قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، اليوم السبت بالعيون، إن استقلال السلطة القضائية بالمملكة المغربية اليوم هو حقيقة دستورية وقانونية. وأكد عبد النباوي في كلمة خلال افتتاح ملتقى العدالة الثاني لمدينة العيون المنظم من قبل هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، ومحكمة الاستئناف بالعيون، حول موضوع “استقلال النيابة العامة ودوره في مسار استقلال السلطة القضائية”، على ضرورة تعاون الجميع “من أجل جعل هذه الحقيقة الدستورية والقانونية، حقيقة واقعية كذلك”، مضيفا أن جعلها “حقيقة واقعية معاشة وملموسة، يتطلب أن يلتزم كل طرف من الأطراف السلطوية والمجتمعية بمضمون الدستور”. وأوضح خلال اللقاء المنظم بشراكة بين وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة ومحكمة النقض، وجمعيات هيئات المحامين بالمغرب، أن الوثيقة الدستورية نصت على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وجعلت جلالة الملك ضامنا لهذا الاستقلال، وهو ما يقتضي استحضار العمق الفلسفي لفكرة الاستقلال، موردا أن استحضار أهميتها في نظر القانون الأساسي للمملكة، يكمن في إيكال حمايتها للجهة الأسمى في البناء الدستوري للدولة، على غرار حماية الوطن والقيم العليا للدولة ومقدساتها، والتي أناط الدستور حمايتها بجلالة الملك، كضمان حرية ممارسة الشؤون الدينية وضمان دوام الدولة واستمرارها واستقلال البلاد وحوزتها والاختيار الديمقراطي وتعهدات المملكة الدولية. وأضاف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة خلال ذات التظاهرة العلمية المنظمة بتعاون مع المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بالعيون، أن تجسيد الاستقلال الدستوري للسلطة القضائية إزاء السلطتين المذكورتين منوط “باحترام هذا الاستقلال شكلا ومضمونا ، مع مراعاة حدود التعاون بين السلطات”، مستشهدا بقرارات للمجلس الدستوري، ث م المحكمة الدستورية، من خلال الفصل 134 من الدستور. وخلص إلى أن موضوع استقلال القضاء، موضوع مجتمعي بامتياز، يجب على كل مواطن أن يستحضر مفهومه وأبعاده ومراميه، وأن يستوعب الغاية من إقراره، وبالضرورة فإنه “آنذاك سيعمل على دعمه والمساهمة في تحقيقه”. من جانبه أكد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مصطفى فارس، على ضرورة أن تطال المواطن اليوم، آثار ونتائج استقلال السلطة القضائية، ومنه استقلال النيابة العامة “في آليات حل نزاعاته، وفي تدبير مشاكله وتنظيم علاقاته القانونية والواقعية مع باقي الأفراد والجماعات والمؤسسات”. وشدد فارس في كلمة تلاها نيابة عنه رئيس شعبة التواصل بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد الخضراوي، على أن الأمر يتجلى في تحدي تكريس الثقة الموطدة للأمن القانوني والقضائي، ويتمثل في “إشكالات معقدة فرضتها علينا عولمة القيم والعلاقات، وتطالبنا بكثير من التبصر والتجرد والشفافية، وتحديات تدبير العلاقات وتنظيم المؤسسات والسلط، وتطالبنا بمد جسور الحوار والتواصل ووضع آليات الحكامة الجيدة والتدبير المعقلن”. وأوضح أن التحديات ذات الطبيعة القانونية والمهنية والحقوقية والتنظيمية والإدارية، بالإضافة إلى العقليات، يجب أن “تستوعب هذه المتغيرات وتعي الإكراهات وتحدد الأهداف وترصد الإمكانات بكل موضوعية واعتدال”، مؤكدا أن المتتبع الموضوعي سيقف على مسلمة تبدت “أننا كسلطة قضائية بكل مكوناتها استطعنا خلال فترة التأسيس أن نبرهن عن عمل دؤوب ودينامية واضحة من خلال الاشتغال على أولويات وأوراش إصلاحية هامة رغم كل الصعوبات والتحديات”. وخلص إلى أن مرحلة التأسيس استهدفت تفعيل معايير الشفافية والنجاعة والحكامة والتخليق في إطار مخطط استراتيجي واقعي واضح الرؤية ومحدد الأهداف، من أجل إرساء عدالة حديثة قوية مستقلة تكون في خدمة المواطن. حضر الجلسة الافتتاحية للملتقى، على الخصوص، وزير العدل، محمد بنعبد القادر، ووالي جهة العيون-الساقية الحمراء، عامل إقليمالعيون، عبد السلام بكرات، ومسؤولون مدنيون وعسكريون. ويتناول الملتقى مواضيع تتعلق أساسا ب”استقلال النيابة العامة ودوره في ضمان الحريات الفردية والجماعية”، و”دور استقلالية النيابة العامة في تكريس استقلال السلطة القضائية بالمغرب”، و”حياد القاضي بين القانون وإكراهات الممارسة”.