يعتبر مجال التأطير والمراقبة من المجالات التي لا مناص من إسنادها الى جهاز التفتيش, ليس من باب الاحتكار ولا من باب التسلط ولا من باب التحكم. إنما وكما هو حال الأستاذ الذي يقدم التكوين والتربية والتعليم اللازم لتلامذته, ليقيم ويقوم بعد ذلك مدى استيعابهم ودرجة تمكنهم ونسبة الاختلال التي تحتاج الى ترتيب ودعم . المقارنة هنا مع الفارق بطبيعة الحال,إنما ليعلم كل متتبع أن المؤطر هو الذي يقوم بالتتبع والتقويم والذي يتجلى في المراقبة. وإن كان البعض قد يختزل التأطير في تلك التكوينات وفي تلك الدريهمات التي يتلقاها المؤطرون , فإن الغرض أسمى من طمع وجشع,بل هو عمل دؤوب وتتبع شاق لعمليات تتلوها عمليات , لإصلاح ما يمكن إصلاحه وتقويم الاعوجاجات. فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما تسند مهما تأطير الاداريين الجدد في مجال التدبير المالي والمادي الى غير ذوي الاختصاص , فكأنما نصب الماء في الرمل “ولعل الفاهمين فهموا ما قصدته". التأطير بمعناه الشمولي – التكوين والتتبع والمتابعة والتصحيح – إنما يجب إسناده الى الطرف الذي يتولى الرقابة فيما بعد , ليستطيع التعرف على منابع الخلل لتصويبها ومراكز القوة لتقويتها.ولعل بعض المسؤولين المركزيين إنما يغازلون بعض الجهات لا حبا فيها,إنما للنيل من بعض مطالبها عن طريق إسالة اللعاب بكلمات مجرد مراوغات بعيدة عن حقيقة المجريات . بل أكثر من ذلك كنا دائما ننادي بضرورة منح مهمة التكوين سواء منه الأساسي أو المستمر لكل من توفرت فيه الكفاءة اللازمة وتوفر لديه مسار مهني ومعرفي وأبحاث, قادر بها أن يقدم للمستفيدين ما يمكن أن يساهم في تنمية قدراتهم التدبيرية على أي مستوى كان . ولعل الواقع يثبت تهافت الكثير على تكوينات رغم قلة زادهم . ليس التكوين المستمر مجرد مجزوءة نقلت ونحلت نحلا ,ثم عرضت عرضا ,وإنما طريقة تحضيرها وطريقة بحثها وطريقة تقديمها وطريقة التواصل عبرها وطريقة استنتاج عبرها – بكسر العين وفتح الباء-.... هي التي يجب أن تتوفر في عارضها أيا كان إطاره . لكن التأطير الميداني لا بد أن يبقى بيد هيئة التفتيش على اعتبار دورهم في تتبع كل العمليات ومدى تطبيقها على واقع المجريات , ومراقبة مستوى التطبيق من حيث درجة التمكن والتحكم والتلاؤم والتنزيل . إن ما يثير الشك لدى مسؤولينا عندما يتحدثون عن ربط عملية الدعم التربوي الخاص بالأساتذة بأطر التأطير والمراقبة. فعن أي دعم يتحدثون ؟ وهل نحن بصدد قاصرين نريد ادماجهم؟ أم جانحين نريد توجيهم ودعمهم؟ إنهم رجال التربية من الأساتذة الذين قضوا سنوات واكتسبوا من الخبرات ما هو كاف لتحمل المسؤوليات.وإن كان التعليم متعثرا هنا وهناك. فمن الخطأ البحث عن كبش فداء كما عودنا مسؤولونا.وإنما للقضية جذور ومسؤوليات تصل الى عدة مستويات. رجل التعليم الحالي هو رجل التعليم بالأمس.تخرجت على أياديه فئات وفئات , وكانت عالية المستويات وغزيرة التكوينات.فهل تحولوا بقدرة قادر الى عجزة في حاجة الى دعم كما يدعي البعض؟ أم أن المعضلة أفضع وأعظم من ذلك؟ ولعل ما يثير الانتباه محاولة المسؤولين النيل من جهاز التفتيش من خلال محاولة اعداد مشروع لهيكلته بشكل لا يتوافق مع طبيعتها ويسقطها من جديد في دائرة مفرغة من جراء مفتشيات عامة غير فاعلة, ومن جراء مجلس تنسيق مركزي ولد ميتا ومن جراء مجالس تنسيق جهوية وإقليمية شكلية صورية تابعة شبه نائمة لا تسمن ولا تغني من جوع. في حين كان عليهم اعطاء مبدأ الاستقلالية ما يستحق من وسائل ودعامات , عن طريق مجالس جهوية واقليمية, ارتباطا مباشرا مع مفتشية عامة قوية فاعلة قادرة على اتخاذ قرارات حازمة من جراء التقارير التي تتوصل بها من مجلس جهوي فاعل مستقل يملك من المؤهلات والتشكيلة ما يجعل منه قوة ضاربة لكل أشكال الفساد. بدل اللغم الذي تهيؤه وزارتنا من خلال تقسيم المفتشين الى فريقين : فريق يضم المفتشين التربويين وومفتشي التوجيه ويتبع للمفتشية العامة للشؤون التربوية, وفريق يضم مفتشي المصالح المادية والمالية ومفتشي التخطيط ويتبع للمفتشية العامة للشؤون الادارية. – فأين العمل المشترك؟ وأين الاستقلالية التي تخدم الصالح العام من خلال رصد الخلل وفحصه وافتحاصه ؟ وأين هي المراقبة التي تحول دون تفشي مظاهر الفساد واللامسؤولية والتراخي والاختلاس والعبث ..... إن وجدوا ؟؟؟؟؟؟؟؟......