بعد الانتخابات النيابية السابقة، تطلب تكوين الفريق الحكومي أكثر من شهرين كاملين، لصعوبة التوافق بين أحزاب أغلبية ظرفية وشخصيات إضافية بدون ألوان حزبية أو تم تلوينها يوم استوزارها! فرضوخ توزيع الحقائب لترضية الأشخاص بدل خضوع الأشخاص لدقة مسؤولية القطاعات الوزارية. كالملحن الذي يطلب من صاحب الكلمات إخضاعها لتوزيع موسيقي مسبق! وعلى نفس المنوال تم فتح باب الترشيحات مرة ثانية، بعد انسحاب الوزراء الاستقلاليين، باستثناء وزير واحد، فضل البقاء على أرضية الملعب بعد الاستغناء عن قميصه الحزبي. لنصل اليوم إلى ضرورة تعديل ثالث يطرح الخيار بين الاكتفاء بملء المقاعد الفارغة أو استغلال الفرصة لإعادة نظر جذرية في كل المحتوى التنظيمي للجهاز التنفيذي للمرور من حل ترقيعي يجيب عن سؤال آني حول «من سيعوض من؟» إلى تغيير تنظيمي حول «من سيقوم بماذا»، بدل «ماذا سنقدم لإرضاء من؟». على هذا النحو، تبدو ضرورة إعادة النظر في التركيبة الحكومية الحالية، انطلاقا من شرط الكفاءات الحزبية أو التقنوقراطية الضرورية لتحقيق الإصلاحات الجذرية التي تنتظر المنظومات التربوية والتعليمية والتكوينية والاستشفائية والقضائية والضريبية والأنسجة الإنتاجية المقاولاتية التنافسية. لأن باقي الشؤون الإدارية لتصريف الأعمال اليومية لها ما يكفي من الأطر الوزارية التي تعرف الوزارات أكثر من الوزراء! فقد حان الوقت للتخلي عن تسميات وزارية فضفاضة، على حساب مسميات إرادية وناجعة، من أجل تركيبة عضوية أكثر ملاءمة مع حاجيات البلاد، قبل ترضية بعض الفئات! ولأن المسميات أهم من الأسماء، يمكن استغلال تكوين فريق بنكيران III للأخذ بعين الاعتبار عدة معطيات موضوعية: - أولا، ليس من الضرورة تعويض منصب وزير الدولة، لأنه كان واضحا منذ الإعلان عن الطبعة الحكومية الأولى أن المنصب وُجد (بضم الواو) من أجل المرحوم محمد باها، نظرا لعلاقته الإنسانية السياسية الحزبية مع رئيس الحكومة المعيَّن. ولأن المنصب في حد ذاته لا وجود له في النص الدستوري الذي ينص في فصله 87 أن «الحكومة تتألف من رئيس الحكومة والوزراء». بدون أدنى إشارة إلى وزارة الدولة! - ثانيا، يمكن الاستغناء عن وزارة ناطقة باسم الحكومة ومكلفة بالاتصال. في ما يخص النطق باسم الحكومة، إما بترك المهمة للإعلام المكتوب والإلكتروني والسعي البصري، انطلاقا من قصاصات وكالة المغرب العربي للأنباء. أو إذا كان ولابد إسناد المهمة إلى أي وزير تضاف إلى حقيبته، على غرار الوزير الفرنسي الحالي المكلف بالفلاحة وناطق باسم الحكومة! أما شطر الاتصال فيمكن إلحاقه بوزارة الثقافة، حتى بدون ذكره كما هو الحال الآ في الحكومة الفرنسية، باعتبار أن الاتصال أو التواصل صار مسؤولية كل قطاع عمومي أو خصوصي وليس حكرا على وزارة معينة، وباعتبار الشطر «الإعلامي» في الاتصال شأنا يخص الإعلاميين في بلد الانتقال الديمقراطي! - ثالثا، إعادة النظر في تسمية وزارة «التشغيل» الحالية، بالرجوع إلى اختصاصها أساسا بميدان «الشغل» احتراما لصواب الاصطلاح الدقيق بين الشغل (Travail) والتشغيل (emploi) الذي يهم في تعريفه الثاني كل الاستراتيجية الحكومية المتعلقة بالشروط التنموية لخلق فرص تشغيل عمومي وخصوصي. وهذا ما لا يقدر عليه القطاع الحالي المحدود في الشغل والمدعى التشغيل! - رابعا، الرجوع إلى ضم التعمير للسكنى، إذ يستحيل تركهما مشتتين على وزارتين، مع احتمال تباعد مسطري ومنهجي بين وضع شروط التعمير وإعداد التراب الوطني وتمكين التهييء الميداني الترابي للوعاء العقاري الضروري لكل مجهود إسكاني، لأن مصلحة البلاد أهم من إرضاء وزيرين متشبثين بحقيبتي نفس الإشكال المتكامل الحلول. مع الابتعاد عن شعار «سياسة المدينة»، لأنها تخص كل الفاعلين الاقتصاديين والممثلين المنتخبين والمسؤولين الترابيين. من أجل تناسق لا مركزي ولا تمركزي، في بعده الأفقي- العمودي، الوطني - المحلي والجهوي، بنهج تنموي مندمج، محتاج إلى تفاعل وتقارب وتشارك وتكامل الكل، كل يوم، في كل مكان!