يرتكز مشروع قانون المالية الخاص بسنة 2024 على أربع أوليات… و يتعلق الأمر بتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية و مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية و تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية. و أمام تحقيق هذه الأوليات تنتصب عدة تحديات وجب على الحكومة معالجتها، يسردها محمد جدري محلل اقتصادي ل" رسالة 24 ". في البدء ، يلفت الأستاذ جديري إلى ضرورة تذكر أننا ما زلنا في سياق متسم بالضبابية وعدم الوضوح بحيث لم نتخلص بعد من آثار جائحة كورونا، ناهيك عن التحولات الجيوستراتيجية بفعل حرب روسيا و أوكرانيا التي تسببت في العديد من المتغيرات بالعالم. زد على ذلك التضخم الذي أصبح يعرف مستويات مرتفعة، ناهيك عن موجة الجفاف التي أثرت هيكليا وبنيويا بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، و لا ننسى أن قانون مالية 2024 يأتي ليترجم رؤية الحكومة بتنزيلها لبرنامجها الحكومي خلال السنة المقبلة، و تماشيا مع مضامين النموذج التنموي الجديد. ويضيف قائلا: إننا اليوم نرى أن الأوليات الأربع التي تم تسيطرها في قانون مالية 2024 من شأنها مواجهة الضغوط التضخمية، و كل ما يتعلق بتقلبات المناخ، و عليها بذل مجهود كبير لعودة التضخم للمستوى المقبول من خلال التدخلات الفلاحية ودعم الغازوال. و يرى المتحدث أنه لا بد من التوقف عند إكراه كبير يعاني منه المغرب. و يتعلق الأمر بالإجهاد المائي الذي يهدف إلى التصدي له من خلال وضع استراتيجية التي تم تخصيص أكثر من143 مليار درهم من أجل ربط الأحواض المائية وتحلية مياه البحر و معالجة المياه العادمة وتشييد مجموعة من السدود الصغيرة و المتوسطة بالإضافة إلى ترشيد الماء على مستوى الاستهلاك المنزلي والصناعي. أما الأولية الثانية، و التي تتمثل في تنزيل الدولة الاجتماعية، يفيد المحلل الاقتصادي أن الأمر يتعلق هنا بورش الحماية الاجتماعية في مرحلته الثانية بحيث سيشرع في بداية السنة في منح التعويضات المالية لسبعة مليون أسرة، و التي تتمون من أطفال في سن التمدرس و مليوني أسرة تفتقد لأطفال في سن التمدرس أو تفتقد للأطفال بصفة عامة. و بالتالي، سيُتخلى عن صندوق المقاصة الذي لا ينص على استهداف مباشر إلى استهداف مباشر، بالاضافة إلى مواصلة بدل مجهودات حثيثة في التعليم و الصحة من خلال تشييد مستشفيات جامعية في كل جهات المملكة و تأهيل العنصر البشري من خلال الأطباء والممرضين وأطر طبية و شبه طبية. ويؤكد جدري أنه لابد من المضي قدما في أمور مهمة من قبيل الطاقة من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة خاصة الطاقة الريحية والشمسية لأن المغرب لا يمكنه تحمل فاتورة طاقية كبيرة مثل التي استهلكها في سنة 2022 التي تجاوزت 150 مليار درهم، و التي كلفت الاقتصاد الوطني الكثير ناهيك عن تهديد حاجيات الأجيال القادمة من الطاقة. و لابد من العمل على عودة المؤشرات الماكرو اقتصادية للدولة المغربية إلى التحسن التي ستساهم في التحكم في محموعة من الأشياء. أما بالنسبة لنسبة النمو، و التي تم تحديدها في 3.7، فهي تظل نسبة متوسطة. و حقيقة ليست هي النسبة المطلوبة لكن تظل أحسن بكثير من نسبة السنة الماضية التي لم تتجاوز 1.3. ولا ننسى التطلع إلى جعل التضخم يعود إلى ما بين 1 و 2 في المائة في سنة 2025. أما بخصوص عجز الميزانية، سينتقل من 7 في المائة إلى 4 في المائة سنة 2023 الشيء الذي سيغنينا شيئا ما عن الاستدانة الخارجية. و لا بد من التوفيق بين الاستثمار العمومي والخاص . ويظن المحلل الأقتصادي أن هناك مجموعة من التحديات متعلقة بالسياسة المائية والطاقات المتجددة والاستثمار وتحدي إصلاح أنظمة التعاقد. و التي يجب المضي فيها قدما لتحصيل قطب عمومي وخصوصي بغية استفادة المواطنين من التقاعد. فكل سنة، يتم إهدار مئات الملايير من الدراهم في إصلاح التقاعد بالإضافة إلى إصلاح صندوق المقاصة الذي يستهلك هو الآخر ملايير الدراهم دون أن يؤدي أدواره. ففي السنة الماضية، تجاوزت تكلفة صندوق المقاصة ما بين 40 و 32 مليار درهم. و بالتالي، حينما يتم الانتقال إلى التعويضات العائلية سينعكس إيجابا على ميزانية الدولة.