في إطار فعاليات الدورة 24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، نظم مجلس الجالية المغربية بالخارج مساء أمس الخميس ندوة تمحورت حول المبادرة الثقافية لمغاربة العالم بحضور ثلة من الكتاب والأدباء المغاربة عبر العالم. وخلال هذا اللقاء الذي احتضنه رواق مجلس الجالية المغربية بالخارج استعرضت الكاتبة والإعلامية المغربية المقيمة بفرنسا أحلام لقليدة التحديات التي تواجه مغاربة العالم في دول الإقامة و على رأسها التمكن من لغة وثقافة الآخر من دون السقوط في الانسلاخ من الهوية الأصلية. كما أن الفاعل الثقافي المغربي يجد نفسه، في أوربا، أمام تحدي آخر وهو تشجيع أبناء الجالية، على تفجير مواهبهم وتحصينهم لعدم الانجرار وراء الأفكار الهدامة لمواجهة خطاب الكراهية والتطرف. وأضافت أن جيل الهجرة تمكن من إثبات الذات داخل تلك المجتمعات، حيث أصبح المغربي منتجا للثقافة والأدب، عوض الاقتصار على الاستهلاك من خلال تغيير تلك الصورة النمطية لدى الأوربيين واستطاع المفكرون والأدباء المغاربة فرض ذواتهم وتسويق منتوجهم الثقافي والأدبي. من جانبه اعتبر أحمد الحضراوي الإعلامي المغربي المقيم ببلجيكا، خلال الندوة الذي سيرها إدريس الكنبوري، مكلف بمهمة بمجلس الجالية المغربية بالخارج، اعتبر أن التحدي الثقافي في دول الهجرة تجاوز قدرة المؤسسات الرسمية وانتقد الحضراوي عمل بعض الجمعيات الثقافية في أوربا التي لاتخدم المصالح الثقافية المغربية وتشتغل على مصالحها الخاصة خاصة في بلجيكا، حيث يتم تغييب المثقف وعدم إشراكه في استراتيجية تثبيت مكانة الثقافة المغربية في أوربا. ونوه الحضراوي بمبادرات المقهى الأدبي قائلا " نعمل داخل المقهى الأدبي في بلجيكا وننقل التجربة الأوروبية للمؤسسات الرسمية المغربية من أجل الاستثمار في العنصر البشري والدفاع عن الهوية المغربية متعددة المشارب ومن أجل استثمارها واستمرارها لدعم هذا المشروع لأننا أدرى بالواقع الثقافي في بلجيكا لأن التحدي الثقافي هو التحدي الأكبر ولذلك فالمطلوب هو نقل العالم العربي من نظرته لأوربا من دار الكفر لفكر الإنسانية جمعاء". وأكد الشاعر والفاعل الثقافي يحيى الشيخ، على أهمية الفعل الجمعوي، ودور المثقفين والكتاب المغاربة بدول المهجر، في التعريف بالمنتوج الثقافي المغربي، وضرورة التنسيق مع المؤسسات الرسمية المغربية في الداخل والخارج، خاصة مع الإطارات الجمعوية الجادة. وقد استعرض بعض المبادرات الثقافية التي أشرف عليها، رفقة بعض الفاعلين في فرنساوبلجيكا، وإسهاماته كناشر في إنتاج ونشر العديد من المؤلفات الأدبية العربية. أما الأديب والقاص المغربي بألمانيا محمد كنوف، فقد تحدث عن المجهودات التي يقوم بها المثقفون المغاربة في المهجر الذين لهم حمولة ثقافية ووطنية من المغرب يحاولون إدماجها في المجتمعات الأوروبية من دون السقوط في الاستيلاب. وانتقد كنوف اكتفاء معظم الإنتاجات الأدبية للمغاربة المقيمين بالخارج بالأدب الفولكلوري وتحدث عن بعض العقبات التي تواجه الثقافة المغربية، بحيث أوجزها في غياب "التفاعلية"، أي عدم القدرة على تبني رؤية مستقبلية للتفاعل مع المجتمع المغربي مبنية على ثقافة شمولية وليس ثقافة منطقة محددة، وأيضا غياب "الفاعلية" أي دور الفاعل الرسمي ورؤيتها إزاء تلقين الثقافة المغربية في المهجر. من جهة أخرى قال الفاعل والناشر المغربي في فرنسا يحيى بن الشيخ إن المبادرة الثقافية للجالية المغربية في أوروبا هي متأخرة لأسباب تاريخية مرتبطة بتأخر تواجد المغاربة في أوروبا بسبب الاستعمار، مبرزا "الصحوة" التي بدأت تجلياتها الأولى تظهر في السبعينات، وتطورت مع الوقت لتصل إلى إنتاجات أدبية متنوعة واكبتها دور نشر منحدرة من أصل مغربي. وبعد انتقاد غياب منافذ للثقافة الموجهة إلى مغاربة الخارج قدم الشيخ مجموعة من المبادرات التي يقوم بها المثقفون من مغاربة العالم من أجل التعريف بالمغرب على المستوى الدولي من خلال الأنشطة الثقافية والتي مكنت من استقطاب مجموعة من الأوروبيين. أما الشاعر المغربي المقيم بهولندا يوسف هواري فقد تحدث في هذه الندوة على حضور اللغة العربية وتجذرها التاريخي في هولندا منذ أكثر من ثلاث مائة سنة، بحيث شجعت الدولة الهولندية على تدريسها في أكبر الجامعات. ومن بين المبادرات التي كانت في هذا الاتجاه وفق يوسف هواري، تأسيس المعهد التربوي بأمستردام بمبادرة هولندية وإنشاء شعبة لتكوين أساتذة اللغة العربية في التعليم الثانوي، إلا انه تأسف على ضياع مكتسبات اللغو العربية في هذا البلد الأوروبي جراء تشتت المبادرات وعدم انفتاح الجاليات العربية على الآخر ودخول مؤسسات أجنبية على خط تعليم اللغة العربية خارج أسوار المدارس ووفق نظرة إديولوجية منغلقة، ودق ناقوس الخطر بخصوص إمكانية زوال اللغة العربية واندثارها في صفوف الأجيال الجديدة. وتجدر الاشارة الى ان مجلس الجالية المغربية بالخارج يشارك في الدورة 24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، بإبداعات الكتاب المغاربة في الخارج، من خلال توقيع و تقديم عدد من الإصدارات والمؤلفات لمغاربة العالم و تنظيم مجموعة من اللقاءات والندوات لطرح وتسليط الضوء على إشكاليات الهجرة المغربية والتحديات التي تواجه الجالية المغربية بالخارج.