نظم آلاف المغاربة على موقع "فيسبوك" حملة احتجاج هي الأولى من نوعها على أسعار مكالمات الهاتف النقال المرتفعة في المغرب، ولقيت الحملة التي شارك فيها الآلاف تعاطف الناس واهتمام الإعلام، إضافة لدعم بعض جمعيات المستهلكين في مبادرة تعتبر الأولى من نوعها أطلق آلاف المغاربة اليوم الأحد (30 مايو/ أيار 2010) على الموقع الاجتماعي "فيسبوك" حملة تدعو إلى تنظيم يوم وطني لإغلاق الهواتف النقالة، وترمي هذه المبادرة حسب منظمها أناس الفيلالي إلى دفع الفاعلين وأصحاب الشركات في ميدان الاتصالات إلى تخفيض سعر مكالمات الهاتف النقال التي تعد الأغلى بين الدول العربية حسب تقرير أعدته مجموعة " المرشدون العرب" المتخصصة في أسواق الاتصالات والإعلام العربية. وتتراوح تعريفة المكالمات بين 3.60 درهم (0.32 يورو) و 4.80 درهم (0.43 يورو) للدقيقة داخل المغرب، وما بين 7.80 درهم (0.70 يورو) و 25 درهم (2.27 يورو) للدقيقة إلى الخارج. في هذا الصدد يقول أناس الفيلالي صاحب هذه المبادرة إن ارتفاع سعر تعريفة الهاتف النقال يجعل الفاعلين في هذا القطاع يحققون أرباحا خيالية، ولهذا فمن الضروري القيام بخطوة فعالة لإيجاد حل لهذا الأمر حسب تعبيره، وأضاف أن الحل بيد المستهلكين إلى حد كبير، لأن وسائل الإعلام المغربية تفضل عدم انتقاد الفاعلين في هذا القطاع كونه يشكل أحد أهم الموارد المالية بالنسبة لها، وأضاف الفيلالي: "الدولة مستفيدة كذلك من هذا الأمر عبر الضرائب المفروضة على شركات الاتصالات، كما أنها مساهمة في إحدى هذه المقاولات". وفي ظل هذا الوضع يجد صاحب هذه المبادرة أن الحل بين أيدي المستهلكين المتضررين. ولهذا فقد فكر في تنظيم الحملة عبر "فيسبوك"، والتي انطلقت قبل أسبوعين وانضم إليها أكثر من 35000 شخص. وتم اختيار يوم الأحد حسب الفيلالي لضمان انخراط أكبر عدد من الناس، ولرمزية هذا اليوم، لأن المبادرة لا تهدف للدخول في مواجهات مع شركات الاتصالات حسب رأيه، واستدرك قائلا: " نحن في حاجة إلى هذه الشركات كما أنها في حاجة إلينا، ولكن إذا لم نحقق أهدافنا عبر هذا اليوم فسنصعد الحملة، وقد نطالب المشاركين بعدم تعبئة هواتفهم النقالة لمدة معينة". " لا أريد أن أصبح البقرة الحلوب لشركات الاتصالات" أناس الفيلالي صاحب مبادرة حملة الاحتجاج على أسعار مكالمات الهاتف النقال في المغرب تراوحت تعليقات المنضمين إلى هذه "المجموعة الفيسبوكية" بين التعبير عن الغضب من شركات الاتصالات، والتعاطف مع هذه المبادرة التي اعتبرها بعضهم خطوة سباقة ومهمة قد تغير من تعريفة المكالمات في المغرب، وأكد آخرون أن الهاتف النقال أصبح ضرورة قصوى،وأن شركات الاتصالات تستغل هذا الأمر لتحقيق أرباح خيالية. وطالب بيان المجموعة على "فيسبوك" الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات بالانخراط في فرض تخفيضات حقيقية، وأثمان تنافسية، كما وعدت بذلك سابقا حسب نص البيان، الذي تضمن كذلك بعض الشعارات من قبيل " لأن قراري بيدي أغلق هاتفي النقال طيلة يوم الأحد لأبرز دوري ووجودي كمستهك"، " لا أريد أن أصبح البقرة الحلوب لشركات الاتصالات بدفع أسعار مكالمات أعلى من جميع الدول العربية". وبهذا الخصوص قال عبد المجيد فاضل، أستاذ مادة الاقتصاد بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، إن أي حملة تأتي من طرف المستهلكين، وتمس أي مقاولة يكون لها تأثير عليها، كما أَضاف أن امتناع عدد من المشتركين في نفس اليوم عن استعمال الهاتف النقال سيمثل خسارة بالنسبة لشركات الاتصالات، والأمر سينجح كلما انخرط أكبر عدد من المشتركين في هذه الحملة، وأوضح أن وضعية الاتصالات في المغرب مغايرة عن باقي الدول العربية الأخرى كتونس والجزائر، وأضاف بأن "هذه المبادرة التي اتخذها المستهلكون قد تكون خطوة أولى لتشكيل هيئة للدفاع عن حقوق المستهلكين، لأن الجمعيات الموجودة لازالت غير مهيكلة بطريقة لها نفس القوة التي نجدها في الدول الأخرى". اهتمام إعلامي محلي ودولي بالحملة #b# لقيت هذه الحملة دعم بعض جمعيات المستهلكين في المغرب. كما لقيت اهتماما واسعا من قبل وسائل الإعلام الدولية والمغربية التي تحدثت عن اليوم الوطني لإغلاق الهاتف النقال وعن امتعاض المغاربة من ارتفاع أسعار المكالمات، كما تطرق بعض البرلمانيين إلى هذه النقطة، الأمر الذي يراه أناس الفيلالي خطوة مهمة جدا ستقوي مكانة الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات عند تفاوضها مع الفاعلين في ميدان الاتصال حول سعر المكالمات. وأوضح الفيلالي أنه كان يتوقع مشاركة العديد من الأشخاص في هذه المجموعة بعد أن أطلقها على "فايسبوك"، لكنه لم ينتظر الانخراط الفعال للمنضمين لها، واتخاذهم من المبادرة كقضية شخصية، فالبعض أنجز رسوما كاريكاتورية حول الموضوع، بالإضافة إلى التعليقات المساندة للحملة ومشاركتهم في إرسال أكبر عدد من الرسائل الإلكترونية للمشتركين في "فيسبوك" لكي ينضموا إلى الحملة. وفي حديثه عن الإشكال الأساسي لتعريفة المكالمات المرتفعة أعزى عبد المجيد فاضل ذلك إلى عدم وجود منافسة حقيقية بين شركات الاتصالات التي قد تكون متفقة ضمنيا على الاحتفاظ بالأسعار المرتفعة حسب فاضل الذي أضاف: " كان من المفروض خفض الأسعار مع اتساع رقعة المنخرطين بهذه الشركات، لأنه لا يعقل أن تحقق هذه الشركات هامشا للربح يصل أحيانا إلى 30 بالمائة، وهذا هامش مرتفع جدا إذا ما قورن مع باقي المقاولات التي لا يتجاوز هامش ربحها 10 في المائة". الجدير ذكره ان قطاع الاتصالات في المغرب يمثل أهم القطاعات المدرة للأرباح، إذ يبلغ عدد المشتركين في الهاتف المحمول زهاء 25 مليون مشترك وفق إحصاءات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.