كل المؤشرات تدل، بعد اليوم الرابع من الثورة الشعبية في مصر، على أن نظام الرئيس حسني مبارك هو قاب قوسين أو أدنى من السقوط، إلا بحبل من الله أو حبل من الناس، لكن يبدو أن الحبل الأمريكي قد انقطع بعد أن أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن "القلق الشديد" بشأن الأحداث الجارية في مصر داعية الحكومة إلى احترام حقوق شعبها وإعادة تشغيل خدمات شبكات الإنترنت والمواقع الاجتماعية. وتعتبر هذه التصريحات الأكثر انتقادا للحكومة المصرية التي يصدرها البيت الأبيض منذ اندلاع التظاهرات في كبريات المحافظات المصرية قبل أربعة أيام، تصريحات دفعت رئيس أركان الجيش المصري إلى قطع زيارته إلى واشنطن والعودة أدراجه إلى مصر، مما يؤشر على تخلي واشنطن عن دعم نظام حسني مبارك أو على الأقل ثريت الإدارة الأمريكية حتى لا تتورط في دعم نظام آيل إلى السقوط. وكان الرئيس المصري قد أرسل وزير دفاعه محمد حسين طنطاوي إلى واشنطن لطلب الدعم الأميركي العاجل ضد حركة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، حيث حذر من أن النظام سينهار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتظاهرين. بعبارة أخرى ذهب مبعوث مبارك إلى واشنطن لأخد الضوء الأخضر من الأمريكيين لإعطاء الأوامر للجيش لسحق المظاهرات الشعبية بالحديد والنار. هذا وقد نشبت النيران في مقر الحزب الوطني الحاكم في القاهرة، وبدأت أعمال من السلب للبنك العربي المجاور لمقر الحزب، فيما نزلت قوات الجيش إلى شوارع الإسماعيلية في تحرك لضبط الأوضاع. كما انتشرت العديد من عربات الجيش حول مبنى الإذاعة والتليفزيون واتجهت عربات أخرى لتأمين قصر الرئاسة بمصر الجديدة. ويأتي انتشار الجيش في الشوارع بعد أن أصدر الرئيس حسني مبارك، بصفته الحاكم العسكري للبلاد، قرار فرض حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد اعتباراً من الساعة السادسة مساء وحتى السابعة صباحاً. وذكرت وكالات الأنباء الدولية مساء اليوم الجمعة أن المئات من المتظاهرين نزلوا إلى شوارع القاهرة بعد الوقت المحدد لبدء حظر التجول، في تحد صريح لقرار الرئيس مبارك مما ينذر بوقوع مجازر ضد المواطنين إذا ما قررت قيادات الجيش المصري تنفيذ أوامر مبارك بتطبيق قرار حظر التجول بحذافيره. من جهة أخرى وبعد أن فقدت البورصة المصرية نحو 70 مليار جنيه (12 مليار دولار) في آخر جلستين، تحدث بعض المصادر عن تهريب رجال أعمال أموالهم إلى الخارج، في حين أكد مصرفيون زيادة حجم سحوبات في حجم الودائع من كافة البنوك فى مصر منذ بداية المظاهرات قبل أربعة أيام. وقال الإعلامي المصري البارز عماد أديب، في حوار تلفزيوني بثته قناة "دريم"، إن عدداً من رجال الأعمال هرّبوا أموالهم خارج البلاد، عقب المظاهرات التي اندلعت الثلاثاء الماضي. وأشار إلى أن التنمية الاقتصادية في مصر قامت على يد 72 بالمائة من القطاع الخاص، مشيرا إلى أنه في حال تطور الموقف فإن بعض رجال الأعمال سيهربون إلى الخارج. سقوط العشرات بين القتلى والجرحى واتساع رقعة المواجهات بين المتظاهرين والشرطة ونزول الجيش إلى الشوارع وتسارع الأحداث بشكل فاق كل التوقعات، كلها مؤشرات تدل على أن نظام حسني مبارك لن يصمد طويلا في وجه الثورة الشعبية التي تطالب برأسه، اللهم إذا حدث أمر غير متوقع مثل تدخل غربي بذريعة حماية الأقباط أو شيء من هذا القبيل.