امتحنت إنسانيتي، وكنت على طبيعتي فتحرك الإنسان في داخلي، أمام مشهد يبكي العين دما والقلب ينزف قطرات الألم والحسرة على فتاة في مقتبل العمر تتمزق وتتقطع ألما في قسم المستعجلات ويا ليته كان كذلك لأنه لا يحمل من الصفة إلا الاسم. حكاية هذه الشابة المسكينة التي وجدت نفسها يوم الثلاثاء 28122010 أمام كائنات غريبة تشتغل في قطاع الصحة، أو تواجدت في المكان والزمان الخطأ لأنها تصادفت مع موظف فوق العادة يدخل ويرفض من يشاء حسب مزاجه أو حسب لون ربطة عنق الزائر... فالموظف الذي يشتغل في مصلحة شواهد الاحتياج كان صراحة بطل أو رجل ذلك اليوم، لأنه استطاع أن يستفز مريضة رجلها اليمنى في الآخرة والرجل اليسرى في مستشفى محمد الخامس حيث لا شيء اسمه احترام الإنسان ولا المواطن ولا حتى المريض. الفتاة حكت لي أنها أجرت عملية غير ناجحة على يد دكتور لا تجمعه بالحالة التي تعاني منها إلا الخير والإنسان، ولهذا فإنها عاودت الكرة بعد ما يقارب 15 يوما وزارت المستشفى المشؤوم وكان هذا الموظف الذي أصنفه في لائحة المصابين بالأمراض والعقد النفسية في استقبالها، فمدت له وثائقها كباقي المواطنين مع العلم أنها دخلت من باب المستعجلات وحالتها تستوجب التدخل المستعجل دون التقيد بمسطرة الإجراءات، إلا أن عبقرية هذا الموظف سمحت له بابتزاز هذه المريضة، حيث طلب منها مجموعة من الوثائق ومدته المسكينة رغم مرضها بجميعها، ولكن عندما تعلق الأمر ببطاقة التعريف الوطنية سلمت له نسخة من جواز سفرها مع العلم أنها بنفس النسخة أجريت لها العملية...ولكن على ما يبدو أن صاحبنا الموظف لم يكن على مزاجه وطلب منها أن تشرب من ماء البحر وأن تنصرف من أمامه حالا. هكذا بدأت صرخات المسكينة التي امتزجت بالألم والإحساس بال"حكرة" بعد شعورها باختناق وضيق في التنفس، لن أكذب إذا قلت أن بدني اقشعر حين سمعت تلك الصرخة البريئة التي تلتها موجة هستيريا وبكاء. تقول لي الفتاة "الشمبت وفاء" ضحية إدارة هذا المستشفى والألم يفتك بجسدها النحيل، لماذا هذا التعامل معي، هل لأني فقيرة ومغلوبة على أمري أم لأن أبي لم يكن يلبس ربطة عنق؟؟ بعد هذا الصراخ تدخلت إحدى الفاعلات الجمعويات التي تواجدت بالصدفة بعين المكان وطالبت من الأطباء والمسؤولين التدخل لإنقاذ هذه الحالة إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا وكأن الفتاة التي تتقطع ألما على الأرض ليست بشرا... في هذه الأثناء لاحظت توجه شخص لم أعرف أنه موظف في مصلحة الأداء والصندوق إلا فيما بعد، لأن هندامه كباقي المواطنين ولا يحمل أية بطاقة ولا "بادج"، هذا الرجل "الخارق" توجه صوب أب الضحية وبدأ يوجه له كلاما قل من احترام الوالد أمام ابنته وزوجته، هذا الكلام الجارح جعل الأب ينتفض في وجه الموظف ويحتج عليه، إلا أن هذا "الخارق" دخل في شجار بالأيدي معه، وتدخلنا نحن طاقم الجريدة الذي كان متواجدا مصادفة لتهدئة الأمور، حتى الفتاة المريضة تدخلت لحماية أبيها لكنها المسكينة سقطت مغمى عليها بعدما تعرضت للدفع بعنف وقوة من طرف ذلك الموظف، نفس الرجل الخارق توجه نحوي "ليشبعني ضربا" كما جاء على لسانه، لكن الزملاء تدخلوا من جديد وأمام الفوضى والضوضاء التي أثارها هذا الموظف الذي لا يستحق هذه الصفة لأنه يقلل من شأنها واحترامها، تجمهر العديد من المواطنين والأطباء والمستخدمين، في هذه الأثناء أشهرت صفتي وهاتفي في وجه الأطباء علهم يتحركون لكن لا حياة لمن تنادي. وفي نفس الوقت التحق المدير الفاشل بعد تلقيه مكالمة من طرف مندوب الصحة بفاس يحذره من تطور الأمور ولأن المدير يغلبه النوم أحيانا فلم يفطن بما كان يجري داخل مؤسسة هو من يتحمل فيها المسؤولية المباشرة، والذي لم أعرفه أيضا لأنه ظل واقفا لا يتفوه بكلمة وهندامه كباقي عباد الله لا "بادج" و"لا هم يحزنون"، بعد ذلك توجه إلى فرد من طاقمنا يعاتبه على مكالمته للمندوب. أمام هذا السيناريو وحينما استشعر المدير تواجد طاقم جريدة "أخبار الريف" قام بتسخير مجموعة من المواطنين وقيل لنا فيما بعد أنهم أيضا موظفون في المستشفى، لم أفهم كيف لموظف في مستشفى جهوي لا يحمل "بادجا" لكي تميزه عن باقي المواطنين، هؤلاء قاموا بالتهجم علينا وتوجيه إهانات إلى طاقم الجريدة وإلى الصحافة المحلية وانتقصوا من قيمتها وفعاليتها. وفهمت أن هذه محاولة من الإدارة للالتفاف على القضية الأهم، قضية الخطأ الطبي الذي تعرضت له الضحية وفاء ومنعها من الدخول إلى قسم المستعجلات رغم الحالة التي كانت عليها. أمام إصرار رئيس الأطباء ومعه موظفات لا يحملن هن كذلك من الصفة إلا الاسم التهجم علي وكأنني أنا الذي افتعلت هذا المشكل، هذا ما اعتبرته هروبا إلى الأمام من طرف الإدارة لإقحامي في صراع لم يكن لي فيه لا ناقة ولا جمل، استمر شد الحبل على حاله إلى أن حضرت الشرطة وبرفقتهم رئيس دائرة الديمومة، وبين تباكي الإدارة والموظفين المظلومين وتلفيق تهم لي أمام رئيس الدائرة في غرفة داخل المستشفى قام هذا الأخير بحجز بطاقتي الوطنية والمهنية، وفي الأخير الكل توجه نحو مقر الدائرة الأمنية بالحسيمة، هناك حيث اتهمت بإهانة موظف وإثارة الفوضى في مؤسسة عمومية، وفي انتظار امتثالي أمام النيابة العامة أتمنى الشفاء العاجل للمواطنة وفاء ضحية لامبالاة ولا مهنية بعض الأطباء والمستخدمين في المستشفى الجهوي بالحسيمة. ونجدد عهدنا لقراء جريدتنا الأعزاء أننا لن نحيد عن خطنا التحريري وسنستمر في فضح هذه الكائنات الغريبة التي تشتغل في قطاع حساس اسمه الصحة ولن يفاجئنا كل هذا ما دام على رأس هذه الوزارة وزيرة استقلالية لا تتقن شيئا سوى الابتسام أمام الكاميرات، ولن أفوت هذه الفرصة دون أن أطلب من مدير المستشفى تجديد تقديم استقالته حالا وعاجلا، بعد أن رُفضت له سابقا، فربما برحيله ستتغير عقلية الإدارة التي تنتمي للعصور الوسطى.