المعارضة بورزازات تطعن في انتخابات رئيس المجلس وتصفها ب"المذبحة القانونية"    تفاصيل جديدة عن هجوم "نيو أورليانز" الدموي    فيفا: رحلة دياز تعيد المغرب إلى القمة    تأجيل محاكمة مبديع إلى 9 يناير الجاري    ّ"البذخ مقابل الجوع".. زعيم البوليساريو يبني قصرًا فاخرًا بتندوف الجزائرية    المغرب يعتمد مقاربة الذات الفاعلة لحسم نزاع الصحراء    تفاقم البطالة والفساد والمديونية.. منظمة نقابية تستعرض إخفاقات الحكومة في 2024    صحيفة "ذا صن" البريطانية تعلن تعرض بشار الأسد لمحاولة اغتيال بروسيا    مالي ترفض أن تكون تونس أخرى جنوب الصحراء: تدخل جيوسياسي جزائري على خلفية دعم الإرهاب والانفصال!    السلطات الفلسطينية تقرر توقيف بث قناة الجزيرة القطرية و"تجميد" كافة أنشطتها    شرطة كوريا الجنوبية تداهم مطارا في إطار الكارثة الجوية    نموذج جديد للذكاء الاصطناعي قادر على تنفيذ الأوامر بشكل مستقل    حموشي ينوه بنجاح بروتوكولات الأمن المواكبة لاحتفالات دخول السنة الجديدة 2025    قطر تعلن احتضان كأس العرب في دجنبر المقبل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    خطر الدوغمائية على مآل "الميثاق الغليظ" في المغرب!    مالطا.. استنفار أمني بعد هروب مسافرين مغاربة من طائرة تركية هبطت اضطراريا بالمطار    صن داونز يصل إلى المغرب لمواجهة الرجاء    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بحي راقي في أكادير    استئنافية الدار البيضاء تؤجل محاكمة الوزير الأسبق محمد مبديع إلى الخميس المقبل    صفرو: ثلاث مجموعات شركات رائدة عالميا في إنجاز محطات نقل الطاقة بواسطة الضخ تتنافس لنيل مشروع "محطة المنزل" للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب    صيدليات الانترنيت… مامدى خطورتها على صحة المواطن المغربي    ضحايا زلزال الحوز .. لفتيت يكشف تفاصيل عمليات النصب    تقرير يصنف المغرب ضمن أكثر الدول استهلاكًا للبن    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الإرتفاع    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: 2024 الأكثر دفئا على الإطلاق    اعتقال مقاول ومتابعة آخرين بتهمة النصب على متضررين من زلزال الحوز    مجموعة من التعديلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ مع حلول السنة الجديدة    تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أفلام الصحراء    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    مواجهة قوية بين إنتر ميلان وأتلانتا في نصف نهائي كأس السوبر الإيطالي    دولي مغربي على رادار برشلونة    وفد سوري برئاسة وزير الخارجية يحل بالرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد    مليلية المحتلة تسجل انخفاضًا غير مسبوق في الهجرة السرية منذ التسعينات    مقتل شخص وإصابة عدة أشخاص في انفجار سيارة من نوع تِسْلاَ    مسار استقلال السلطة القضائية في السياسات العمومية كتاب جديد للقاضي عبد الله كرجي    تتويج رحيمي بجائزة أفضل لاعب عربي محلي    مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال.. نموذج للتعاون الإقليمي    زياش يلتقي بمعجبين مغاربة في دبي    صدمة جديدة .. الليغا تزيد أوجاع برشلونة    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بطنجة (صور)    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    دراسة: هذه المشروبات قد تحد من مخاطر الإصابة بالسرطان    فنانون مغاربة غادرونا إلى دار البقاء في سنة 2024    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العودة إلى المغرب مرة أخرى
نشر في رسالة الأمة يوم 10 - 09 - 2020

عادت أطراف الخلاف الليبي الداخلي إلى المغرب بعد خمس سنوات على أول اجتماع لها بالمغرب والذي توج باتفاق الصخيرات التاريخي. وبين الاجتماع الأول في دجنبر 2015 بمدينة الصخيرات، واجتماع الأسبوع الجاري بمدينة بوزنيقة، جرت تحت جسر الأزمة الليبية أنهار من الحروب والاقتتالات بفعل الشحن الذي مارسته دول لدعم طرف ليبي ضد آخر، ووعود النصر في معارك خاسرة ومدمرة لكيان الشعب الليبي، ومخربة لجهود الاستقرار وبناء دولة المؤسسات في هذا القطر الشقيق.
فأزيد من ست لقاءات واجتماعات ومؤتمرات احتضنتها عواصم عالمية (باريس، صقلية، أبوظبي، موسكو، جنيف، برلين…) لنزع فتيل الحرب، تعثرت كلها في الدفع بمسلسل استئناف المسار السياسي الذي افتتحه اتفاق الصخيرات التاريخي، والذي حظي بمباركة من جميع أطراف الأزمة الليبية، قبل أن يتم الانقلاب عليه بأجندات ومؤامرات هدفها إبقاء الشعب الليبي تحت رحمة الاحتراب والحل العسكري الميداني، والحروب بالوكالة والنيابة عن قوى، من مصلحتها إبقاء الأزمة الليبية على ما هي عليه من حدة الانقسام وشدة التوتر.
ورغم كل المحاولات التي بذلت بعد 2015 لاستبعاد مرجعية اتفاق الصخيرات، واستبعاد المغرب من المشاركة في المؤتمرات والملتقيات الدولية لإنهاء معاناة الشعب الليبي، وتحييد روح التوافق والاتفاق، وتعويضه بمزيد من الشقاق والخلاف، إلا أن تطلعات الشعب الليبي والفرقاء السياسيين الليبيين، بين فترات وقف إطلاق النار، إلى أرضية للتفاهم برعاية دولية، أو من دولة شقيقة وصديقة غير متورطة في التحريض على الحرب، أو في موالاة طرف ضد طرف في الأزمة الليبية، وليست لها مصلحة في استمرار الحرب، جعلت الأنظار تتجه مرة أخرى إلى بلد شقيق وصديق لا أجندة سياسية له في المنطقة، غير الاستقرار والأمن والحرص على الوحدة الترابية للبلدان المغاربية التي تربطه بها أواصر الأرض والتاريخ والدين والحضارة واللغة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ولا يمكن لهذا البلد إلا أن يكون مغرب اللقاءات والضيافات، ومملكة السلام والحريات.
فبعد وقف إطلاق النار بليبيا الشقيقة، وبهدف تثبيته، وإعطاء فرصة جديدة للتفاوض والحوار بين أطراف النزاع، وضمان عدم العودة إلى مربع الحرب، كانت قبلة المباحثات الليبية الليبية، هي المغرب، للثقة التي يحظى بها لدى الجميع، وللتجارب السابقة في رعاية المغرب للحوار الليبي الداخلي، والتي لم يتدخل فيها بالضغط أو بالوصاية أو بتنفيذ مخطط خارجي أو بجني مصلحة خاصة، اللهم إلا ما كان من مصلحة الشعب الليبي في الاستقرار والأمن وبناء دولته الوطنية، والتي هي مصلحة المغرب أيضا، في رفضه للحلول العسكرية ودفاعه عن الحل السياسي في كل القضايا الإقليمية والدولية العالقة. وتلك هي فلسفة الديبلوماسية المغربية، التي رعت اتفاقية الصخيرات، وتواصل إلى غاية الاجتماعات التشاورية الليبية الحالية ببوزنيقة، الترحيب بالحل السياسي السلمي، بعيدا عن أولئك الذين يدقون طبول الحرب، ويوقدون نيران الفتن والتحريش بين مكونات الشعب الليبي، وبعيدا أيضا عن منطق الغالب والمغلوب والمنتصر والمنهزم، إذ في مثل هذه النزاعات المتشابكة الأطراف والأسباب والحيثيات والحجج والمصالح، لا يمكن للنصر فيها أن يتحقق إلا للحق في السلام والأمن والاستقرار، وتدبير الخلاف بالحوار والتفاهم وداخل مؤسسات ديموقراطية ضامنة للحقوق والحريات.
فعلى الإخوة في ليبيا الشقيقة، وقد وثقوا في المبادرة المغربية باحتضان حوارهم وتشاورهم حول مستقبل بلدهم، وفي أجواء مريحة للغاية، لمباشرة فتح ملفات بناء الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وبنياتها الإدارية والسياسية والعسكرية، وملفات الشرعية الديموقراطية والتمثيلية للشعب الليبي، أن يغتنموا مرة أخرى تواجدهم بأرض المغرب، وكذا مصداقية رعايته الديبلوماسية للحوار الليبي الليبي، لعدم العودة إلى نقطة الصفر في النزاع والأزمة، واستثمار حصيلة الملتقيات والمؤتمرات الدولية التي حدثت بعد اتفاق الصخيرات الذي تم الالتفاف عليه، واستنتاج ما يمكن استنتاجه بشأن من يدفع بليبيا وبشعبها إلى فتنة الحرب والاقتتال الداخلي اللانهائي، وإلى الارتهان بأجندات دول يسيل لعابها على نفط ليبيا وثرواتها وأرضها وموقعها الجغرافي في المنطقة، ومن يقدم يد المساعدة للشعب الليبي لتوحيد كلمته، والحفاظ على وحدته الترابية، وعلى ثرواته وسيادته واستقلال قراره السياسي.
إن استئناف عمليات الحل السياسي للأزمة الليبية، لا يمكنه أن يتحقق وينجح تحت ظلال الرماح والبنادق والمدافع، وفي ظل التهديدات الدائمة بخرق وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية المتنازعة، بل في أخذ العبرة من السنوات الخمس العجاف والتخريبية التي أعقبت مؤتمر الصخيرات واتفاقه التاريخي، الذي أدخل الفرحة والأمل على الشعب الليبي بمختلف أطيافه، قبل الانقلاب عليه، واستئناف المعارك الخاسرة. واختيار أطراف النزاع العودة الطوعية إلى طاولة المفاوضات في المغرب، بدعم دولي مرة أخرى، يجب أن يكون اختيارا عن قناعة بالحل السياسي الذي جُرب غيره، فلم يفد في إنهاء الأزمة الليبية، بل عمق الشرخ في صفوف الشعب الليبي، وكرس المظالم والدماء بين أفراده وجماعاته.
فالعودة إلى المغرب، لالتماس هذا الحل السياسي المطروح دوما في النداء المغربي، عودة إلى الوعي وإلى الحكمة، وإلى الاختيار الصائب والموفق، الذي صفق له الشعب الليبي وكل الدول المحبة للسلام، والراعية للتفاهم والتفاوض والحوار.
ونأمل أن يخرج لقاء بوزنيقة بما يدعم هذا المسار، ويعزز الثقة في قدرة مبادرات السلام والحل السياسي التفاوضي الذي يرعاه المغرب بحكمته العريقة ودبلوماسيته السلمية، على إنهاء النزاع الليبي الداخلي، بانتصار الجميع على نزعات التدمير والتخريب، وعلى الولاءات المتضاربة لغير ليبيا، ولغير سيادة الشعب الليبي على كل ترابه الوطني.
أمل المغرب في أن يحتفل في القريب العاجل بعودة ليبيا إلى موقعها المغاربي أرضا للسلام والاستقرار والوحدة، وسدا منيعا في وجه الإرهاب والانفصال والكراهية، ودولة للمؤسسات والحريات والحقوق، فاستقرار ليبيا من استقرار المغرب واستقرار منطقتنا المغاربية، وأمنها من أمننا جميعا، وإن كان من مصلحة للمغرب في رعاية واستضافة المشاورات والتفاهمات الليبية الداخلية، والدفاع عن مخرجاتها السياسية والسلمية البناءة، فهي هذه المصلحة المشتركة مع الشعب الليبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.