"إلى جانب الفوز بالألقاب فان ما سيبقى في ذهني دوماً هو شيء لا علاقة له بحصد البطولات.. إنها جائزة الكرامة.. بالطّبع لن يكون هناك كأس خاصة بها في المتحف لكنها ستظل قائمة في روح الكامب نو". تبدو كلمات رئيس برشلونة ساندرو روسيل عند وداع غوارديولا صادقةً إلى حدّ كبير و تتجاوز مجرّد تعبير عن مودّة يُكنّها رئيس ناد كبير لمدرب عادي قرّر أن يستقيل، و وجد نفسه مطالباً بالإدلاء بتصريح أمام عيون الكاميرات و الصحفيين. روسيل و بلا شكّ عارف بقدرات هذا المدرب الإستثنائي، و ملمّ بفلسفته الكروية التي جعلت برشلونة ينبعث من جديد و بطريقة أكثر ترتيباً و تنسيقاً و قوّة و استعداداً لحصد أغلى الكؤوس و أثمنها. ربّما لم يخطر على بال جوسيب غوارديولا، يوم كان لاعباً يدافع عن ألوان البلوغرانا حاملاً القميص رقم أربعة، أنّه سيصبح العرّاب الذي سيقودها إلى منصات التتويج العالمية و يجعل الفريق يتربّع على عرش فرق المستديرة في العالم. لكن الأكيد أنّه كان يرقب عن كثب و بكلّ حرص المهارات التدريبية للجوهرة الهولندية الملهم يوهان كرويف الذي حقّق أول لقب لبرشلونة و لعب بيب تحت إمرته ضمن فريق استحق عن جدارة لقب فريق الأحلام. غوارديولا الذي تولى تدريب برشلونة في العام 2008 بعد مغادرة الهولندي فرانك ريكارد، نجح سريعاً في إسكات المعارضين لتسلّمه دفة القيادة و أظهر أنه مدرّب يمتلك من النضج و الحنكة ما يجعل الرافضين ينحنون إعجابا لإنجازاته المحلية و القارية و العالمية... و التي ترجمها في 13 لقباً، بينها ستة ألقاب حصدها في الموسم الأول لتدريبه البارصا، فكانت بمثابة إعلان عن علاقة حبّ متبادل جمعت بينه و بين الجمهور البرشلوني العريض. بلدة سانت بيدور الهادئة و سكانها الذين لم يتوانوا عن إقامة طقوسهم الدينية من أجل ثني غوارديولا عن قراره بترك الفريق سيكونون فخورين بابنهم الذي حقق و هو في ال41 عاماً ما عجز عن تحقيقه شيوخ التدريب في العالم مانحاً اعترافاً دولياً لمدربي الفرق الرديفة الذين أكد بيب أن بإمكانهم فعل المعجزات.. معتمداً في ذلك على فلسفة الإحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة و استرجاعها في أقل وقت و نهج أسلوب مبهر في التمريرات السريعة و القصيرة بين اللاعبين مستفيداً في نفس الوقت من مهارات نخبة من أمهر اللاعبين في العالم و الذين عرف غوارديولا كيف يجعلهم على يقين بأن سماء الكرة تتسع لتلمع فيها جميع النجوم.. صحيح أن بيب لم يعد مدرب البلوغرانا لكنّه كان و سيبقى صانع كرامة برشلونة و زارع روح الكرامة في بساتين الفريق الكاتلاني التي حتماً لن تتوقف مواسم إزهارها في غياب "العرّاب غوارديولا".