الأمور تتغير. إلا أن الجهات التي تدير شأن كرة القدم قررت البقاء، وتغيير "سائق الحافلة المعطوبة"، وابتكرت فكرة "جهنمية" لتدويخ الرأي العام، وهي تشكيل لجنة من أربعة مسؤولين في الجامعة، أناطت إليها مسؤولية اختيار مدرب بين أربعة أسماء؛ الزاكي بادو، وامحمد فاخر، وعزيز العامري، ورشيد الطاوسي. وأكدت أحداث اليوم الذي أعلن فيه اسم المدرب الذي سيخلف إيريك غيريتس، بمقر الجامعة بالرباط، أن المسؤولين كانوا بالفعل قد اختاروا قائد النخبة الوطنية قبل ذلك بكثير، أو أوحي إليهم بالاسم، إذ علمته الصحافة قبل ساعات من الكشف عنه، مع أن من اجتمعوا ليكشفوه في وقت لاحق قالوا إنهم كانوا يتداولون في تقرير اللجنة، ووقع الاختيار على الطاوسي. الطاوسي نفسه، وهو الإطار الوطني الكفء، والذي سبق له أن قاد المنتخب الوطني للشباب، وفاز معه بكأس إفريقيا، قبل أن يتألق مع المغرب الفاسي بثلاثة، أوضح في تصريح إعلامي أنه هيأ نفسه للحدث قبل شهرين من إعلانه مدربا للمنتخب الوطني. وتماشى المدرب الجديد لأسود الأطلس، في تصريحه، مع ما ذهب إليه الزاكي بادو لدى استقباله من طرف لجنة الاختيار، إذ أكد أنه وهو في الطريق إلى الرباط اتصل به أصدقاء وأخبروه أن الاختيار وقع على رشيد الطاوسي، وأن المسألة كلها عبارة عن مسرحية لإعطاء انطباع للرأي العام بأن هناك رغبة في اختيار الأفضل من بين الأفضل. الطاوسي.. "جاهز 100 في المائةspan dir="LTR" style="line-height: 115%;" arial","sans-serif";="" color:#00b050;mso-bidi-language:ar-ma"=""" يقال إن "التواصل المفرط يقتل التواصل". وهذا ما حدث مع رشيد الطاوسي بالضبط، إذ أنه لكثرة ما تحدث قبل دورة جنوب إفريقيا لنهائيات الأمم الإفريقية وقع في الخطأ، إذ قال مثلا إن المنتخب جاهز مائة في المائة، مع أنه في واقع الأمر لم يكن كذلك، وإذا به يتراجع بعد حين، ويؤكد أن هناك مشاكل، ثم قال في نهاية المطاف:"نحن بدأنا للتو، ولم تتح لنا الفرصة لنجتمع باللاعبين سوى شهرا من الأيام، ويلزمنا الآن الوقت كي نعمل في العمق"، بمعنى أنه والمنتخب لم يكونا جاهزين مائة في المائة. الناخب الوطني رشيد الطاوسي قال أيضا، قبل النهائيات، إنه لن يعتمد سوى على اللاعبين الجاهزين، وبخاصة منهم أولئك الذين يتميزون بالسرعة، والفعالية، لأن النهائيات القارية، حسبه، تجمعك بمنتخبات تتسم بالسرعة في الأداء، والقوة البدنية، والحضور الفاعل. غير أنه سرعان ما أثبت من خلال التشكيلة التي أعلنها رسميا للدخول في المنافسات أنه تراجع إلى حد ما، وتبين ذلك باختياره لكل من أسامة السعيدي ومنير الحمداوي، بل وحتى عبد الحميد الكوثري، الذي برر حضوره بالقول إن الدوري السعودي جيد، فيما برر استبعاد الحسين خرجة بالقول إن الدوري القطري ليس مميزا. span dir="RTL" style="line-height: 115%;" arial","sans-serif";mso-fareast-"أخطاء وأخرى أدت للإقصاءspan style="line-height: 115%;" arial","sans-serif";="" mso-fareast-".. بعيدا عن الإدارة السيئة للمنتخب الوطني الأول من قبل الجامعة الملكية لكرة القدم، والتي وفرت ظروفا جيدة إلى حد بعيد لمنتخب الطاوسي حتى يكون في الموعد الإفريقي بامتياز، فإن الناخب الوطني وقع، وهذا عادي بالنسبة إلى شخص لا يملك التجربة، في أخطاء عدة جعلته يعود بسرعة من النهائيات القارية. فمن بين الأخطاء التي وقع فيها رشيد الطاوسي اعتماده على لاعبين لم تتوفر فيهم السمات التي قال إنه سيركز عليها، مثال يونس بلهندة، الذي كان مصابا، وأسامة السعيدي، الذي لم يكن مستعدا بدنيا، ومنير الحمداوي، الذي بدوره لم يكن يملك اللياقة اللازمة، ولا الاستعداد النفسي الجيد. وقد فطن الطاوسي إلى خطأه، إذ أنه اعتمد تشكيلتين مغايرين في المبارتين المتبقيتين، غير أن تغييره كان نفسه هو خطأه الثاني، على اعتبار أن النهائيات تمر في وقت سريع للغاية، ولا تنجح التغييرات دائما في وقت قصير، بحيث لا يستطيع اللاعبون الانسجام في ما بينهم، وتحدث أشياء سيئة، كأن تحرز الهدف فسرعان ما تجد نفسك مرغما على التعادل. أما قول الطاوسي إن المنتخب الوطني لم يكن محظوظا فمردود، على اعتبار أن الحديث عن الحظ مجرد إقحام لما هو غير واقعي في أمور واقعية، بما أن المنتخب المغربي استفاد بدوره من أخطاء الآخرين، وكان بذلك نال ما يستحق. span dir="RTL" style="line-height: 115%;" arial","sans-serif";mso-fareast-"على سبيل الختمspan style="line-height: 115%;" arial","sans-serif";mso-fareast-".. هناك الآن رأيان بخصوص مسار ومصير المنتخب الأول، أحدهما يعتبر أن نواة جديد تكونت وبنبغي منح الفرصة لرشيد الطاوسي كي يتم عمله، ورأي آخر يرى أن لا شيء تحقق ما دامت المنتخبات (الفئيات السنية) غير موجودة على أرضية صلبة، بما يمكنه أن يمد المنتخب الأول بالقوة اللازمة. الرأي الأول لا يهتم إلا بالمنتخب الحالي، ويعتقد أن أي تغيير يمكنه أن يزيد الطين بلة، أما الرأي الثاني فلا يهمه الاستمرار أو التغيير، ما دامت الفئات السنية غير موجودة، والبطولة هاوية، لأنه حتى في حال نجاح الطاوسي مستقبلا، قد يصدم بواقع الكرة المغربية المرير ينعكس عليه، ويعيده إلى نقطة الصفر. عن يومية "الأخبار"