في بلدة طريفة الإسبانية، وأيضا في الجزيرة الخضراء، عندما ينظر السكان الإسبان إلى ما وراء الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، فإن أكثر ما ينتصب أمامهم هو جبل كبير يعطي الانطباع بأنه سيغلق هذا البحر في أي وقت جبل موسى، الجبل الذي يقال إن جيوش الفاتحين، بقيادة طارق بن زياد، تجمعت فيه قبل أن تنطلق نحو سواحل شبه الجزيرة الإيبيرية، تحت هذا الجبل تنتصب القرية البحرية الوديعة، النائمة في مياه المضيق، والتي نادرا ما يلتفت الناس إلى تاريخها وشموخ نفسها هذه القرية يسميها الناس عادة «بليونش»، والتي تحتفظ بتاريخ خاص، فهي التي أغرت أمراء الأندلس بترك قصورهم في غرناطة وقرطبة وإشبيلية واللجوء إليها لنسيان هموم الحكم ومتاعب السياسة كان أمير قرطبة، المنصور، يتردد على قرية «بليونش» باستمرار، مثلما كان يفعل أمراء آخرون، وجمالها تغنى به شعراء كثيرون خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين، وهي الفترة التي عرفت فيها هذه القرية البحرية أزهى مراحل تاريخها اليوم توجد قرية بليونيش على مرمى حجر من سبتة، والعلم الإسباني يرفرف على مقربة منها، وعلى يسارها وخلفها جبل ينطح السحاب هو جبل موسى، وعلى مرمى حجر صخرة جبل طارق، وأمامها بحر يتحداك أن تجد مثيلا له في مكان آخر، وفي سمائها يحلق التاريخ جنبا إلى جنب مع الأساطير جنة المغرب المنسية تعاني اليوم في صمت، تفتقر الى ابسط متطلبات التنمية، اللهم بعض المحاولات اليائسة من شباب اغرموا بجمالها لفك عزلتها " نادي الدلافين للغوص كمثال" ويكفي ان تدردش لبرهة مع احد أبناء المنطقة لتكتشف حجم المعانات، و لعل الرسالة التي تتوصل بها من شركات الاتصال المغربية التي تتمنى لك سفرا جيدا خارج أرض الوطن، و تتحول التعرفة الى دولية عندما تخطوا داخل حدودها أكبر دليل على النسيان الذي يطالها رياضة الغوص تعتبر المتنفس الوحيد للمنطقة، و التي تحاول ان تجتتها من براثين النسيان، لتحولها الى قبلة سياحية تنعش اقتصادها النائم، و الذي يعيش على فضلات سبتةالمحتلة وأكد الكتاني رئيس نادي الدلافين الذي ينشط بالمنطقة انهم بالإضافة الى الجانب الرياضي، فإن هدفهم الأول هو التعريف بمؤهلات المنطقة الطبيعية، و التي لن تجد لها مثيل في أي مكان اخر من مناظر خلابة فوق و تحت الماء، و تحويلها الى قبلة سياحية تنافس مدن شهيرة لا تتوفر على نصف ما تزخر به القرية واعتبر الكثاني ان تنمية المدينة لا يمكن ان يحدث الا اذا لعبت كل الفعاليات دورها في التعريف بها، و الحفاظ عليها، حتى يتسنى لسكان المنطقة الاستفادة و ضمان عيش كريم بعيدا عن التبعية لسبتة المحتلة