بعد استهداف "الهاكرز" الجزائريين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتسريب آلاف الوثائق الشخصية لموظفين ومستخدمين، يُطرح التساؤل حول مدى نجاعة المنظومة الرقمية في مختلف القطاعات الوطنية. في هذا الحوار مع "رسالة 24″، يجيبنا الخبير في الأمن السيبراني " طيب هزاز " عن هوية الخاسر في هذه الحرب الرقمية. بداية، كيف تُقيّم المنظومة الرقمية في بلادنا؟ الواقع أن المنظومة الرقمية في بلادنا قوية في بعض القطاعات، لكنها في قطاعات أخرى تعاني من غياب الاهتمام والتتبع الكافيين لتحقيق حصانة الأمن المعلوماتي. ويتجلى ذلك في الاختراقات المتكررة التي تطال مواقع إلكترونية سواء عمومية حكومية أو خاصة. بالمقابل، هناك قطاعات تتمتع بحماية رقمية قوية، مثل مديرية الأمن الوطني، ووزارة الداخلية، والخارجية، وإدارة مراقبة التراب الوطني. لماذا هذا التفاوت في مستوى الحماية؟ ببساطة، لأننا لا ننفتح على الكفاءات المغربية في المجال، بل لا يوجد استثمار حقيقي في الطاقات الشابة المتميزة في الرقمنة والأمن السيبراني، بالرغم من امتلاكنا لكفاءات ذات خبرة عالية. في المقابل، تقوم شركات عالمية باستقطاب هؤلاء الشباب المغاربة للعمل في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي. كيف تفسر هذا الهجوم السيبراني الجزائري؟ الجزائر أنشأت، إن صحّ التعبير، ما يُشبه "كاريان القراصنة"، على غرار مرتزقة البوليساريو. هدفهم الرئيسي هو اختراق الأنظمة المغربية، وكذلك توجه شرها للأنظمة الفرنسية كذلك. أي توجه إرهابها لكل دولة تعترف بسيادة المغرب على صحرائه، والتي تصبح هدفًا محتملاً لهجمات سيبرانية. ولا دليل على سفاهة النظام الجزائري أكبر من نشر وكالة أنباء جزائرية خبراً عن اختراق إلكتروني لمؤسسة مغربية وتفخر به، مع أنه يناقض أبسط قواعد القانون الدولي. كيف يمكن للمغرب أن يعزز حصانته الرقمية؟ أعتقد أن الحل يبدأ بتنظيم أيام وطنية مفتوحة يشارك فيها خبراء مواكبون لتطور الرقمنة والذكاء الاصطناعي، بهدف تقييم البنية التحتية الرقمية لجميع المواقع الإلكترونية الوزارية والإدارية، وإيجاد حلول عملية. المشكلة الأساسية أن بعض الموظفين في المجال لا يواكبون هذا التطور المتسارع، وتغيب عنهم التكوينات والدورات المستمرة، وهو ما يخلق ثغرات يمكن للقراصنة استغلالها لاختراق المواقع. ما هي الأضرار المحتملة للمغرب في حال استمرار هذه الحرب الرقمية؟ لا شك أن المغرب سيكون الخاسر الأكبر إذا استمرت هذه الحرب، لأن الجزائر لا تملك ما تخسره فعليًا. فالمغرب يتقدم بسرعة في المجال الرقمي، والكثير من خدماته الإدارية والاقتصادية أصبحت رقمية، سواء الموجهة للمواطنين أو للمستثمرين الأجانب. وبالتالي، أي تعثر في هذه الخدمات سيؤدي إلى فقدان الثقة، وسينتج عنه خسائر مالية واقتصادية كبيرة.