تحصين منظومة العدالة من مظاهر الفساد تقدير ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم البحث والتحري بشأن كل إخلال المفتش العام..تعيين بظهير الرباط- عبد الحق العضيمي ينتظر أن يتدارس مجلس الحكومة قريبا مشروع قانون جديد أعدته وزارة العدل، يتعلق ب"تحديد تأليف المفتشية العامة للشؤون القضائية واختصاصاتها، وقواعد تنظيمها، وحقوق وواجبات أعضائها". مشروع هذا القانون ، الذي اطلعت "رسالة 24" على نسخة منه، يهدف إلى "وضع إطار قانوني للمفتشية العامة للشؤون القضائية المنصوص عليها في المادة 53 من القانون التنظيمي رقم 10.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضانية ، وذلك من خلال تحديد تأليفها ، وكيفية تعيين أعضاءها والاختصاصات الموكولة إليها، سواء في مجال التفتيش القضائي بشقيه المركزي واللامركزي ، أو في المجال التأديبي ، والحقوق المقررة لفائدة أعضائها والواجبات المفروضة عليهم ، إضافة إلى تدقيق العلاقة مع مؤسستي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بمناسبة ممارستها لمهامها". ويتكون مشروع القانون، من 36 مادة موزعة على خمسة أبواب، ينص الباب الأول على أحكام عامة، فيما يتطرق الباب الثاني إلى تأليف المفتشية العامة، بينما يهم الباب الثالث اختصاصات هذه الأخيرة وقواعد تنظيمها، وهو مقسم إلى 3 فصول، يتعلق الأول بالتفتيش القضائي المركزي للمحاكم، والثاني يهم التفتيش القضائي اللامركزي للمحاكم، فيما يرتبط الثالث بالأبحاث والتحريات. في حين يتناول الباب الرابع الحقوق والواجبات، بينما خصص الباب الخامس للمقتضيات الختامية. تحصين منظومة العدالة من مظاهر الفساد وزارة العدل، وهي توطئ لمشروع هذا القانون، قالت إنه يأتي "في سياق ما تعرفه منظومة العدالة ببلادنا من إصلاحات عميقة وشاملة تهدف إلى توطيد استقلال السلطة القضائية، وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة، وتبسيط المساطر والإجراءات، وتأهيل الإدارة القضائية وتحديثها والرفع من حكامتها ونجاعها". وأضافت في مذكرتها التقديمية المرفقة بنص المشروع، أن "موضوع التخليق يعد من المداخل الأساسية لتحقيق الإصلاح المنشود، وتحصين هذه المنظومة من مظاهر الفساد والانحراف ، وتعزيز ثقة المواطن فيها ، وهو ما من شأنه المساهمة في تخليق الحياة العامة، ودعم وإشاعة قيم ومبادئ المسؤولية والمحاسبة والحكامة الجيدة". وأكدت أن هذا المشروع يعد "لبنة أخرى من البنات استكمال البناء المؤسساتي للسلطة القضائية بالمغرب ، وسيشكل بعد صدوره ودخوله حيز التنفيذ إطارا قانونيا مهما من شأنه تعزيز جهود الدولة لتعزيز استراتيجيها في مجال التخليق والحكامة ومحاربة الفساد". وتابعت الوزارة أن هذا المشروع سيمكن أيضا "المجلس الأعلى للسلطة القضائية من الآلية القانونية الضرورية لممارسة مهامه في مجال التخليق والتفتيش والتأديب والرقابة والتأطير وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية والقيم الأخلاقية في مرفق القضاء ، كما أنه يعد تنزيلا للإرادة الملكية السامية التي عبر عنها جلالة الملك في خطابه السامي بتاريخ 9 مارس 2011 بمناسبة الإعلان عن الدستور الجديد للمملكة". المفتش العام..تعيين بظهير وتعتبر المفتشية العامة، بموجب المادة 3 من مشروع القانون، من "الهياكل الإدارية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتتبع له في أداء مهامها"، على أن يتألف هذه الجهاز الإداري من "مفتش عام، ونائب له، ومفتشين، علاوة على مفتشين مساعدين وموظفين". وتطبيقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 53 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، "يعين المفتش العام بظهير شريف من بين ثلاثة قضاة من الدرجة الاستثنائية، باقتراح من الرئيس المنتدب بعد استشارة أعضاء المجلس، لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، غير أنه يمكن وضع حد لهذا التعيين قبل انصرام هذه المدة". وفيما يخص تعيين نائب المفتش العام، فأشار المشروع في المادة 7 منه إلى أن هذا التعيين، يتم باقتراح من المفتش العام، ويكون النائب المعين من بين القضاة من ذوي الخبرة المرتبين في الدرجة الاستثنائية. ويتولى نائب المفتش العام، علاوة عن مهام التفتيش المنوطة به، "مساعدة المفتش العام في إدارة شؤون المفتشية العامة، والنيابة عنه في حالة غيابه أو تعذر قيامه بمهامه"، فيما يتولى المفتشون المساعدون "إعداد التقارير التي يسندها إليهم المفتش العام، ويساعدون المفتشين في أداء الأشغال المسندة إليهم". ويمنع مشروع القانون على المفتشين المساعدين "إجراء الأبحاث والتحريات، غير أنه يمكن لهم مساعدة المفتشين في القيام بمهام التفتيش". تتبع ثروة القضاة وتتمثل المهام الأساسية المناطة بهذه المفتشية في "التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة، رئاسة ونيابة عامة؛ وتنسيق وتتبع التفتيش القضائي اللامركزي، والإشراف عليه، ودراسة ومعالجة الشكايات التي يحيلها عليها الرئيس المنتدب، والقيام في المادة التأديبية بالأبحاث والتحريات التي يأمر بها الرئيس المنتدب، فضلا عن إعداد دراسات وتقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، وتنفيذ برامج التعاون الدولي التي يقيمها المجلس في مجال التفتيش القضائي. وطبقا لأحكام المادة 105 من القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، "يمكن للمفتشية العامة، بتكليف من المجلس، القيام بالأبحاث والتحريات في شأن التقارير المرفوعة إليه من قبل كل قاض اعتبر أن استقلاله مهدد". ويمكن للرئيس المنتدب أيضا، كلما اقتضت الضرورة، أن "يكلف المفتش العام القيام بالأبحاث والتحريات على أن يشعر المجلس في أول اجتماع يعقده". كما يناط بالمفتشية، تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 107 من القانون التنظيمي رقم 100.13، القيام ب"تتبع ثروة القضاة"، وذلك بتكليف من الرئيس المنتدب، كما تقوم ب"تكليف من المجلس بتقدير ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم"، ويمكن للمفتشية العامة، في هذا الإطار، أن" تطلع على التصاريح بالممتلكات الخاصة بالقضاة". من جانب آخر، ينص المشروع على أن تقوم المفتشية العامة بإعداد "تقارير بشأن مهام التفتيش التي تقوم بها، معززة بالمحاضر والوثائق والبيانات الضرورية عند الاقتضاء"، على أن تنجز، عند نهاية كل سنة، تقريرا يتضمن حصيلة نشاطها السنوي، ترفعه إلى المجلس. التفتيش القضائي المركزي للمحاكم..هكذا سيتم وتوضح المادة 14 من المشروع أن الهدف من التفتيش القضائي المركزي للمحاكم هو "تتبع وتقييم الأداء القضائي للمحاكم استنادا إلى مؤشرات قياس النجاعة والفعالية والجودة، وكذا الوقوف على مدى تنفيذ برامج العمل المتعلقة بكيفية النهوض بأعباء الإدارة القضائية، ورصد المعيقات والصعوبات التي تعترض الرفع من النجاعة القضائية، واقتراح الحلول والوسائل الكفيلة بتقويم الاختلالات المرصودة. وبموجب المادة 15 ، "يضع المفتش العام بتنسيق مع الرئيس المنتدب ورئيس النيابة العامة، كل في ما يخصه، قبل نهاية كل سنة، برنامجا تحدد فيه محاكم أول درجة ومحاكم ثاني درجة التي ستخضع للتفتيش برسم السنة الموالية"، مع إشعار المجلس بهذا البرنامج، الذي يوجه أيضا إلى المحاكم المعنية به. وينص المشروع على أنه "يمكن للمفتشية العامة، بطلب من الرئيس المنتدب أو من رئيس النيابة العامة أن تجري تفتيشا طارئا خارج البرنامج المذكور، كلما اقتضت الضرورة ذلك، مع إشعار المجلس". وتشير مقتضيات المشروع إلى أن التفتيش القضائي المركزي للمحاكم يتم "بواسطة بعثة يعينها المفتش العام، تتكون من مفتشين اثنين على الأقل"، حيث تتلقى هذه البعثة "إفادة المسؤولين القضائيين بالمحاكم المعنية بالتفتيش، وكل شخص آخر تري ضرورة في الاستعانة بإفادته". ويلزم مشروع القانون الذي ينتظر مصادقة الحكومة قبل إحالته على البرلمان "المسؤولين القضائيين بالمحاكم المذكورة تمكين بعثة التفتيش من جميع الاحصائيات والوثائق والمستندات المطلوبة". بخصوص مآل هذا التفتيش، نص المشروع على أن "تعد بعثة التفتيش مشروع تقرير يتضمن الملاحظات المسجلة من قبلها"، ثم يحال هذا المشروع "فور إعداده على المسؤولين القضائيين بالمحاكم المعنية بالتفتيش، كل في ما يخصه، للاطلاع عليه والإدلاء بتعقيباتهم المعززة بالمستندات الضرورية إن اقتضى الحال، وذلك داخل أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما من تاريخ التوصل به، تحت طائلة رفع التقرير على حالته إلى المفتش العام". يؤكد مشروع القانون أنه "يتعين على بعثة التفتيش دراسة التعقيبات المدلى بها، وتأخذ الجدي منها بعين الاعتبار عند صياغة التقرير الخاص بالمحكمة، وتضم غير المعتبرة منها على حالتها لتصبح جزءا من هذا التقرير، كما تضمنه التوصيات الكفيلة بمعالجة المعيقات المرصودة بعد التنسيق مع كل من الرئيس المنتدب ورئيس النيابة العامة كل في ما يخصه". ويضيف المشروع أن المفتش العام مطالب برفع "التقرير في صيغته النهائية مرفقا باقتراحاته إلى الرئيس المنتدب الذي يعرضه على المجلس". كما يرفع المفتش العام الشق المتعلق بالنيابة العامة إلى رئيس النيابة العامة، فيما يحيل التقرير الخاص إلى المحكمة المعنية. ويشدد المشروع أيضا على ضرورة أن "تتتبع المفتشية العامة بتكليف من الرئيس المنتدب أو رئيس النيابة العامة مآل التوصيات المضمنة بالتقرير الخاص المنجز بمناسبة تفتيش المحاكم، وترفع بذلك تقريرا إلى الرئيس المنتدب لعرضه على المجلس، كما ترفع الشق المتعلق بالنيابة العامة إلى رئيس النيابة العامة". مشروع القانون، نص كذلك على أنه "يمكن للمفتشية العامة، بعد موافقة الرئيس المنتدب، كلما وقفت بعثة التفتيش بمناسبة قيامها بتفتيش إحدى المحاكم، على إخلال منسوب لقاض من قضاة الأحكام أو قضاة النيابة العامة، أن تقوم بالأبحاث والتحريات اللازمة بعين المكان، مع إشعار المجلس ورئيس النيابة العامة إذا تعلق الأمر بقضاة النيابة العامة". الأبحاث والتحريات في ما قد ينسب إلى القضاة من جهة أخرى، ينص مشروع القانون في المادة 24 منه على أن "تقوم المفتشية العامة، بناء على طلب الرئيس المنتدب، بالأبحاث والتحريات في ما قد ينسب إلى القضاة من إخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية"، على أن تتم هذه الأبحاث والتحريات بواسطة "مفتشين اثنين على الأقل، يعينهم المفتش العام، من درجة تفوق أو توازي درجة القاضي المعني بالبحث". وللمفتشين المذكورين، بموجب القانون، "سلطة عامة للقيام بالأبحاث والتحريات، الاطلاع على ملف القاضي المعني بالتفتيش"، وعلى "التقارير المنجزة من لدن المسؤولين القضائيين بخصوص سلوكه وأدائه لمهامه، وعلى كافة الوثائق التي يرونها مفيدة في الأبحاث والتحريات، مع أخذ نسخ منها". كما خولهم القانون حق "الاستماع إلى القاضي المعني، وإلى كل من يرون ضرورة في الاستماع إليه"، و"التحقق من المعلومات بكافة الوسائل المتاحة"، إلى جانب "القيام بأي إجراء، أو تكليف أي جهة للقيام بما من شأنه تسهيل مهمتهم"؛ و"الاستعانة بذوي الخبرة"، وكذا الحق في "الحصول على معلومات من إدارات الدولة والمؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة، بما فيها المؤسسات البنكية وشركات الاتصال، بناء على طلب يوجهه المفتش العام إلى مسؤولي هذه المؤسسات". تعويضات المفتش العام والمتفتشون وبموجب مشروع هذا القانون، "تسري على المفتش العام ونائبه وعلى قضاة المفتشية العامة مقتضيات هذا القانون، بالإضافة إلى الحقوق والواجبات المنصوص عليها في القوانين ذات الصلة". وينص القانون على أن "يتقاضى المفتش العام ونائبه والمفتشون تعويضا عن المهام المنوطة بهم، وذلك بمقتضى قرار مشترك للرئيس المنتدب والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية"، في حين ألزمهم النص التشريعي ب"عدم إفشاء المعلومات والوثائق التي يطلعون عليها بمناسبة مزاولتهم لمهامهم"، على أن يبقى هذا الالتزام قائما بعد انتهاء مدة عملهم بالمفتشية العامة، تحت طائلة المساءلة".